في إطار جولته الرامية لعرض مقترحاته بخصوص إصلاح الاتحاد الأوروبي، وجد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أمس، «تشددًا» لدى الجانب البولندي، و«دعمًا وتفهمًا» لدى الجانب الألماني. وووصل كاميرون إلى وارسو وبرلين، أمس، بعدما كان بدأ في اليوم الأسبق جولته بلاهاي وباريس.
ويسعى كاميرون من خلال جولته الحالية لعرض اقتراحاته بشأن إجراء تعديلات على معاهدات الاتحاد الأوروبي. وهو يريد بالأساس استعادة بعض الصلاحيات من مؤسسات الاتحاد في بروكسل إلى لندن، وتشديد شروط حصول المواطنين الأوروبيين على مساعدات اجتماعية. وبعد إعادة انتخابه الشهر الحالي، جدد كاميرون تعهده بإجراء استفتاء شعبي على بقاء المملكة المتحدة داخل الاتحاد، وإن كان ذكر مرارًا أنه يرغب في إبقاء البلاد داخل النادي الأوروبي شرط تمكنه من تحقيق إصلاح في مؤسسات الاتحاد.
ويبدو أن كاميرون تمكن من انتزاع دعم مهم من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بعد اجتماعه معها في برلين، أمس. فقد وعدت ميركل بإجراء «مواكبة بناءة» لعملية إصلاح الاتحاد الأوروبي التي تسعى إليها بريطانيا، من دون أن تستبعد إجراء تعديلات على معاهدات أوروبية. وقالت ميركل في مؤتمر صحافي مشترك مع كاميرون: «إن الجانب الألماني يأمل كثيرًا بأن تبقى بريطانيا عضوًا في الاتحاد الأوروبي». ودعت ميركل إلى التشديد أولاً على أساس الإصلاحات التي تريدها لندن ثم تداعياتها الدستورية. وقالت: «عندما تكون مقتنعًا بفكرة لا يمكن القول إن تعديل معاهدة أمر مستحيل تمامًا».
وبدوره، قال كاميرون خلال المؤتمر الصحافي نفسه: «إن الاتحاد الأوروبي أثبت في السابق أنه عندما تكون هناك دولة عضو لديها مشكلة تريد تسويتها، بإمكانه أن يبدي المرونة الكافية، وأنا واثق بأنه سيكون كذلك مجددًا». وكرر كاميرون وميركل الكلام نفسه قائلين: «عندما تكون هناك إرادة يكون هناك مخرج». وأكدت ميركل أنه من غير الوارد لديها أن تمس بمبدأ حرية تنقل الأشخاص داخل الاتحاد الأوروبي، في حين أن كاميرون يرغب بالحد من الهجرة القادمة من دول أعضاء في الاتحاد. وفي المقابل، ذكرت ميركل أنها مستعدة لمناقشة سبل الحد من المساعدة الاجتماعية للمواطنين الأوروبيين، معتبرة أن هذا سيكون أيضًا لما فيه مصلحة ألمانيا.
وتعارض ألمانيا بشدة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خصوصًا أنها تتقاسم معها مفاهيم اقتصادية كثيرة مثل ضرورة إجراء إصلاحات ليبرالية لصالح التقشف في الموازنات، وتحسين التنافسية، وتذليل العقبات أمام تنمية التجارة العالمية. وتخشى ألمانيا أيضًا أن تجد نفسها معزولة داخل اتحاد أوروبي تسيطر عليه دول الجنوب. وعلى خلاف ألمانيا، فإن إدخال تعديلات على معاهدات الاتحاد الأوروبي، يثير قلق كثيرًا من الدول الأعضاء الأخرى التي تخشى استحالة إقرارها بسبب الشكوك حول قبولها شعبيًا.
ومن هذه الدول المتحفظة بولندا التي زارها كاميرون صباح أمس، ولم يجد فيها نفس الحرارة التي لقيها بألمانيا. وترفض بولندا التي يعمل نحو مليون من رعاياها في بريطانيا، أي احتمال لمعاملتهم بشكل مختلف عن البريطانيين. وخلال لقاء كاميرون مع نظيرته البولندية إيفا كوباتش، أكدت الأخيرة أن «بولندا ترفض أي تمييز» بعد أن أشار وزيرها للشؤون الأوروبية رافال ترزافكوفسكي عبر «تويتر» إلى أن المحادثات ستكون «صعبة» بهذا الخصوص. وتحدث الوزير عن «لقاء جيد» تم التطرق فيه كذلك إلى السياسة إزاء روسيا وحركة الهجرة. وتلقت بولندا منذ انضمامها إلى الاتحاد في 2004 مساعدات بمليارات اليورو لتطوير بناها التحتية. لكن بعض الكتل الاجتماعية المؤثرة تندد بسياسة بروكسل على غرار عمال المناجم الذين يخشون سياسة الإلغاء التدريجي لاستخدام الفحم التي يدعو إليها الاتحاد.
وكان كاميرون ذكر خلال زيارته لباريس، أول من أمس، أن أولويته تكمن في «إصلاح الاتحاد الأوروبي كي يصبح أكثر تنافسية ويهدئ مخاوف البريطانيين حيال انتمائهم إليه». وأضاف أن «الوضع الحالي ليس كافيًا، والتغييرات ممكنة وقد تعود بالنفع لا على بريطانيا وحدها بل على أوروبا برمتها». أما الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند فكرر التأكيد على أنه «من مصلحة أوروبا والمملكة المتحدة الوقوف معًا»، مع التأكيد على «احترام» ما سيقرره «الشعب» البريطاني.
وبدأ كاميرون حملته الدبلوماسية بعد تقديم مشروع قانون إلى البرلمان رسميًا، أول من أمس، يفصل آليات الاستفتاء، الذي ستبدأ النقاشات حوله في 9 يونيو (حزيران) المقبل. وسيطلب من البريطانيين الإجابة على سؤال «هل يجب على المملكة المتحدة أن تبقى عضوًا في الاتحاد الأوروبي؟». كما حدد يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) 2017 مهلة قصوى لإجراء الاستحقاق، مع إمكانية تنظيمه في العام المقبل.
كاميرون الساعي لإصلاح «أوروبا» يجد دعمًا في ألمانيا وتشددًا لدى بولندا
ميركل ترغب في بقاء بريطانيا داخل النادي الأوروبي ولا تعترض على تعديل الاتفاقات
كاميرون الساعي لإصلاح «أوروبا» يجد دعمًا في ألمانيا وتشددًا لدى بولندا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة