جون راي لـ {الشرق الأوسط}: أحترم الكلاسيكية العصرية

مصمم دار «دانهيل» البريطاني يتوجه بتصاميمه إلى «جنتلمان» مثله ويحرص على {الذكورية}

الجديد الذي أدخله جون راي أنه نعم الأكتاف وحدد الخصر من دون أن يشده حتى يبقى التفصيل بريطانيًا... قد تختلف التفاصيل لكن الأساسيات الكلاسيكية لا تتغير
الجديد الذي أدخله جون راي أنه نعم الأكتاف وحدد الخصر من دون أن يشده حتى يبقى التفصيل بريطانيًا... قد تختلف التفاصيل لكن الأساسيات الكلاسيكية لا تتغير
TT

جون راي لـ {الشرق الأوسط}: أحترم الكلاسيكية العصرية

الجديد الذي أدخله جون راي أنه نعم الأكتاف وحدد الخصر من دون أن يشده حتى يبقى التفصيل بريطانيًا... قد تختلف التفاصيل لكن الأساسيات الكلاسيكية لا تتغير
الجديد الذي أدخله جون راي أنه نعم الأكتاف وحدد الخصر من دون أن يشده حتى يبقى التفصيل بريطانيًا... قد تختلف التفاصيل لكن الأساسيات الكلاسيكية لا تتغير

على بعد خطوات من فندق «كلاريدجز» من جهة «ديفيز ستريت» وسط لندن، يوجد رقم 2. يقف أمامه بواب بزي مزركش وقبعة عالية تجسد كل الأناقة والتقاليد الإنجليزية، يستقبلني بابتسامة وبعد أن يتأكد من الاسم وأنني لست مجرد سائحة ضلت الطريق، يفتح الباب الخشبي الأسود الثقيل ويسلمني إلى موظف آخر يلبس بدلة سوداء وقميصا أبيض، يفتح لي المصعد ويصحبني إلى الطابق الثاني من المبنى المتاخم لـ«بوردن هاوس» مبنى «دانهيل» الرئيسي. نمر بغرفة صغيرة بها كنبة وسرير، أستغرب وأسأل أين نحن، هل نحن في فندق؟ فيأتي الرد «هذه الغرفة مصممة للأعضاء فقط، يمكنهم الاستراحة فيها أو الإقامة فيها في بعض الأحيان»، ثم يفتح بابا آخر يؤدي إلى غرفة تطل على الشارع بها كنبتان أنيقتان وطاولة رُصت عليها قناني ماء طبيعي. كان هذا هو المكان الذي اختاره جون راي، مصمم دار «دانهيل» لإجراء مقابلتي معه قبل أسبوع من افتتاح الدار محلا جديدا لها بجدة.
كان جون راي متحمسا لهذا الافتتاح ذاكرا لي أن مبيعات الدار من الإكسسوارات، لا سيما أزرار الأكمام والأقلام، مرتفعة في المنطقة وتثير انتباهه كثيرا. ولا يخفي بصراحته أن منطقة الشرق الأوسط سوق مهمة الآن أكثر من أي وقت مضى بالنسبة للكثير من بيوت الأزياء العالمية. فتأثر السوق الصينية وتباطؤ نموها حتم البحث عن أسواق جديدة، كما لا يخفي أنه لا يعرف الشيء الكثير عن المنطقة، لهذا تشكل له تحديا مثيرا: «أصدقك القول بأني لا أعرف الكثير عن المنطقة وجد متحمس لها في الوقت ذاته، وأكثر ما يثيرني فيها ثقافتها المختلفة واحتفاظها بتميزها رغم العولمة التي جعلت الكثير من الثقافات تتشابه وتفقد نكهتها وخصوصيتها».
التحق المصمم بالدار منذ موسمين تقريبا، وأكثر ما لفت النظر في تصاميمه إلى حد الآن، أنه لا يحاول ركوب موجة الابتكار التي يركبها الكثير من المصممين في لندن تحديدا. بل يمكن القول إنه يقف موقفا وسطا بين رغبتهم الجامحة لتكسير المتعارف عليه ولفت الأنظار، وبين كلاسيكية خياطي «سافيل رو» الذين دخلوا مجال الأزياء الجاهزة في السنوات الأخيرة خوفا من أن يفوتهم قطار التجديد ويغطيهم غبار النسيان. أزياء رصينة تخاطب الرجل «الجنتلمان» لكن بأسلوب عصري يركز على التفاصيل ويوليها حقها. يفسر لي جون راي هذا التوجه قائلا: «مهمتي أن أطور جينات الدار بشكل يجعل الناس تتعرف عليها من النظرة الأولى ويقبلون عليها لنفس السبب. فهي تمثل الرجل الأنيق و(الجنتلمان) لهذا لا أريد أن أطورها لتصبح جزءا من الموضة السائدة، بقدر ما أريد أن أطور جيناتها بحرفية تحترم الزبون. ليس مطلوبا مني مثلا أن أصمم سترة بأربعة أكمام أو بنطلون بثلاث أرجل، لكن هذا لا يعني أن أقدم تصاميم مملة». ورغم أنه يعترف بأنه يريد أن يرى اسم الدار قويا يتكلم لغة بريطانية رصينة وعصرية لكنه لا يريدها أن تصرخ، حتى لا يؤثر هذا الصراخ على سمعتها. فالتغيير الجذري قد تكون له سلبيات كثيرة على المدى البعيد حسب رأيه «تصوري مثلا أني أحب مطعما معينا واقصده لسنوات، وفي يوم ما أدخله فأجد أن كل ما فيه من ديكور وألوان وأطباق تغيرت، فحتما سيكون شعوري كمن فقد شيئا غاليا كان يجذبني إليه. نفس الشيء بالنسبة لدار (دانهيل)».
بعد خمس دقائق من الحديث معه، تتأكد أنه لا يؤمن بإحداث تغييرات ثورية لمجرد التغيير وفرض الذات، فقد تعدى هذه المرحلة بكثير بحكم سنواته الطويلة في مجال الأزياء الرجالية، عدا أنه هو نفسه تعدى الخمسين بسنوات، ما يجعله مصمما ناضجا عركته الحياة وعلمته خبرات كثيرة.
فقد عمل لعشر سنوات في دار «غوتشي» في عهد توم فورد، وعندما غادرها عائدا إلى مسقط رأسه باسكوتلندا، كان مصمما أنه سيطلق مجال التصميم ولن يعود إليه مركزا على ترميم بيته والاستمتاع بحياته مع عائلته، لهذا عندما اتصلت به «دانهيل» منذ سنوات رفض عرضها. ثم مرت بضع سنوات، وعاودت الدار عرضها، فقبل. قد يكون شعوره بالملل من الراحة هو سبب قبوله، لكن المؤكد أنه اشتاق إلى العمل من جهة، وإلى لندن، من جهة ثانية كما يقول: «أحب لندن رغم أني اسكوتلندي، ولم أكن أتوقع أني سأشتاق إليها عندما عدت إلى مسقط رأسي، لكن هذا ما حصل. فهي تتمتع بإيقاع خاص ونبض مختلف يتجسد حتى في مستوى الناس الذين يعيشون فيها. ربما يكون هذا القول مثيرا للجدل، لكن هذه حقيقة مشاعري. فهي تقدم طبقا دسما من التأثيرات التي يمكن أن تلهم أي مصمم، ومجرد المشي في شوارعها يلهمني، بالإضافة إلى أسلوب رجالها وطريقتهم في تنسيق أزيائهم وألوانها.. إنهم حقيقيون».
يتبرع هنا بعقد مقارنة بين الإنجليز والإيطاليين، مستشهدا بمعرض «بيتي أومو» للأزياء الرجالية الذي ولدت فيه ظاهرة «موضة الشارع» كما نعرفها الآن: أشخاص يلبسون أحسن ما عندهم ويصورون أنفسهم أو يصورهم آخرون. «هناك نرى طواويس أكثر مما نرى أزياء واقعية، وأنا بريطاني الشخصية والثقافة، وأكثر ما شجعني للعودة إلى تصميم الأزياء أن (دانهيل) بريطانية»
أذكره بسنوات عمله في إيطاليا، وتحديدا بدار «غوتشي» فيأتيني الرد قاطعا، بأنه لا ينوي بأي شكل من الأشكال أن يعيد صياغة ما اختبره في «غوتشي» هنا، بل يريد أن يبدأ صفحة جديدة تماما معتمدا فيها على إرث الدار وعلى نظرته للموضة كزي رسمي يرتاح فيه الرجل ويمنحه الثقة والأناقة في الوقت ذاته، بأسلوب غير متكلف أو مبهرج.
«ما يعجبني في الأناقة الإنجليزية أنها ليست استعراضية مقارنة بالإيطالية. فبينما هي هناك أكثر (نفشا للريش) وقصاتها محددة على الجسم أكثر، تميل في بريطانيا إلى الرزانة الممزوجة ببعض الشقاوة والمرح. فهذا هو الذوق البريطاني، لا يميل إلى التنسيق المفرط للأزياء والإكسسوارات، وهو ما يثير إعجابي. عندما أرى بعض الرجال الرافضين الخضوع لإملاءات الموضة ويصرون على إضفاء لمساتهم الخاصة عليها، ولو باستعمال ألوان جوارب متضاربة أو ربطات العنق بنقشات مرحة وغريبة، أشعر بالإعجاب نحوهم». يكرر جون راي أنه لا يحب الأسلوب «الداندي» المنمق، ويفضل عليه أسلوبا قويا ومقنعا، يتمثل في أزياء عصرية وكلاسيكية.
لكن هل بدأ يشعر بالانتماء إلى «دانهيل» وبأنها بيته أو مملكته بعد مرور موسمين فيها؟ يضحك ويرد بسرعة بأنه لا يشعر بذلك في الوقت الحاضر على الأقل «نعم أشعر بالراحة في الدار، والسعادة بعودتي إلى لندن، لأني بريطاني في ثقافتي وتفكيري كما ألبس مثل أي رجل بريطاني، وهذا لا يعني أني كنت تعيسا في إيطاليا، بل العكس، لأني عملت مع (غوتشي) التي منحتني تجربة ممتعة وغنية، وكل ما في الأمر أني أكثر سعادة هنا لأن رؤيتي الخاصة تتوافق مع أسلوب (دانهيل) البريطاني، لأنه أكثر وضوحا وواقعية» ويضيف بعد تفكير: «هناك حدود مرسومة فيه تمنعك من أن تشطح بخيالك بعيدا عنه».
مما لا شك فيه أن «دانهيل» أخذت وقتها في البحث عن مصمم مناسب يعوضها عن كيم جونز الذي تركها متوجها لدار «لويس فويتون»الفرنسية، ووجدته، إذ لا خوف على جيناتها وإرثها من أي شطحات جنونية تصدر منه فتهز كيانها وتغير شخصيتها. تصاميمه موجهة لحد الآن إلى رجل راق، منطلقا من نفسه وما يريده كرجل يفهم معنى الأناقة قبل أن يكون مصمما «فأنا لست مثل المصممين الفرنسيين الذي يحاولون قلب الموازين وتغيير كل شيء، مثل تقصير البنطلونات أو غيرها، بل أفضل أن احترم الكلاسيكية العصرية وأن أحافظ على ذكورية التصاميم» حسب قوله.
ومع ذلك لا بد من الإشارة إلى أن وظيفته تفرض عليه أن يخطو، إن لم نقل يقفز، بإرث الدار إلى الأمام ولا يستكين إلى الأمجاد القديمة، وإلا فما الفائدة من الاستعانة به؟. هذا ما يدركه لكن يعود ويؤكد بأن الدار لا تحتاج إلى ثورة أو عملية تجميل جذرية، بقدر ما تحتاج إلى رتوشات وتطويرات تواكب متطلبات حياة رجل عصري يريد أن يجد في كل مرة يقصدها تصاميم جديدة تروق له. صحيح أن هذا الزبون وفي ولا يريد أن يغير أسلوبه تماما، إلا أنه في الوقت ذاته لا يريد أن يجد نفس التصاميم التي اشتراها في الموسم الماضي أو الذي قبله. «دوري أن أطورها ضمن حدود الأناقة والعصر، وليس بطريقة ضد المتعارف عليه مثل ما نراه في شوارع الموضة الأوروبية مثلا. علي أن آخذ بعين الاعتبار ثقافة (دانهيل) وجيناتها، سواء تعلق الأمر بتفصيل السترات أو اختيار الأقمشة وتوظيف تقنياتها الجديدة للحصول على إطلالة متجددة في كل مرة».
في هذا الموسم، استعمل جون راي قماش التويد بكثرة، ولأنه موجه للربيع والصيف، خلصه من ثقله وسمكه، مستعينا بطريقة جديدة للغزل مزجته بالكتان والحرير ما أكسبه خفة وانتعاشا من دون أن يُفقده مظهره الإنجليزي الكلاسيكي. القصات أيضا خضعت لبعض التطوير مثل الأكتاف الناعمة والقصات المحددة عند الخصر من دون أن تشده محاولة إبراز عضلاته المفتولة كما هو الحال بالنسبة لبعض البدلات الإيطالية. فـ«الانتباه إلى التفاصيل الصغيرة والتقنيات هما سلاحي للتطوير» حسب قوله «ولنكن صريحين مع بعض، فرغم أن قطاع الأزياء الرجالية منتعش وينمو بسرعة، فإن خياراته محدودة لا تتعدى البنطلونات والقمصان والبدلات، ما يجعل التركيز الآن على التقنيات والتكنولوجيا».
أشير إلى عمره، وما إذا كان له دور في تبنيه هذا الموقف «العقلاني» من الموضة، مقارنة بغيره من الشباب الذين يعانقون الابتكار إلى حد الجنون أحيانا، فينتفض مدافعا وكأنه في قفص الاتهام: «نعم أنا ناضج لكني ليس ميتا. فإنا استمع إلى نبض الشارع ومتتبع لثقافة الشباب وما يجري من حولي من تغيرات، إضافة إلى أني كنت أنا نفسي، في يوم من الأيام شابا صغيرا، مهووسا بالموضة والأسماء العالمية، وبالتالي أفهم ما يشعر به بعض الشباب. الفرق أن السنوات علمتني أن أطور أسلوبي الخاص وأن ألبس ما أرتاح فيه ويمنحني الثقة». يتابع: «نعم أحب أن يبدو الرجل ناضجا وراقيا، وهذا لا علاقة له بالسن، فالكثير من العاملين معي في عز الشباب، بعضهم يرتدي نفس السترة والبنطلون والقميص الذي ألبسه، لكن طريقة تنسيقهم لها تختلف عن طريقتي، هذا كل ما في الأمر. أنا الآن في مرحلة أفضل فيها، مثل زبون (دانهيل)، تصاميم بجودة عالية ومفصلة على مقاسي، بما في ذلك أحذيتي وباقي إكسسواراتي، عوض (تي – شيرت) بسعر 300 جنيه إسترليني». ثم يعقب ضاحكا بأن المشكلة أنه عندما يتذوق الرجل الأسلوب الراقي ويجرب أزياء مفصلة على مقاسه، يكتشف جمالياتها فيصبح مدمنا عليها ولا يعود يقبل بغيرها.
كلما طال الحديث مع جون راي تشعر بعفويته وتلقائيته، وبأنه لا يلعب دورا حفظ نصه ويتلوه عليك حتى يعكس صورة المصمم الذي لا مثيل له في العالم أو سيحقق المعجزات. بالعكس، يشعرك بأنه عضو مهم في عالم الموضة، إلا أنه ليس ضحية أو عبدا لها فالخوف بالنسبة له «عندما نعمل في مجال الموضة أننا قد نعيش وندور فيما يشبه الفقاعة، وأنا لم تعد تهمني هذه الفقاعة». لكنه في الوقت ذاته، لا ينكر أهمية الأزياء ودورها الأساسي في أن تعكس صورة أنيقة وراقية تمنح صاحبها الثقة والاعتزاز بالنفس، وتبقى معه طويلا، وهنا تتلخص مهمته.
افتتحت «دانهيل» متجرها الجديد في المملكة العربية السعودية في بوليفارد بجدة ليكون السابع في الشرق الأوسط.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.