مواجهات بين قوميين وأكراد عشية الانتخابات التشريعية التركية

الشرطة فرقت الاشتباكات بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه

مواجهات بين قوميين وأكراد عشية الانتخابات التشريعية التركية
TT

مواجهات بين قوميين وأكراد عشية الانتخابات التشريعية التركية

مواجهات بين قوميين وأكراد عشية الانتخابات التشريعية التركية

تدخلت الشرطة أمس في شرق تركيا لوقف أعمال عنف اندلعت بين شبان قوميين وأنصار الحزب الكردي الرئيسي، بحسب السلطات، قبل أربعة أيام على الانتخابات التشريعية.
واندلعت أعمال العنف في أرضروم حين حاول ألف ناشط قومي الإخلال بمراسم لقاء عام نظمه رئيس حزب الشعب الديمقراطي (مناصر للأكراد) صلاح الدين دميرتاش، حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأدت المواجهات بين المجموعتين وتدخل الشرطة لتفريقهما بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه إلى إصابة 38 شخصا من شرطيين وأفراد من الجانبين بحسب حصيلة غير نهائية أعلنها محافظ أرضروم أحمد التيبارماك، على ما نقل الإعلام المحلي. وأحرق القوميون حافلة تابعة للحزب بحسب وكالة دوغان ما أدى إلى إصابة سائقها بجروح خطيرة.
وتأتي هذه الحوادث غداة مقتل سائق حافلة تابعة لحملة الحزب نفسه في بينغول شرقا، حيث الأكثرية من الأكراد، بعد إصابته برصاص ما زال مجهول المصدر.
وشهدت حملة الانتخابات التشريعية المقررة بعد غد في تركيا موجة أعمال عنف استهدفت حزب الشعب الجمهوري بشكل أساسي.
وفي الشهر الفائت وقع انفجاران في مقري الحزب في أضنة ومرسين جنوبا، أديا إلى عدد من الجرحى.
وأظهرت لقطات فيديو من وكالة دوغان للأنباء مئات الشبان بعضهم يحملون الأعلام التركية وبعضهم يكبرون وهم يحاولون الوصول إلى الساحة في مدينة أرضروم (أرض الروم) وهي معقل لحزب العدالة والتنمية حيث كان يتحدث دميرتاش.
وسقط بعض المحتجين الحواجز أرضا قبل أن تجبرهم الشرطة على التراجع باستخدام مدفع مياه على بعد عشرات الأمتار فقط من التجمع الانتخابي الذي حضره عدة آلاف من مؤيدي حزب الشعوب الديمقراطي.
وقالت صحيفة «حرييت» إن شاحنة صغيرة مزينة بأعلام حزب الشعوب الديمقراطي أشعلت فيها النيران وأصيب سائقها بحروق قبل أن يلوذ بالفرار. وأضافت الصحيفة أن ضابط شرطة أصيب بجروح في الرأس وأصيب بعض المحتجين أيضا.
ويخوض الحزب الانتخابات البرلمانية للمرة الأولى وسط جهود لإنهاء تمرد مستمر منذ 30 عاما من حزب العمال الكردستاني المتشدد.
ويتهم منتقدو حزب الشعوب الديمقراطي خاصة القوميين الأتراك الحزب بأن له صلة بحزب العمال الكردستاني، حسب ما ذكرت «رويترز».
ويحاول الحزب توسيع دائرة التأييد له خارج أصوات الأكراد واجتذاب المتعاطفين مع يسار الوسط لمساعدته في الحصول على نسبة العشرة في المائة التي يحتاجها لدخول البرلمان.
وإذا نجح في ذلك - كما تشير استطلاعات الرأي الأخيرة - فإنه سيعقد بشدة آمال حزب العدالة والتنمية في كسب أغلبية كبيرة بما يكفي لتغيير الدستور ومنح إردوغان السلطات التنفيذية الكاسحة التي يسعى إليها.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».