توافق غربي على ضرورة بناء مفاوضات جنيف على أسس مخرجات {الحوار} اليمني والقرار 2216

الخارجية الأميركية: تفاؤل حذر حول المفاوضات

توافق غربي على ضرورة بناء مفاوضات جنيف على أسس مخرجات {الحوار} اليمني والقرار 2216
TT

توافق غربي على ضرورة بناء مفاوضات جنيف على أسس مخرجات {الحوار} اليمني والقرار 2216

توافق غربي على ضرورة بناء مفاوضات جنيف على أسس مخرجات {الحوار} اليمني والقرار 2216

بينما يكثف المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد مشاوراته من أجل توفير شروط انعقاد ونجاح مؤتمر الحوار المنتظر أن يلتئم في مدينة جنيف السويسرية خلال الأسبوعين المقبلين، أفادت مصادر غربية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أمس أن هناك توافقا على إبقاء قرار الأمم المتحدة 2216 الصادر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ومخرجات الحور الوطني أساسا للمفاوضات بين اليمنيين.
وفي باريس، أوضحت مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن موقف باريس «ثابت وواضح» ويختصر في دعم جهود الأمم المتحدة في الأزمة اليمنية ما تمثل في الدور الذي لعبته فرنسا في التوصل إلى استصدار القرار 2216 ودعم العودة إلى مسار سياسي تشرف عليه المنظمة الدولية.
وترى باريس أن نجاح المؤتمر الحواري يفترض توفر شرطين متلازمين، الأول: أن يكون شاملا لكل الأطراف اليمنية، وهو ما يسعى إليه إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والثاني: أن ينهض على «الأسس الحقيقية» التي تتكون من مخرجات الحوار اليمني الوطني السابق ومضمون المبادرة الخليجية التي أتاحت البدء بعملية الانتقال السياسي، وخصوصا من القرار الدولي رقم 2216. وبرأي المصادر الفرنسية، فإن هذه الأسس الثلاثة تشكل «الإطار العام» الذي يجب أن يندرج الحوار المطلوب في جنيف ضمنه. وتضيف هذه المصادر أن مؤتمر الرياض الأخير ينظر إليه على أنه «مرحلة من مراحل العودة إلى الحوار السياسي وليس إطارا له».
بيد أن الجانب الفرنسي يعي تعقيدات المشهد اليمني وتداخلاته واختلاف الرؤية بالنسبة لتطبيق مضمون القرار 2216. ولذا، فإن المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» ومن باب الواقعية السياسية، ترى أنه يعود للأطراف المتحاورة في جنيف أن «تحدد أشكال وروزنامة تطبيق فقرات القرار الدولي المذكور»، بمعنى أن تطبيقه «يجب ألا يشكل شرطا مسبقا للذهاب إلى الحوار السياسي، بل إن الحوار السياسي هو ما سيفتح الطريق لتطبيق القرار». وبالمقابل، فإن القبول بالقرار «إطارا للمناقشات» هو ما يفترض أن يكون الشرط المسبق. ولذا، فإن باريس ترى أنه يعود للأطراف اليمنية، عندما تجلس إلى طاولة المفاوضات مع المبعوث الدولي، أن تحدد كيفية تنظيم الحوار السياسي مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ينهض على الأسس الثلاثة المذكورة سابقا، وكذلك كيفية وضع مضمون فقرات القرار 2216 موضع التنفيذ، بما فيها انسحاب الميليشيا الحوثية إلى مواقعها السابقة لاحتلالها العاصمة صنعاء وما تبعه، وإخلاء الإدارات وإعادة الأسلحة التي أخذت من مخازن وثكنات الجيش اليمني. وبكلام آخر، يعود للمتحاورين اليمنيين أن يحددوا سرعة التطبيق وأشكاله وأولوياته.
وترى باريس أن الجهة الضامنة هي المبعوث الدولي الذي تصفه بأنه «المحور والوسيط والمقرب بين الأطراف»، وبالتالي يتعين أن تكون المنظمة التي يمثلها هي الضامن لتنفيذ القرارات التي سيفرزها مؤتمر الحوار. ولكن التجربة المستخلصة من وساطة المبعوث السابق جمال بن عمر لا تدفع إلى التفاؤل لجهة قدرة الأمم المتحدة على ضمان تنفيذ الاتفاقات من قبل الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح. والرد الفرنسي أن فشل التجربة السابقة مردها للحوثيين الذين ازدوجت تصرفاتهم وأفعالهم؛ إذ بينما كانوا إلى طاولة المفاوضات احتلوا صنعاء وحلوا الحكومة وأصدروا الإعلان الدستوري واحتلوا مناطق واسعة من اليمن، ونزلوا باتجاه عدن، ووضعوا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قيد الإقامة الجبرية ومسؤولين كبار آخرين... ولذا، فإن ما سيحصل في جنيف، وميدانيا في اليمن، «سيبين ما إذا كان الحوثيون ما زالوا يفضلون إبقاء الخيار العسكري مفتوحا أم أنهم يريدون حقيقة حلا سياسيا».
وفي موضع الهدنة التي بدأ التداول بشأنها لشهر رمضان الكريم، فإن باريس ترى أنه «سيكون من الصعب إقرارها ما لم ينطلق الحوار السياسي حيث ستكون الهدنة نتيجة له وليست شرطا للسير فيه.
وكان الملف اليمني قد نوقش خلال اجتماع الوزيرين الفرنسي لوران فابيوس والسعودي عادل الجبير في باريس على هامش اجتماع «المجموعة المصغرة» لدول التحالف التي تقاتل «داعش» الذي استضافته العاصمة الفرنسية أول من أمس.
أما بشأن المحادثات المنفصلة التي تجرى حاليا بين مندوبين أميركيين وممثلين لجماعة الحوثيين، فإن باريس «لا ترى أن الحل سيأتي منها، بل إن الأمم المتحدة هي وحدها المؤهلة لأن توفر ظروف إنجاح الحوار السياسي وشموليته». ولهذا السبب، فإن باريس ترى الحاجة إلى استبعاد كل ما من شأنه أن يشوش على جهود المبعوث الدولي من أجل جمع الأطراف اليمنية وحملها على التوافق على مخرج سياسي للأزمة التي تعصف ببلادها.
وبدوره، أوضح مسؤول في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن واشنطن تنظر بـ«تفاؤل حذر» بعد تأكيد الرئيس اليمني عبد ربه هادي الموافقة على المشاركة في مفاوضات جنيف لإنهاء الحرب في اليمن، وبسبب أخبار بأن الحوثيين وافقوا على ذلك أيضا. وقال المسؤول إن مساعدة وزير الخارجية الأميركية آن باترسون في المنطقة، وهي تتابع عن كثب التطورات الدبلوماسية. ولكنه أضاف: «بعد تقلبات التشاؤم والتفاؤل عن اليمن خلال الفترة الأخيرة، لن نطمئن حتى نشاهد الأطراف تجلس حول طاولة واحدة في جنيف». ولفت إلى أن بعض الأطراف تتحدث عن «مشاورات»، مما يعنى أن «المفاوضات» ليست مؤكدة في الوقت الحاضر.
وأضاف: «تبعث باترسون بتقارير منتظمة وهي تتحرك من نقطة إلى نقطة». لكن، رفض المسؤول الحديث عن تفاصيل ما تقوم به باترسون.
وأمس، قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن آن بارترسون، مساعدة وزير الخارجية للشرق الأدنى، أجرت محادثات مع قادة حوثيين في سلطنة عمان المجاورة «في محاولة لإقناعهم بالمشاركة في مؤتمر جنيف»، بعد أن كانت «الشرق الأوسط» قد كشفت الأسبوع الماضي عن مشاورات بين الحوثيين والأميركيين. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، ماري هارف، إن الهدف من اجتماع باترسون مع عناصر من ميليشيا الحوثي هو «تعزيز وجهة نظرنا بعدم وجود حل غير الحل السياسي للصراع في اليمن، وأن جميع الأطراف، بما في ذلك الحوثيين، ينبغي أن تشارك فيه».
وفي لندن، أوضح ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة المتحدة «تقدم دعمها الدبلوماسي الكلي للأمم المتحدة بدورها الأساسي في التفاوض من أجل تسوية في عملية سياسية يقودها اليمنيون»، مشددا على أهمية قرارات مجلس الأمن الدولية المتعلقة باليمن. ولفت الناطق إلى أن «الوضع الإنساني صعب جدا، ونحن ندعم مطالب مجلس الأمن في عملية وقف إطلاق نار إنسانية من أجل إيصال المساعدات الإنسانية الضرورية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.