الفلسطينيون يسابقون المستوطنين إلى قمم الجبال

مسؤول ملف الاستيطان لـ {الشرق الأوسط} : نستهدف 200 قمة وتلة في نابلس

الفلسطينيون يسابقون المستوطنين إلى قمم الجبال
TT

الفلسطينيون يسابقون المستوطنين إلى قمم الجبال

الفلسطينيون يسابقون المستوطنين إلى قمم الجبال

لم يجد الفلسطينيون العزّل بدًا من مواجهة غول الاستيطان بأنفسهم، وهم يشاهدون هذا الوحش يتمدد في الضفة الغربية يوما بعد يوم. وابتدع الفلسطينيون شكلا نضاليا جديدا سيطبقونه في الأسبوع المقبل، قوامه الزحف نحو الجبال والتلال العالية القريبة من المستوطنات، والبدء في إعمارها شيئا فشيئا.
وقال غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية لـ«الشرق الأوسط»: «سنستهدف 200 قمة وتلة حول مدينة نابلس أولا، ثم نزحف إلى كل جبال الضفة الغربية وتلالها».
وأضاف: «هذه هي الطريقة الوحيدة لوقف التغول الاستيطاني الممتد». وعادة ما يعمل المستوطنون على توسيع المستوطنات في الضفة الغربية من خلال السيطرة على جبال وتلال قريبة. مستوطنات كثيرة بدأت صغيرة، لكنها تحولت إلى مجمعات ضخمة بمرور الوقت.
ويستوطن في الضفة الغربية الآن نحو 350 ألف مستوطن، تلقوا دعما كاملا من الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي وعدتهم بتثبيتهم في مستوطناتهم، وبمزيد من الاستيطان والدعم والمساندة.
وأمس فقط، وافقت أحزاب الائتلاف الحكومي على مشروع قانون جديد قدمه عضو الكنيست ينون ميغال، من حزب «البيت اليهودي»، يطالب بتطبيق القوانين الإسرائيلية كافة على المستوطنات في الضفة.
وينتظر المشروع أن تتم المصادقة عليه من قبل لجنة التشريعات، على أن يعرض على الكنيست الإسرائيلي في وقت قريب بهدف التصويت عليه.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن القانون الجديد سيغير المعادلة المعمول بها في جميع مستوطنات الضفة، إذ سيسري أي قانون إسرائيلي تلقائيا على هذه المستوطنات، بعدما كان الأمر منوطا بقائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الذي تركت له حرية تقدير الموقف واتخاذ القرار المناسب بما في ذلك تطبيق القوانين الإسرائيلية أو عدم تطبيقها أو تطبيق جزء منها فقط.
وحسب معد الاقتراح، فإن عدد المستوطنين يصل إلى 350 ألفا يصوتون للكنيست، لكن القانون الإسرائيلي لا يسري عليهم، وهو أمر غير منطقي وفيه الكثير من التمييز.
ويرى الفلسطينيون في القانون الجديد محاولة لشرعنة المستوطنات التي يطالبون بإخلائها كاملة.
ويقف موضوع الاستيطان عقبة رئيسة في وجه استئناف مفاوضات السلام، إذ يطلب الفلسطينيون وقفا كاملا له واعترافا بمرجعيات عملية السلام، قبل بدء أي مفاوضات جديدة. وقال دغلس إن الفلسطينيين يسعون إلى فرض حقائق على الأرض كما يسعى الإسرائيليون لذلك.
وينطلق دغلس ورفاقه إلى قمم الجبال الأسبوع المقبل. وقال: «سنضع كرفانات هناك، سنزرع، سنبني سنقول نحن هنا وهذه أرضنا». وأضاف: «قررنا ذلك فيما راحت تنشط طائرات استطلاع وتصور المناطق العالية والجبلية في نابلس.. دائما كانت هذه مقدمة للسيطرة على مزيد من الأراضي». وأردف: «إنهم يستهدفون المناطق المفتوحة غير المأهولة عادة، ويجري رصدها عبر هذه الطائرات، وليس المناطق السكنية».
ويوجد في نابلس وحدها 39 تجمعا استيطانيا بينها 12 مستوطنة رسمية، يعيش فيها 23 ألفا من غلاة المستوطنين. وانطلق هؤلاء المستوطنون، وتحديدا جماعات «تدفيع الثمن»، من مستوطنة يتسهار في نابلس، وراحت تهاجم منازل وأراضي وممتلكات الفلسطينيين في نابلس والضفة الغربية، إضافة إلى تبنيها هجمات طالت دور عبادة.
ولا يعتقد أن ينجح الفلسطينيون بسهولة في تطبيق خطتهم الجديدة، إذ تقع الأراضي المستهدفة في المنطقة المصنفة «سي» التي يفترض، بحسب اتفاق أوسلو، أنها تخضع للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية.
وفي مرات سابقة عندما حاول فلسطينيون السيطرة على مواقع مختلف عليها، حسم الجيش الإسرائيلي المسألة بطرد الفلسطينيين بقوة السلاح.
لكن الفلسطينيين الذين جربوا بناء قرى صغيرة في منطقة محددة، يسعون هذه المرة للزحف مرة واحدة في مواقع مختلفة لخلق حالة من الإرباك والفوضى وواقع جديد.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.