الخلايا الجذعية المشيمية بوابة الأمل لفقر الدم المنجلي والتلاسيميا

آن الأوان لـ«ثورة» في علاجهما

الخلايا الجذعية المشيمية بوابة الأمل لفقر الدم المنجلي والتلاسيميا
TT

الخلايا الجذعية المشيمية بوابة الأمل لفقر الدم المنجلي والتلاسيميا

الخلايا الجذعية المشيمية بوابة الأمل لفقر الدم المنجلي والتلاسيميا

على مدار السنين والباحثون في المجال الطبي يتطلعون إلى التعرف أو الوصول إلى طريقة لرفع الهم عن مرضى فقر الدم المنجلي، والبحث بعمق في الدراسات لمعرفة كيفية مساعدة المصابين بهذا المرض، لتسهيل الحياة عليهم وحجب إمكانية إصابتهم بعدوى جرثومية، وكذلك وضع حد للآلام المبرحة التي تعيق حياتهم اليومية.
وتصل نسبة الحاملين للعيب أو العطب الجيني الوراثي المسبب لهذا المرض في السعودية إلى 4 في المائة من السكان، بينما تصل الإصابة بالمرض إلى 25 حالة في العشرة آلاف، وهي نسبة مختلفة في مناطق المملكة، وتصل أعلى النسب في المنطقة الشرقية، حيث ترتفع نسبة من يحملون هذا العطب الجيني إلى 18 في المائة، أما نسبة الإصابة بالمرض فهي 12 حالة في الألف، أو 120 حالة في العشرة آلاف. وقد تنازل العدد بفضل الوعي الصحي الشعبي في التزاوج والتناسل.
وقد بحثنا قبل سنين طرق الكشف عن فقر الدم المنجلي والتلاسيميا للمواليد وأثناء الحمل، وقد قمنا في دراسة متابعة استغرقت 14 عاما بالكشف عن فقر الدم المنجلي بعد الولادة مباشرة. وقد أثبتت النتائج آنذاك وجود نسبة للهيموغلوبين (إس (S في دم الحبل السري بعد الولادة، وإذا وصلت هذه النسبة بين 3 - 9 في المائة؛ فهو مؤشر على أن المولود يحمل جينة فقر الدم المنجلي، وإذا زادت عن 10 في المائة فالمولود سيكون مستقبلا مريضا بالمنجلي، وقد نشر ملخص لهذا البحث في جريدة «الشرق الأوسط» (عدد 25 مارس/آذار 2008) آنذاك.
وقد سبرنا أغوار طرق تحسين المشورة الوراثية إن كان قبل الزواج أو بعده، ولم تقصر الحكومة السعودية في سن القوانين اللازمة لإجراء الفحوص قبل الزواج.

خلايا جذعية

وقد أصبحنا الآن أمام أعتاب العلاج بالخلايا الجذعية وتابعنا التفاعلات العلمية وسبل تطبيقها ورأينا الكثير من المحاولات في نقل نخاع الدم من متبرعين بعد إجراء تحاليل التطابق النسيجي، والكثير من المراحل العلاجية وما لها من تفاعلات سمّية، ورد فعل مناعي؛ وذلك بهدف درء حدوثها، إذ يكاد أن يكون بعضها حجر عثرة في الشفاء.
وكما نعرف فإن الخلايا الجذعية يمكن أن تتحول إلى أي نوع من خلايا الجسم، ومن هنا بزغت الفكرة. وحيث إن الخلايا الجذعية المشيمية تختلف عن تلك المأخوذة من النخاع الدموي فإن الخلايا الجذعية المشيمية غير مصنفة وليس بها شوائب خلوية ناضجة ولا تحمل جسيمات مناعية بعكس الخلايا الجذعية المأخوذة من النخاع والتي هي مصنفة دمويا وبها عدة أنواع من الخلايا الجذعية.
وبما أن طرق تحصيل وحصاد الخلايا الجذعية من المشيمة ذاتها تحتاج إلى طرق معروفة وممكنة، فلماذا لا نأخذ فقط الدم الموجود في حبل السرة وتجمعات الدم في المشيمة، والذي يحتوي على 85 في المائة من الخلايا الجذعية، وهذه جاهزة وبالإمكان جمعها بكل يسر، وحفظها أيضا يسير، وبالخصوص إذا كانت الحاجة إلى نقلها كالحاجة إلى نقل الدم، أي يومين إلى 15 يوما، حيث بالإمكان حفظها في برادات (ثلاجات) حفظ الدم.
ونحن لسنا بحاجة إلى إجراء مطابقة لأنها غير مصنفة مقارنة بالدراسة التي قادها معاهد الصحة الوطنية الأميركية NIH في عام 2009 لمجموعة من المرضى المنجليين ممن نقل لهم نخاع الدم، حيث اتضح أن 50 في المائة من المجموعة أوقفوا عن عمد العلاج المضاد للمناعة immune suppressant وحيث إنهم لم يوجهوا أي رد فعل مناعي gaft versus host disease وحتى بعد أربع سنوات من إيقاف العلاج أو أي رفض عضوي بل إن كلا النوعين من الخلايا الجذعية المنقولة والمنجلية تعايشا بسلام chimerism. والسبب برأينا أن المريض المنجلي غالبا ما تكون مناعته ضعيفة.
وقد قمنا بصياغة الفكرة في كتاب تحت اسم: «الخلايا الجذعية المشيمية بوابة الأمل لفقر الدم المنجلي والتلاسيميا» وهو من منشورات «دار الأدب العربي». وفي هذا السياق، نقترح تجهيز بنوك خلايا جذعية من المشائم السليمة التي تولد كل يوم وفي جميع أنحاء المملكة. كما نقترح تشخيص كل منجلي أو تلاسيميا أو حتى أي عطب وراثي متنحي مثلا على هيئة point mutation في المواليد مما نتوقع أنه سيؤدي إلى الإصابة بأنواع من فقر الدم. كذلك نوصي من ضمن رعاية الحمل أن يتم الكشف على الحوامل للتأكد من خلوهن من فقر الدم المنجلي أو التلاسيميا.
* استشاري علم الأمراض



التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
TT

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للطب النفسي بألمانيا، أنّ الشبكية بمنزلة امتداد خارجي للدماغ وتشترك في الجينات عينها، ما يجعلها طريقة سهلة للعلماء للوصول إلى دراسة اضطرابات الدماغ بمستويات أعلى من الدقة.

وأفادت النتائج بأنّ العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً، وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية وبطريقة فائقة السهولة؛ «لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ»، وفق الباحثين. وهم أكدوا على أن فهم الآليات البيولوجية حول هذا الأمر من شأنه مساعدتهم على تطوير خيارات علاجية أكثر فاعلية وأكثر شخصية.

وحلَّل باحثو الدراسة المنشورة في دورية «جاما سيكاتري»، الارتباط الجيني بين خلايا الشبكية وعدد من الاضطرابات العصبية النفسية. ومن خلال الجمع بين البيانات المختلفة، وجدوا أنّ جينات خطر الفصام كانت مرتبطة بخلايا عصبية محدّدة في شبكية العين.

وتشير جينات الخطر المعنيّة هذه إلى ضعف بيولوجيا المشابك العصبية، وبالتالي ضعف قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض. ويرجح الباحثون أن يكون هذا الضعف موجوداً أيضاً في أدمغة مرضى الفصام.

وبناءً على تلك الفرضية، أظهر الباحثون أنّ الاتصال العصبي يبدو معوقاً في شبكية العين لدى مرضى الفصام بالفعل.

وأوضحوا، في بيان، الجمعة أنّ «العثور على هذا الخلل في العين يشير إلى أنّ العمليات في الشبكية والدماغ متشابهة جداً؛ وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية، لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ».

في دراستهم السابقة، وجد باحثو معهد ماكس بلانك للطب النفسي، برئاسة فلوريان رابي، تغيّرات في شبكية العين لدى مرضى الفصام أصبحت أكثر حدّة مع زيادة المخاطر الجينية. وبناءً على ذلك، اشتبهوا في أنّ التغيرات الشبكية ليست نتيجة لأمراض مصاحبة شائعة مثل السمنة أو مرض السكري فحسب، وإنما قد تكون ناجمة عن آليات أمراض مدفوعة بالفصام بشكل مباشر.

إذا كانت هذه هي الحال، فإنّ معرفة مزيد عن هذه التغيّرات قد تساعد الباحثين على فهم الآليات البيولوجية وراء الاضطراب. وبالإضافة إلى الفصام، لوحظت تغيرات في الشبكية لدى مرضى الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والتصلّب المتعدّد ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.

باستخدام بيانات من دراسات كبيرة سابقة، دمج رابي والمؤلّف الأول إيمانويل بودريوت من معهد ماكس بلانك للطب النفسي وجامعة لودفيغ ماكسيميليان ميونيخ في ألمانيا، بيانات المخاطر الجينية من الاضطرابات العصبية النفسية مع بيانات تسلسل الحمض النووي الريبي للشبكية.

أظهرت النتائج أنّ جينات المخاطر كانت مرتبطة بخلايا شبكية مختلفة في الاضطرابات المذكورة أعلاه.

كما ارتبط الخطر الجيني للإصابة بالتصلّب المتعدّد بخلايا المناعة في الشبكية، بما يتماشى مع الطبيعة المناعية الذاتية للاضطراب. وكذلك ارتبطت جينات الخطر للإصابة بالفصام بفئة محددة من الخلايا العصبية الشبكية تشارك في الوظيفة المشبكية، وتحدّد قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض.