مخاوف من احتقان مذهبي في البقاع بعد تشكيل «لواء» شيعي للقتال في جرود عرسال

مصادر: حزب الله ينتظر الخطوات التي ستتخذها الحكومة الاثنين ليبني على الشيء مقتضاه

قوات لبنانية في منطقة جرود عرسال الحدودية مع سوريا تتوجه نحو مناطق الاشتباكات (غيتي)
قوات لبنانية في منطقة جرود عرسال الحدودية مع سوريا تتوجه نحو مناطق الاشتباكات (غيتي)
TT

مخاوف من احتقان مذهبي في البقاع بعد تشكيل «لواء» شيعي للقتال في جرود عرسال

قوات لبنانية في منطقة جرود عرسال الحدودية مع سوريا تتوجه نحو مناطق الاشتباكات (غيتي)
قوات لبنانية في منطقة جرود عرسال الحدودية مع سوريا تتوجه نحو مناطق الاشتباكات (غيتي)

اتخذت أزمة المسلحين المتمركزين في الجرود الحدودية الشرقية بين لبنان وسوريا، منحى مذهبيًا بعد إعلان العشائر في بلدة بعلبك؛ حيث الأكثرية الشيعية عن تشكيل «لواء القلعة» للقتال في جرود بلدة عرسال، ذات الأكثرية السنية، وهو ما أثار استياء عارمًا لدى تيار «المستقبل» وأهالي البلدة الذين يرفضون بأي شكل من الأشكال دخول عناصر مسلحة غير عناصر الجيش اللبناني إلى المنطقة.
الجيش اللبناني كان قد حاول خلال الأيام الثلاثة الماضية استيعاب المستجدات المتسارعة منفذًا انتشارًا داخل البلدة، وبالتحديد في مناطق وادي الحصن وراس السراج، كما ركّز نقاط مراقبة وسير دوريات مؤللة وسط ترحيب الأهالي ونحر الخراف. وأكد خالد سلطان، وهو صاحب أحد المحال التجارية في وسط عرسال لـ«الشرق الأوسط»، قيام الجيش بدوريات وتدقيقه بالهويات، نافيًا نفيًا تامًا أن يكون قد قام بأي مداهمات لمخيمات النازحين السوريين الذين يتخطى عددهم داخل البلدة 80 ألفًا، متحدثًا عن «ارتياح واطمئنان الأهالي لوجود عناصر الجيش داخل عرسال، علمًا أنّهم دائمًا على مداخلها، وهو ما لا تشهده أي بلدة لبنانية أخرى».
لكن سلطان نبه إلى «محاولة حزب الله زج العشائر بأزمة الجرود»، معتبرًا أنّه «يهيئ شارعه لـ«الصحوات». وأضاف: «نحن لن نقبل بدخول الحزب إلى أراضينا في الجرود، فنحن لسنا لقمة سائبة له أو لغيره، وحده الجيش المخول بأن يدخل ويخرج إلى عرسال وجرودها». وحمّل سلطان حزب الله مسؤولية تمركز المسلحين في الجرود اللبنانية بعد ملاحقته إياهم في منطقة القلمون.
ويحضّر حزب الله راهنًا لشن عمليات عسكرية في الجرود اللبنانية، وفق إعلامه، للتصدي للمسلحين الذين يختطفون منذ أغسطس (آب) الماضي، عددًا من العسكريين اللبنانيين، وذلك بعد فشل محاولتهم احتلال عرسال. إلا أن قوى 14 آذار ترفض تولي الحزب مهمات القوى الشرعية اللبنانية، وهي تدفع باتجاه اتخاذ قيادة الجيش القرار المناسب في هذا الملف.
ووفق آخر المعلومات، استكملت العشائر الشيعية في المناطق البقاعية اجتماعاتها التي تستمر حتى يوم غد (الاثنين)، موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء المخصصة لبحث الوضع الأمني على الحدود الشرقية. وتدعم العشائر حزب الله في المعركة التي يمهّد لشنها في الجرود. وقالت مصادر بقاعية لـ«الشرق الأوسط»: «هذه العشائر مع أن يتولى الحزب حسم الأمور في منطقة الجرود، وهي أبلغته أنّها تضع نفسها بتصرفه وتسير أمامه في هذه المعركة». وكان أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، أعلن بشكل صريح في إطلالته الأخيرة أن أهل البقاع وبعلبك الهرمل «لن يقبلوا ببقاء إرهابي واحد ولا تكفيري واحد في أي جرود من جرود عرسال والبقاع».
ومن جهة ثانية، أفادت المصادر أن «حزب الله سينتظر الخطوات التي ستتخذها الحكومة غدًا، ليبني على الشيء مقتضاه، علمًا أن عينه على تلال الثلاجة في (جبال) القلمون التي يسعى إلى السيطرة عليها، وهو لا يمكنه التوجه إليها إلا عن طريق جرود عرسال». ويتمركز في هذه المنطقة التي هي بمعظمها أراض لبنانية حدودية، بحسب هذه المصادر، 2000 مسلح 800 منهم من «جبهة النصرة» و1200 من «داعش».
وبمسعى لتدارك التطورات المتسارعة، كان رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام قد اجتمع خلال الساعات الـ36 الماضية بوفد من بلدة عرسال بحضور النائب في تيار «المستقبل» جمال الجراح الذي رفض التعاطي مع عرسال كـ«بؤرة إرهاب»، وقال: «فليعلم الجميع أن عرسال ليست جزيرة، حدودها عكار وطرابلس والطريق الجديدة ومجدل عنجر وسعدنايل وكل لبنان»، بإشارة إلى المناطق السنية الرئيسية في البلاد.
بدوره، عقد وزير العدل أشرف ريفي مؤتمرًا صحافيًا قال فيه: «وأهم من يعتقد أننا يمكن أن نقبل أي تطاول على عرسال تحت أي ذريعة أو حجة كانت، فعرسال في قلوبنا وهي خط أحمر ونقطة على السطر، ولا يمكن أن يحكم عرسال إلا الشرعية اللبنانية، ولا يمكن أن يدخل إليها إلا الشرعية اللبنانية، أي الجيش اللبناني الذي نحييه والقوى الأمنية الشرعية».
وأوضح رئيس بلدية عرسال، علي الحجيري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «وفد فعاليات وأهالي عرسال حمل لسلام كما لوزير الداخلية نهاد المشنوق، مطلبًا وحيدًا لجهة ضرورة إمساك الجيش وحده بالقرار بشأن عرسال وحماية المدنيين فيها»، مستغربًا تحركات وتصريحات عشائر البقاع. وقال: «عادة العشائر ترفض التعدي والدخول إلى أرض ليست أرضها، وبالتالي إذا كانت تدعو اليوم حزب الله لاقتحام جرود عرسال، فعندها لا تعود عشائر وتتغير المعطيات تلقائيًا». وأضاف الحجيري: «الجيش هو المسؤول عن الوضع في الجرود اللبنانية والقرار والكلمة كلمته وهي ليست لا للعشائر ولا لحسن نصر الله».
وردًا على التهديدات المتتالية بقرب اندلاع المعركة في الجرود، أصدر «جيش الفتح - تجمع القلمون الغربي» المعارض بيانًا طالب فيه «لبنان حكومة وشعبًا وجيشًا بالتزام الحياد تجاه الجرد، وإيقاف أي عمل عسكري منطلقًا من أراضي لبنان»، داعيًا إلى «فتح الممرات الآمنة للمنظمات الدولية وغيرها والقيام بالواجبات الإنسانية تجاه الجرحى والمصابين والمدنيين عامة».
وفي المقابل، قال نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، خلال احتفال مناطقي: «حربنا في القلمون لحماية لبنان ومقاومته، ولولا المواجهة في سوريا لكانت المفخخات في شوارع بيروت والضاحية وجونية وصيدا وفي كل مكان في لبنان»، ثم تابع مذكرًا بقول نصر الله في هذا المعنى: «الدولة هي مسؤولة عن تحرير جرود عرسال، ونحن بانتظار قرارات التحرير من الحكومة بالطرق والأساليب التي تراها مناسبة، نحن لا نلزم الدولة بآليات التحرير، ولا نكون مكانها في إجراءاتها، ولكن عليها أن تتخذ الإجراءات المناسبة.
وعندما نتحدث عن محتلين في منطقة البقاع إنما نتحدث عن محتلين في جرود عرسال وليس عن عرسال، ونطالب بالمعالجة، فليقل لنا حزب المستقبل ما هو موقفه من المحتلين في جرود عرسال؟ وكيف يحمي عرسال منهم؟ بدل أن يطبل ويزمر بأن يخشى على عرسال مِن مَن؟ ممن يريدون تحرير جرود عرسال أو يطالبون بهذا التحرير، هذا غير معقول».
وأكد قاسم أن حزب الله يقف خلف الدولة في تحرير الأرض، ولكن هل المطلوب أن ننتظر 22 سنة بحجة المسؤولية الحصرية للدولة كما انتظرنا في القرار 425 لتحرير الجنوب من إسرائيل؟».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.