تونس تعلن الإفراج عن جميع مواطنيها المحتجزين لدى «فجر ليبيا»

مسؤولون ليبيون يطلبون من السلطات التونسية وقف تصدير المتطرفين إلى ليبيا

تونسي يقبل والدته بعد وصوله إلى تونس إثر إطلاقه من قبضة ميليشات لـ«فجر ليبيا» أمس (أ.ف.ب)
تونسي يقبل والدته بعد وصوله إلى تونس إثر إطلاقه من قبضة ميليشات لـ«فجر ليبيا» أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس تعلن الإفراج عن جميع مواطنيها المحتجزين لدى «فجر ليبيا»

تونسي يقبل والدته بعد وصوله إلى تونس إثر إطلاقه من قبضة ميليشات لـ«فجر ليبيا» أمس (أ.ف.ب)
تونسي يقبل والدته بعد وصوله إلى تونس إثر إطلاقه من قبضة ميليشات لـ«فجر ليبيا» أمس (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية التونسية أمس أنه تم الإفراج عن جميع التونسيين الذين كانوا محتجزين في ليبيا لدى تحالف ميليشيات «فجر ليبيا».
وقالت الوزارة في بيان إنه «تم الإفراج عن جميع التونسيين الذين أوقفوا مؤخرا في ليبيا، حيث تم اليوم السبت الإفراج عن الدفعة الأخيرة منهم»، لكن دون تقديم تفاصيل إضافية. كما أن الوزارة لم تقدم أي معلومات عن العدد الإجمالي للتونسيين الذين تم الإفراج عنهم.
وكان القنصل التونسي في طرابلس قد تحدث عن احتجاز 172 مواطنا تونسيا، لكن السلطات التونسية تؤكد أنها لم توصل العدد الدقيق لمواطنيها المحتجزين. وأوضحت الخارجية التونسية في وقت سابق أن ميليشيات فجر ليبيا احتجزت هؤلاء «في إطار حملة أمنية للتأكد من صحة وثائقهم». لكن القنصل أورد أن عملية الاحتجاز جاءت ردا على اعتقال قائد ميليشيا ليبية في تونس.
وخلال مؤتمر الحوار، الذي جمع ممثلي البلديات والجماعات المحلية الليبية، أول من أمس وأمس السبت، بتونس العاصمة، طلب مسؤولون ليبيون من الطيب البكوش، وزير الخارجية التونسية، وقف ما وصفوه بـ«تصدير الشباب التونسي المتطرف إلى ليبيا»، معتبرين أن هذا القرار يمثل جزءا من حل الأزمة الليبية.
وشارك في هذا المؤتمر الطيب البكوش صحبة برناردينو ليون، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وتركزت جلسات الحوار حول تقريب وجهات النظر بين ممثلي البلديات والجماعات المحلية الليبية، وفتح قنوات الحوار بينهم. واغتنم البكوش فرصة وجود المبعوث الأممي بتونس ليطلب مساعدته في الكشف عن مصير الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري، المختطفين في ليبيا منذ بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال البكوش إن منصب ليون واتصالاته المباشرة مع كل الأطراف الليبية قد يمكن من الكشف عن حقيقة وضعهم الإنساني، وإن كانوا على قيد الحياة أو أمواتا.
وفي رده على الطلب الليبي بوقف التحاق الشباب التونسي بالمجموعات الإرهابية في ليبيا، قدم الوزير التونسي قراءة مستفيضة حول ظاهرة الإرهاب المتفشية في بلاده، وشخص الأسباب التي تدفع الشباب التونسي إلى الالتحاق بالمجموعات المتطرفة، موضحا في هذا الصدد أن الشبان الموجودين حاليا في ليبيا ينتمون إلى مجموعات متشددة تشكلت بعد الثورة، وأن أغلبهم ينتمي إلى المناطق الحدودية التي كانت مهمشة بسبب الفقر والبطالة.
وأوضح المسؤول التونسي أن جل الملتحقين بالمجموعات المتشددة خضعوا لغسيل دماغ، واستسلموا لإغراء المال، ثم اضطروا إلى المكوث في ليبيا وسط صفوف المجموعات المتشددة بسبب صدور أحكام قضائية ضدهم أو لاتهامهم بالإرهاب، فيما التحق البعض الآخر بجبهات القتال في سوريا، وعاد البعض الآخر إلى تونس ليشارك صحبة جزائريين ومغاربة في عمليات إرهابية، على غرار الهجوم المسلح على متحف باردو، الذي وقع في 18 من مارس (آذار) الماضي.
وأضاف البكوش أن الإرهاب لم يكن له موطئ قدم في تونس، وهو من الظواهر الوافدة من الخارج، بعد أن جرى تمويل وتسليح المجموعات المتطرفة بطريقة سريعة، معتبرًا أن المجرمين الحقيقيين هم أولئك الذين يقومون بتجنيدهم ودفعهم إلى ساحات القتال، وليس الشبان المغرر بهم.
وبخصوص طرق مكافحة الإرهاب والحد من تأثيراته، دعا البكوش إلى تجفيف منابعه وإحداث تعاون إقليمي ودولي لتفكيك كل الكيانات المتشددة التي تنشط في ليبيا وتونس، وبقية بلدان المغرب العربي، وقال بهذا الخصوص إنه «يجب قطع التمويل عن المجموعات الإرهابية»، كخطوة أولى وحاسمة، وأقر بأنه لن تستطيع أي دولة وحدها استئصال الظاهرة بشكل منفرد. وتعهد البكوش أمام المسؤولين الليبيين بمتابعة إعادة تسيير رحلات الخطوط الجوية التونسية بين تونس وليبيا، بهدف تخفيف معاناة المرضى والجرحى الليبيين الراغبين في السفر إلى تونس، وبقية البلدان لتلقي العلاج. وقال في تشخيصه للوضع الأمني الحالي في ليبيا، إن «أمن تونس واستقرارها من أمن ليبيا واستقرارها»، وجدد التزام بلاده بعدم التدخل في شؤون ليبيا الداخلية، واحترام خياراتها وخصوصياتها بعيدا عن منطق الوصاية، وحرصها على تشجيع كل الأطراف الليبية ومساعدتهم في التوصل إلى حل سياسي توافقي للأزمة، مؤكدا في الوقت ذاته موقف تونس الرافض للتدخل العسكري في ليبيا، لأن «التدخل المسلح لا يجلب معه إلا الكوارث والخراب والمزيد من الفوضى».
وأكد البكوش استعداد بلاده لوضع خلاصة تجربتها في مجال الانتقال الديمقراطي بيد الأشقاء الليبيين للاستئناس بها، وجدد دعم تونس لرعاية الأمم المتحدة للجهود الرامية إلى تحقيق توافق حول حل الأزمة الليبية بالحوار وعبر الطرق السلمية، مؤكدا أن الجماعات المحلية الليبية تتحمل مسؤولية تاريخية في المساهمة بتسوية الأزمة الليبية من خلال مؤتمر الحوار الذي تحتضنه تونس.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».