وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما صدمة جديدة إلى القادة السياسيين في إسرائيل، بتصريحاته التي أدلى بها للقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي التجاري، التي قال فيها إن سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا تتيح لإدارته أن تدافع عن إسرائيل في الحلبة السياسية الدولية. وقد تلقفت المعارضة الإسرائيلية هذا التصريح لتهاجم سياسة الحكومة التي «تفتقر للرؤيا الاستراتيجية»، ولتلفت النظر إلى الانفلات العالمي ضد إسرائيل بسبب سياسة الجمود المقصود في العملية السلمية، فيما أمر نتنياهو وزراءه بأن لا يعلقوا على تصريحات أوباما رغم قسوتها.
وكان أوباما أدلى بتصريحات حصرية إلى محررة برنامج «حقيقة» في القناة الثانية، إيلانا ديان، وقال: إنه في ضوء جمود العملية السلمية، والشروط الكثيرة التي يطرحها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في كل ما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية، فإن الولايات المتحدة ستجد من الصعب عليها الدفاع عن إسرائيل أمام المبادرات الأوروبية لدفع قرارات في الأمم المتحدة. ولمح أوباما بذلك إلى إمكانية امتناع بلاده عن استخدام الفيتو خلال التصويت على المبادرة التي تنوي فرنسا طرحها في مجلس الأمن، لاتخاذ قرار في الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني.
وقال أوباما خلال اللقاء إن تصريحات نتنياهو ضد الدولة الفلسطينية قبل الانتخابات كانت واضحة ولا لبس فيها، مضيفا أن توضيحات نتنياهو بعد الانتخابات، شملت فعلا تصريحا حول إمكانية إقامة دولة فلسطينية، لكنها بدت كمحاولة للعودة إلى الوضع الراهن، أي الجمود. وقال أوباما بأن «نتنياهو طرح الكثير من الشروط، لكن التفكير بأنه يمكن تنفيذها في المستقبل القريب غير واقعي». وأوضح «أن الخطر الكامن في ذلك هو أن إسرائيل ستفقد مصداقيتها في كل ما يتعلق بعملية السلام. فمنذ الآن لا يعتقد المجتمع الدولي أن إسرائيل جدية بشأن حل الدولتين. تصريحات رئيس الحكومة عززت فقط الشعور بأنه غير ملتزم (بحل الدولتين)».
وأوضح أوباما ما قصده عندما قال قبل أسبوعين للصحافي جيفري غولدبرغن بأنه ستكون لتصريحات نتنياهو قبل الانتخابات ضد إقامة الدولة الفلسطينية وضد العرب في إسرائيل أبعاد على سياسة الخارجية الأميركية. وأضاف أوباما: «لقد عرقلنا حتى اليوم، على سبيل المثال، الجهود الأوروبية أو غيرها من الجهود. قلنا لهم إن السبيل الوحيد لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو فقط إذا عمل الطرفان معا. التحدي هو أنه إذا كانت لا توجد فرصة فعلية لعملية سلام حقيقية، وإذا لم يؤمن أحد أنه بالفعل لا توجد عملية سلام، حينها سيصعب علينا مناقشة القلقين من البناء في المستوطنات أو الوضع الراهن. سيصعب علي القول لهم (تحلوا بالصبر، وانتظروا لأنه لدينا عملية سلام). وعندها يمكنهم فقط أن يوجهوني إلى التصريحات التي قيلت والتي تؤكد عدم وجود أي عملية». وأوضح أوباما أنه، حسب تقديره، سيصعب التوصل لاتفاق إطار في الوقت الراهن، بين إسرائيل والفلسطينيين. «لا أعتقد أننا سنتمكن من الخروج من كامب ديفيد أو من مكان آخر، ونحن نصافح أيادي بعضنا البعض».
واختتم الرئيس الأميركي قائلا: إن «الشباب في رام الله يشعرون بأن فرصهم محدودة طالما بقي الوضع الراهن كما هو. فإذا رغبوا ببقاء إسرائيل ومعارضة حماس، فما هو الأمل الذي يمكنك منحه لهم؟ نحن نحاول دائمًا خلق توازن بين السياسة التي تمنحك الأمل، وبين السياسة المخيفة، هذه التي توجه ردود الحكومة في إسرائيل». وتوجه أوباما مباشرة إلى نتنياهو قائلاً: «في جميع محادثاتي مع نتنياهو لم أقترح أبدا أن تتنازل إسرائيل عن أمنها مقابل فرص السلام. المسألة هي ليست (تعال ألا نكون ساذجين ونتوقع الأفضل)، وإنما في الوضع الحالي، عندما يوجد لإسرائيل أعداء، علينا أن نتأقلم لحل المشكلة، لأنك إذا لم تفعل ذلك، فإنّ التوجهات على المدى البعيد خطيرة جدًا».
وفي أعقاب بث اللقاء مع أوباما، حولت سكرتارية الحكومة الإسرائيلية رسائل إلى الوزراء الإسرائيليين كافة ونوابهم، بعدم التعقيب أو الإدلاء بأي تصريح يتعلق بتصريحات أوباما. أما في المعارضة، فقد هاجموا الحكومة ورئيسها بشدة محملين إياهما مسؤولية الإحباط الذي يصيب أقرب حلفاء إسرائيل. وقال رئيس المعارضة، يتسحاق هرتسوغ، إن هذه التصريحات تدل على وجود قطيعة خطيرة بين نتنياهو وأوباما، الذي يعتبر إنسانا مناصرا لإسرائيل وحريصا جدا على أمنها. واعتبر تصريحاته «قاسية جدا. وأنا قلق جدا. هذا ما كنت قد حذرت منه خلال المعركة الانتخابية. وضع إسرائيل لم يكن بهذا السوء منذ عدة عقود. وعلى نتنياهو أن يحدث انعطافا فوريا في سياسته العقيمة هذه ويضع يده بيد الرئيس أوباما من أجل انطلاقة جديدة».
وقال وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، وهو رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» المعارض، بأن أحد أسباب هذه الأزمة هو غياب استراتيجية.
وانتقد ليبرمان نتنياهو قائلا: إنه ليست لديه سياسة واضحة حيال الفلسطينيين وقطاع غزة والنشاط الإعلامي الإسرائيلي بشكل عام. وأشار إلى أنه لا يمكن التوصل إلى حل الدولتين إلا من خلال تسوية إقليمية شاملة مع الدول العربية الأخرى. وقالت رئيسة حزب ميرتس اليساري، زهافا غلؤون، إن سياسة الحكومة تجاه القضية الفلسطينية تجبي ثمنا دوليا باهظا، ويجب على إسرائيل البت فيما إذا كانت تفضل المستوطنات على الشرعية الدولية.
أوباما يصدم الإسرائيليين مجددًا: سياسة نتنياهو لا تتيح لنا الدفاع عنكم في الحلبة الدولية
المعارضة تهاجم الحكومة ورئيسها لوزرائه: لا تعلقوا
أوباما يصدم الإسرائيليين مجددًا: سياسة نتنياهو لا تتيح لنا الدفاع عنكم في الحلبة الدولية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة