يسود بلدة عرسال الحدودية الواقعة شرقي لبنان، ذات الأكثرية السنية، ترقب وحذر بالتزامن مع توالي تصريحات مسؤولي حزب الله وأخيرا أمينه العام حسن نصر الله التي تمهّد لمعركة في البلدة وجرودها، حيث تتمركز جماعات مسلحة يتصدى لها الجيش اللبناني منذ أغسطس (آب) الماضي، بعد محاولتها احتلال البلدة التي تستضيف ما يزيد على 80 ألف لاجئ سوري. ويبدو أهالي عرسال الذين يبلغ عددهم الإجمالي 40 ألفا مستنفرين، خاصة بعد التحذير الذي أطلقه نصر الله في إطلالته الأخيرة لجهة أنّه «إذا لم تتحمل الدولة اللبنانية المسؤولية في مواجهة المجموعات المتطرفة في جرود عرسال، فإن أهل البقاع لن يقبلوا ببقاء إرهابي واحد في جرودهم». وقالت مصادر ميدانية في البلدة فضلت عدم الكشف عن هويتها، إن «الأهالي كانوا قد اتخذوا قرارهم بالوقوف صفا واحدا إلى جانب الجيش بمواجهة المسلحين»، الذين يختطفون منذ ما يقارب العام 25 عسكريا يحتجزونهم في المنطقة الجردية. وأشارت المصادر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «وبعد تهديدات مسؤولي حزب الله المتتالية بخوض عناصر الحزب المعركة بدلا عن الجيش، فذلك غيّر كل المعطيات، فبات الأهالي يتحضرون لمواجهة عناصر الحزب في حال قرروا الدخول إلى البلدة أو خوض معارك في جرودها». واعتبرت المصادر أن «تهديد نصر الله بتولي العشائر في منطقة البقاع مواجهة المسلحين هو جر للمنطقة إلى حرب أهلية»، مشددة على أن «الجيش وضباطه يعون تماما خطورة الوضع وحساسيته ولذلك لن يسمحوا بجرنا إلى هذا السيناريو».
وتتمتع عرسال بخصوصية في محيطها حيث الأكثرية الشيعية المؤيدة لحزب الله والنظام السوري، باعتبار أن البلدة السنية تساند منذ اندلاع الأزمة في سوريا قبل 4 سنوات، قوى المعارضة، ولطالما شكّلت «قاعدة خلفية» لإمداد المقاتلين بالمؤن الغذائية والطبية التي يحتاجونها، حتى إنه تم إنشاء مستشفى كان يُعنى باستقبال المقاتلين الجرحى الذي يسقطون في منطقة القلمون الحدودية.
ومع عودة المواجهات إلى القلمون في الأيام الماضية، رفع الجيش اللبناني من استعداداته للتصدي لأي محاولات جماعية لدخول المسلحين هربا من المعارك على الأراضي السورية، وهو نفذ في الساعات الماضية أكثر من عملية استهدفت مواقع للمسلحين في منطقة جرود عرسال. وشدّد رئيس بلدية عرسال علي الحجيري في حديث لـ«الشرق الأوسط» على أن «الجيش وحده مخول الدخول والخروج إلى عرسال وجرودها»، متوجها لحزب الله بالقول: «عرسال ليست القصير».
وأشار الحجيري إلى أن «الجيش اللبناني يطوق عرسال من كل الجهات، وبالتالي إذا قرر حزب الله الدوس على كرامة الجيش للدخول عنوة، فعندها نكون قد دخلنا في الفوضى وتم جرنا إلى المواجهة، وكما أن إيران وسوريا تمدان حزب الله بالسلاح فهناك دول أخرى ستدعمنا بالسلاح». وأضاف: «لكن الجيش يبقى ضمانتنا ونتمسك به بعكس حزب الله الذي يحاول تنصيب نفسه بديلا عنه».
وفي المقابل تابع «حزب الله» تهديداته بدخول جرود عرسال، فاتهم رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد «من يصفون أنفسهم بالمعتدلين في لبنان بالاستقواء بالإرهابيين في الخارج ضد شركائهم في الوطن، ويحاولون أن يصوّروهم كأسطورة مرعبة حتى لا يتجرأ أحد على مواجهتهم، وحتى يتمكنوا من خلال تواطئهم معهم أن يحققوا مكتسبات رخيصة وتافهة سلطوية ولو إلى حين». وقال في احتفال تكريمي في الجنوب: «نحن لا نقبل من هؤلاء المعتدلين أنه وتحت عنوان الحرص المزعوم على بلدة عرسال، أن تبقي جرود عرسال تحت احتلال هؤلاء الإرهابيين، ولا نمنح الجيش اللبناني قرارا سياسيا من أجل أن يقتحم أوكارهم، بعد أن ضيقت المقاومة الخناق عليهم من الخلف».
وحذر رعد «الفريق الآخر في لبنان من الوقوع في موضوع عرسال بمثل ما وقع به أهل الرمادي في العراق، فالمقاومة إلى جانب الجيش اللبناني جاهزة من أجل أن تقوم بواجبها الوطني»، مشددا على أن الحزب لن يترك أرضا لبنانية «تدنس من قبل هؤلاء التكفيريين الإرهابيين».
وكان رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري رد على حملة حزب الله التمهيدية لخوض معركة في جرود عرسال، فشدد على أن «الدفاع عن الأرض والسيادة والكرامة ليس مسؤولية حزب الله لا في عرسال ولا في جردوها ولا في أي مكان آخر، وموقفنا من (داعش) وقوى الضلال والإرهاب لا يحتاج لشهادة حسن سلوك من أحد».
وسأل الحريري «أي معنى لربط مصير النبطية وبعلبك وعرسال بمصير الرمادي والموصل وتدمر وصعدة وسواها؟ وإلى أي هاوية يريدون أخذ لبنان؟ وأي حرب يطلبون من الطائفة الشيعية وأبناء العشائر في بعلبك - الهرمل الانخراط فيها؟».
عرسال تستنفر بالتزامن مع تمهيد حزب الله لمعركة في البلدة وجرودها
رئيس بلديتها لـ «الشرق الأوسط»: ليست القصير والجيش وحده مخول بالدخول إليها
عرسال تستنفر بالتزامن مع تمهيد حزب الله لمعركة في البلدة وجرودها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة