دور نشر عربية تكسر حصار الاحتلال وتسلط الضوء على المنتج الأدبي الفلسطيني

روايات وأعمال شعرية شقت طريقها إلى الوطن العربي والعالم عبرها

الروائي سامح خضر  -  الناشر أحمد أبو طوق  -  الروائي أسامة العيسة  -  غلاف «يعدو بساق واحدة»  -  غلاف مجانين بيت لحم
الروائي سامح خضر - الناشر أحمد أبو طوق - الروائي أسامة العيسة - غلاف «يعدو بساق واحدة» - غلاف مجانين بيت لحم
TT
20

دور نشر عربية تكسر حصار الاحتلال وتسلط الضوء على المنتج الأدبي الفلسطيني

الروائي سامح خضر  -  الناشر أحمد أبو طوق  -  الروائي أسامة العيسة  -  غلاف «يعدو بساق واحدة»  -  غلاف مجانين بيت لحم
الروائي سامح خضر - الناشر أحمد أبو طوق - الروائي أسامة العيسة - غلاف «يعدو بساق واحدة» - غلاف مجانين بيت لحم

قد يكون ما قاله الروائي الفلسطيني أسامة العيسة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ما ينقلنا مباشرة إلى جوهر الموضوع. الكتاب والكاتب والنشر في فلسطين. فقد بدأ العيسة الذي فازت روايته «مجانين بيت لحم» بجائزة الشيخ زايد أخيرا، حديثه بمقدمة تاريخية للحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي على دخول الكتب من الدول العربية إلى فلسطين. مما دفع العديد من المبدعين: روائيين، وشعراء، وكتاب قصة، وباحثين إلى النشر خارج فلسطين، بغية كسر الحصار، وسعيا وراء الانتشار عربيًا. ففي سبعينات وثمانينات القرن الماضي، فرضت سلطات الاحتلال حصارا ثقافيا يمكن أن نصفه بـ«الحديدي» على من صمد في الأرض التي احتلتها إسرائيل عام 1967، في 6 ساعات، كما قال العيسة: «يمكن أن نعجب الآن أو نسخر من حجم الكتب التي كانت ممنوعة. يكفي أن نعلم بأن أي كتاب صدر في بلد عربي، كان ممنوعا من الدخول إلى الأرض المحتلة، بغض النظر عن كاتبه ونوعه (باعتبار أن البلدان العربية في حالة حرب مع دولة الاحتلال)».
وفي ظل ذلك الحصار، كانت النافذة التي فتحها المثقفون الفلسطينيون في أراضي 1948، تشكل متنفسا للكتاب في الأراضي المحتلة عام 1967، من خلال مجلات مثل «الجديد»، و«الغد»، وصحيفة «الاتحاد»، ومكتبات تستورد الكتب من الخارج، مثل «مكتبة كل شيء» في حيفا، و«المكتبة الشعبية» في الناصرة.
وكان دخول الصحف والمجلات المشار إليها إلى الأراضي المحتلة عام 1967، يضع «مهرِّبها» تحت طائلة العقاب وفق قوانين الاحتلال.
وعلى الرغم من هذا الحصار الثقافي القاسي، فإن مثقفي فلسطين تمكنوا من مواجهته، بشكل يبدو مقارنة مع الوضع الراهن أقرب إلى الإعجاز. فقد تأسست دور نشر مثل «دار صلاح الدين» في القدس، لصاحبيها إلياس نصر الله، وتوفيق أبو رحمة، و«منشورات الأسوار» في عكا لصاحبها يعقوب حجازي، وغيرها. وصدرت مجلات ثقافية متخصصة مثل «البيادر»، و«الكاتب»، وغيرهما، وهي التي حققت رواجا، وقدمت أسماء أدبية لامعة.
وقال العيسة لـ«الشرق الأوسط»: «أتذكر أن الناس في الأرض المحتلة كانت تقرأ، وتناقش، وتعقد الندوات الأدبية والسياسية في الأماكن المتاحة، مثل النقابات، ومكتبات البلديات. ولم يكن يخلو الأمر من اقتحامات لقوات الاحتلال لفض مثل هذه الندوات أو منعها».
بعد الاتفاقيات الثنائية بين مصر ودولة الاحتلال، حدث ثقب في الحصار الثقافي، إذ سُمح بتوزيع الصحف المصرية في الأرض المحتلة، لكن المثقفين بشكل عام لم يتحمسوا للإقبال عليها، لأسباب سياسية، على الأقل في السنوات الأولى لنشأة علاقات ثنائية مصرية - إسرائيلية. وحدث أن هُدمت أكشاك بيع الصحف المصرية، في بعض المدن الفلسطينية، وجرى حرقها، كتعبير عن الرفض الشعبي العارم آنذاك، ضد خروج مصر من الصف العربي.. ويمكن فهم ذلك، فقط، ضمن الأجواء التي كانت سائدة آنذاك، على حد قول العيسة.
إلا أن الحركة الثقافية التي صمدت في وجه الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته التعسفية، لم تتمكن بعد اتفاق أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية، من تأسيس أدبيات ثقافية. بل إن المجلات الثقافية التي صدرت عن وزارة الثقافة الفلسطينية، أو التي تتلقى دعما من السلطة، لم تتمكن من الصمود. فقد «أصبح المزاج الثقافي العام لدى الناس مختلفا».
وعلى الرغم من التوقعات التي سادت آنذاك، بأن يبادر «رأس المال» الثقافي، إن جاز التعبير، إلى الاستثمار في تأسيس دور نشر، فإن ذلك لم يحدث. ولم يظهر إلى السطح، غير أولئك التجار الذي يقبضون أموالا لينشروا من دون تخطيط، وبهدف واحد هو الربح. وكان شعارهم «يكفي الكاتب مجده المعنوي»، أما الناشر، فله «المجد المادي».

* ما بين التوزيع والعراقيل
بدوره، قال الروائي سامح خضر، الذي صدرت له أخيرا، روايته «يعدو بساق واحدة»، عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع في الأردن: «اخترت النشر في دار نشر خارج فلسطين لقدرتها على التوزيع بسهولة، بعكس دور النشر الموجودة في فلسطين، التي تواجه عراقيل كبيرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل والمشاركة في معارض الكتب الدولية، مما يؤثر سلبًا على قدرة هذه الدور، على التوزيع والمشاركة في هذه المعارض، بالإضافة إلى أن الدار الأهلية، تملك إمكانية التوزيع بسهولة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، لأن مطبوعات ومنشورات باقي دور النشر المرموقة خارج فلسطين، وتحديدًا في لبنان، تتعرض للمنع، ويفرض الاحتلال على إدخالها ضغوطا كثيرة».
وفي الإطار عينه، يقول العيسة: «إن دخول الكتاب الذي يُنشر في الخارج، إلى فلسطين، تكتنفه صعوبات، وهذا سهّل وجود (دور نشر) هنا، تعيد طبع ما يصدر هناك، بالطبع من دون استشارة الكاتب أو دار النشر».

* تدويل القضية
ويتابع سامح خضر قائلا: «بالإمكان تجاوز هذا الحصار غير المبرر من قبل الاحتلال، بإصدار نسخ خاصة بفلسطين تصدر عن دور نشر عربية أو فلسطينية، مع عدم الإشارة إلى الدولة الناشرة للكتاب والاكتفاء بتوضيح أن هذه النسخة خاصة بفلسطين».
وأضاف: «الأمر متشابك جدًا، ولا بد من إثارة هذه المشكلة في الأروقة الدولية لوقف هذه الممارسات الإسرائيلية، وطرح سلوكيات إسرائيل للمحاكمة في المحافل الدولية التي تعنى بالتراث ونشر الثقافة والآداب مثل (يونيسكو)، وحتى داخل أروقة الأمم المتحدة».

* اهتمام خاص بفلسطين
وتبدي دور النشر العربية، في الأعوام الأخيرة، اهتماما متزايدا بالنتاج الأدبي الفلسطيني، ونشطت من بينها دار الأهلية للنشر والتوزيع في عمّان، التي طبعت عشرات الروايات ودواوين الشعر والمجموعات القصصية لأسماء مكرسة وأخرى تخطو بأعمال أولى. وأثبت ذلك نجاعة الفكرة بمنافستها على جوائز أدبية مرموقة، من بينها رواية الفلسطيني عاطف أبو سيف «حياة معلقة»، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، ومجموعة الفلسطيني غسان زقطان الشعرية «لا شامة تدل أمي عليّ»، التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للإبداع.
وقال أحمد أبو طوق، مدير عام دار الأهلية لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك في فلسطين مبدعين حقيقيين من المكرسين والشباب، وهم بحاجة لمنابر عربية بحيث لا تبقى إبداعاتهم حبيسة الأراضي المحتلة. ومن هنا كان لا بد من التحرك لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم، من قبلنا، ومن دور نشر عربية أخرى في الأردن، ولبنان، وبدرجة أقل في مصر والمغرب العربي، مما ساهم في انتشار أعمالهم بشكل لافت على المستويين العربي والدولي.



«كشتبان»... أم مصرية ترمّم تصدعات الذات في الهند

«كشتبان»... أم مصرية ترمّم تصدعات الذات في الهند
TT
20

«كشتبان»... أم مصرية ترمّم تصدعات الذات في الهند

«كشتبان»... أم مصرية ترمّم تصدعات الذات في الهند

يحفل تاريخ الشعرية العربية بهاجس الارتحال، فقد كانت الرحلة غرضاً رئيسياً ومركزياً من أغراض الشعر العربي، واحتلت الناقة رمزيتها في تراثنا الشعري بصفتها رفيقة السفر. وسرعان ما انتقلت الرحلة من غرض شعري إلى موضوع سردي، وبدأت المدونة السردية العربية تتوسع في أدب الرحلات، بصفتها وسيلة للمثاقفة والانفتاح على العالم الخارجي واكتساب وعي جديد بالعالم، عبر زيارة مدنه المختلفة، دون الاكتفاء بالمكان الأصل، أو مسقط الرأس، ودون الانكفاء على الذات.

أصبح لدينا تراث لا بأس به من أدب الرحلات، ذي التاريخ الطويل والممتد، عربياً وعالمياً؛ فهو قديم وراسخ، وله رموزه في الثقافة العربية، ولعل أشهرهم ابن بطوطة. وفي الأدب الحديث مدونة ممتدة تنتمي إلى هذا النوع، وإن كان أغلب رموزه من الرحالة الرجال، فالرحلة وتدوينها ظلت قروناً حكراً على الرجل، الذي تسمح له الثقافة وتقاليدها بمفارقة المكان، والتجول خارجه بقدر أكبر من الحرية، بينما ظلت المرأة حبيسة «الديار»، وإن قُدّر لها مغادرتها فإنها تغادرها في ظل رجل وحمايته، وظل هذا ممتداً على العصر الحديث، فأغلب من كتبوا في أدب الرحلة كانوا رجالاً.

هذه القاعدة الثقافية الذكورية، تخترقها الكاتبة والمترجمة المصرية أميمة صبحي، في كتابها «كشتبان: الأم التي طارت»، الصادر في القاهرة عن «دار العين» والذي ينتمي إلى أدب الرحلات، ونجد فيه رحلة ممتدة لأسابيع عدة داخل الهند، تخوضها امرأة هذه المرة، على خلاف الأعراف والسنن الأدبية والثقافية، لكنها لا تخوضها بمفردها، بل بصحبة طفليها «عالية» و«نوح».

تخوض أميمة الرحلة بصفتها أماً عزباء، حتى إنها طوال رحلتها من مدينة هندية إلى أخرى، ومنذ وصولهم إلى المطار في نيودلهي، كانت تواجه أسئلة مثل: أين الزوج؟ وهل أنتم بمفردكم بلا رجل؟ فبدت هذه الأسئلة عابرة للحدود والثقافات والقوميات، أسئلة تستنكر وتندهش من قدرة امرأة على أن تأخذ أطفالها في رحلة عقب انفصالها، وكأنها بالطلاق تفقد أهليتها وصلاحيتها للحياة، ومن ثم للطيران والتحليق بعيداً.

شيَّدت الكاتبة كتابها بشكل خطي، ففصوله تأخذ عناوين المدن التي زارتها بالترتيب، وكل فصل يتكون من مقاطع سردية عدة، بدءاً من العاصمة نيودلهي، مروراً بمدن جراكبور، وفارناسي، وكلكتا، وبوبانسوار، وتشيناي، وكوتشي، ومونار، وشاطئ تشيراي، وجايبور وأجرا، ثم نيودلهي مرة أخرى، في رحلة دائرية تنتهي من حيث تبدأ. في كل مدينة تحرص الكاتبة على أن تخوض رحلتها الخاصة، بعيداً عن مخططات شركات السياحة، فقد كانت مهمومة برؤية الحياة الهندية، ومعايشتها، ليس بعيون سائحة، بل كي ترى الواقع هناك بعيون تقترب بأقصى درجة ممكنة من عيون السكان الأصليين، فكانت تستخدم وسائل المواصلات المحلية العادية، وتسير في الحواري والأزقة لتحتك بالهنود العاديين، حتى إنها في المدينة الأخيرة التي زارتها اكتفت بالمكوث أياماً عدة في بيت ريفي، وسط الفلاحين الهنود، هي القاهرية، ابنة المدينة، التي لم تزر ريف مصر كثيراً.

صاحبت المؤلفة في أجرا الأبقار والماعز، حتى إنها تصالحت مع الحشرات، والعنكبوت الذي كان يسبب لها رعباً في بيتها. ومن الملامح المهمة أن القاهرة ظلت حاضرة طوال الوقت في عقلها أثناء رحلتها، فهي المرجع الذي تحيل إليها كل شيء، وتجري مقارنات دائمة بين أي شيء تراه في المدن الهندية ومثيله في القاهرة، فبدت مسكونة بمدينتها الأم، وتحملها داخلها في رحلتها، تماماً كما كانت تحمل طفليها.

حرصت الكاتبة في كل مدينة زارتها على أن تحتك بالناس وتحكي عنهم، عن عاداتهم وتقاليدهم وأفكارهم، حتى إنها قطعت نحو 252 متراً سيراً على الأقدام طوال رحلتها. تحكي أحياناً بخفة ظل وسخرية واضحة عن محاولات النصب التي تعرَّضت لها من بعض الهنود، متصالحة مع فكرة أن النصابين موجودون في كل مكان في العالم، في القاهرة كما في نيودلهي، ولا داعي لإغفال هذا الملمح أو تجاوزه في تفاصيل رحلتها.

وإضافة إلى هذه الوصف للناس والأماكن والآثار التاريخية، هناك ملمح مهم حرصت على إثباته، وهو الملمح المعلوماتي المعرفي، فكثيراً ما تتوقف الكاتبة عن الوصف لتسرد تاريخاً معيناً، سواء تاريخ مبنى ما مثل الحصن الأحمر، أو هوا محل، أو تاريخ صناعة ما وتحولاتها، مثلما سردت تاريخ صناعة التوكتوك المنتشر في الهند، أو حتى تواريخ شخصيات سياسية، مثلما حدث عندما سردت معلومات عن رئيسة الوزراء الهندية السابقة أنديرا غاندي وعلاقتها بابنها سانجاي.

في هذا الكتاب الضخم (370 صفحة)، لن نجد مجرد ارتحال مكاني، من مصر إلى الهند، ولا مجرد زيارة المعالم السياحية والأثرية الشهيرة فقط، بل إن الكاتبة على مدار رحلتها في المكان، ترتحل وبشكل أكبر وأكثر بنيوية داخل ذاتها، لتعيد تطبيع علاقتها مع نفسها، ومع فكرة الأمومة. إنها رحلة أسرة، أم وطفليها، إلى اكتشاف الروابط العميقة التي تربطهم ببعضهم، وتجسير الهوة بين الطرفين، وترميم الشقوق التي سبق ونشأت بينهما وقت إقامتهم في القاهرة داخل بيت واحد آمن، فكان السفر وسيلة لاكتشاف العالم من جهة، ومن جهة أخرى، وبشكل أكثر جذرية، اكتشاف ذواتهم.

تقول المؤلفة: «كل موقف صعب نمرّ به، يتبعه سد شقٍ بيننا، لنعود مرة أخرى وحدة واحدة»، وهو ما يحيل إلى عنوان الكتاب «كشتبان»، وهو اسم آلة معدنية يرتديها عازفو الآلات الوترية لتحمي أصابعهم أثناء العزف، فالكاتبة ترى أن الأمومة لا بد لها من كشتبان، ليحمي الكاتبة من ضغوط الأمومة، وأحياناً ترتدي هي وأبناؤها هذا الكشتبان ليحميهم جميعاً من العالم الخارجي.

الرحلة هنا لها ثلاثة مسارات، الأول: إلى الهند مكاناً ومزاراتٍ وثقافةً، بما تنطوي عليه من تعددية دينية وثقافية مدهشة. الثاني: رحلة إلى الذات، لتخفف الكاتبة مما يثقلها ويكبلها، ويربطها بالأرض، لاستعادة أجنحتها التي اقتلعتها الثقافة والتقاليد، لتحلق مرة أخرى إلى ذاتها المحبة غلى السفر والتنقل والاكتشاف. الثالث: رحلة الأم إلى أطفالها، ورحلتهم إليها، رحلة عائلة معاصرة نحو اكتشاف مفهوم الأسرة، ورحلة المرأة الكاتبة إلى التصالح مع الأمومة، فتمنح نفسها فرصة إعادة التعرف إلى أطفالها، وتمنحهم - في المقابل - الفرصة نفسها لإعادة اكتشافها والتعرف إليها.

وجاء هذا الوعي بتعدد المسارات واضحاً في عقل الكاتبة قبل وأثناء الرحلة، فتقول: «ربما لم أعرف الصغيرين بشكل جيد، وإنهما بالتأكيد لا يغرفانني، خاصة وأنا منخرطة تماماً في عجلة الحياة اليومية، كأم عزباء عاملة، تربي أطفالها بمفردها معظم الوقت. وإن هذه الرحلة فرصة نادرة لرؤية بعضنا البعض، ولإعادة اكتشاف أنفسنا أثناء اكتشافنا للمدن، حاولت هنا أن أستحضر نفسي بنفسي أمامهما، وأتركهما يتعرفان إليّ كما يريدان، وأراهما أنا كما لم أفعل من قبل».

لذا؛ لم يكن غريباً أن تشعر الكاتبة وهي تتجه عائدة للمطار أنها «خفيفة وسعيدة»، بعد أن شعرت بالتئام الشقوق والتصدعات التي بينها من ناحية وبين طفليها من ناحية أخرى. الرحلة وتدوينها ظلا قروناً حكراً على الرجل الذي تسمح له الثقافة وتقاليدها بمفارقة المكان