سوريا: 71 قتيلاً في مجزرتين بالبراميل المتفجرة على حلب

بعض الجثث لا تزال تحت الأنقاض.. والائتلاف يعتبر كل جريمة نتيجة الفشل في فرض منطقة آمنة

صورة للدمار في حي الشعار بمدينة حلب (أ.ف.ب)
صورة للدمار في حي الشعار بمدينة حلب (أ.ف.ب)
TT

سوريا: 71 قتيلاً في مجزرتين بالبراميل المتفجرة على حلب

صورة للدمار في حي الشعار بمدينة حلب (أ.ف.ب)
صورة للدمار في حي الشعار بمدينة حلب (أ.ف.ب)

مقتل 71 مدنيًا في مدينة حلب، بشمال سوريا، نتيجة قصف طيران النظام بالبراميل المتفجرة لحي الشعار وسوق في مدينة الباب بمحافظة حلب، وفق ما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيرًا إلى أن بينهم ثمانية أشخاص من عائلة واحدة، إضافة إلى عشرات الجرحى والمفقودين. ووصفت الهيئة العامة للثورة السورية استهداف المنطقتين بأنه «من أكبر المجازر التي ارتكبها طيران النظام منذ بداية عام 2015»، مشيرة إلى أن عددا من الجثث التي لم يتم التعرف على أصحابها في مدينة الباب نقلت «أشلاء» إلى أحد المستشفيات الميدانية. وأشار الائتلاف في بيان له إلى إلقاء مروحيات النظام براميل متفجرة على حي الشعار بحلب وعلى سوق في مدينة الباب في ريفها، مما أسفر عن مقتل قرابة 60 مدنيًا، وجرح عشرات آخرين، حالة بعضهم خطرة، نقلوا إلى مستشفيات ميدانية قريبة، معتبرًا «أنّ كل جريمة يقوم بها النظام هي نتيجة فشل المجتمع الدولي في فرض منطقة آمنة تحمي السوريين». وقتل 12 شخصا في حي الشعار في شرق مدينة حلب الواقع تحت سيطرة المعارضة، بينهم ثلاثة أطفال وأربع نساء وثمانية قتلى من عائلة واحدة، بحسب المرصد الذي أشار إلى إصابة العشرات بجروح، مرجحا ارتفاع عدد الضحايا.
هذا، بلغ عدد القتلى 33 رجلا في مدينة الباب، الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش، حيث «استهدف القصف سوق الهال الشعبية في ساعة يتجمع فيها الناس في السوق الشعبية لشراء حاجاتهم»، بحسب عبد الرحمن، الذي أفاد عن استمرار البحث عن 19 شخصا مفقودين في المكان بين الركام.
وبدت في شريط فيديو التقطه مصور لوكالة «الصحافة الفرنسية» جثث ملقاة على رصيف ومغطاة بأغطية سوداء وملونة ظهرت من تحتها أطراف مدماة. وقربها ركام هائل لا يعرف ما هو القديم منه وما هو الجديد، بينما عملت جرافة صغيرة على إزاحة سيارة مدمرة بسبب القصف من الشارع لتتمكن من جرف كوم من الأتربة والركام تقفل الطريق. وقال شحود حسين من الدفاع المدني للوكالة إن الطائرات ألقت برميلين متفجرين «تسببا بدمار كبير في المباني واحتراق سيارات بينها سيارة أجرة». وأشار إلى أن المباني في المنطقة التي تعرضت مرارا لقصف جوي «باتت مهددة بالانهيار».
وغالبًا ما تتعرض المناطق الخارجية عن سيطرة النظام في حلب لقصف بالبراميل المتفجرة ندد به كثير من المنظمات الدولية وغير الحكومية. والبراميل المتفجرة عبارة عن براميل بلاستيكية محشوة بالمتفجرات والمواد المعدنية ولا يمكن التحكم بدقة بأهدافها كونها غير مزودة بصواعق تفجير، وبالتالي تصيب الكثير من المدنيين. وأحصت منظمة العفو الدولية في عام 2014 مقتل ثلاثة آلاف مدني نتيجة القصف الجوي من طائرات النظام. وقتل المئات غيرهم منذ مطلع العام الحالي.
وللعلم، يتقاسم مقاتلو المعارضة وقوات النظام السيطرة على أحياء مدينة حلب. وتقتصر سيطرة النظام على بعض المناطق الواقعة جنوب وجنوب شرقي المدينة وقرب المدخل الشمالي لحلب، مع وجود في بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في الريف الشمالي. ويسيطر تنظيم داعش بشكل شبه كامل على الريف الشرقي والشمالي الشرقي، وصولا إلى الحدود التركية باستثناء مدينة عين العرب الكردية ومحيطها، بينما تسيطر فصائل المعارضة على المناطق الممتدة شمال وغرب وجنوب المدينة.
وفيما ندّد الائتلاف الوطني بالمجزرتين اعتبر في بيان له «أنّ كل جريمة تنفذها طائرات النظام هي نتيجة مباشرة لفشل المجتمع الدولي في فرض منطقة آمنة تلجم نظام الأسد، ويذكر بالضرورة القصوى لإعادة النظر في استراتيجية التحالف الدولي، وإصلاح الخلل الجوهري فيها بإدراج نظام الأسد على رأس أولوياتها باعتباره الراعي والمدير والمصدر الرئيسي للإرهاب». ولفت إلى «أن هذه الهجمات الإجرامية في ظل الانهيارات المستمرة والمتلاحقة لجبهات النظام إيذانًا بسقوطه القريب وفي محاولة انتقامية يائسة رغم فشل كل وسائل القتل والتدمير الوحشي التي استخدمها النظام بحق السوريين مستخدمًا الصواريخ والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية، ومؤخرًا لجأ لاستخدام الألغام البحرية واعتماد سياسة الأرض المحروقة».
وأشار إلى «أنّ مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لتنسيق المساعدة الإنسانية فاليري آموس سبق لها أن أوضحت في تقريرها أول من أمس جانبًا من الكارثة التي جرها نظام الأسد على سوريا خلال السنوات الماضية منتقدة مجلس الأمن الدولي «بسبب فشله في وضع حد للنزاع في سوريا»، ومطالبة بالعمل على «إصدار قرار أممي يهدد بمعاقبة المسؤولين عن الانتهاكات وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية»، الأمر الذي طالما نبهنا إلى المخاطر المترتبة على التأخير فيه، وفق ما جاء في البيان.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.