المالكي: شرطة الأنبار ستتشكل من أبناء عشائرها التي تحارب «داعش»

رئيس الوزراء العراقي يقرر الاستمرار في محاصرة الفلوجة

مسلحون مناوئون للحكومة يتجمعون في موقع بالفلوجة أمس (أ.ب)
مسلحون مناوئون للحكومة يتجمعون في موقع بالفلوجة أمس (أ.ب)
TT

المالكي: شرطة الأنبار ستتشكل من أبناء عشائرها التي تحارب «داعش»

مسلحون مناوئون للحكومة يتجمعون في موقع بالفلوجة أمس (أ.ب)
مسلحون مناوئون للحكومة يتجمعون في موقع بالفلوجة أمس (أ.ب)

كشف نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، أمس، عن أن بعض أحياء مدينة الفلوجة تحولت إلى مناطق للتصنيع العسكري، معلنا عن خطة تبقي هذه المدينة تحت الحصار مع إحكام السيطرة على منافذها.
وقال المالكي في كلمته الأسبوعية، إن «الفلوجة ستحاصر بالأجهزة الأمنية لمنع تواصل الإرهابيين في داخلها مع الخارج بعد تحول مناطقها إلى مناطق للتصنيع العسكري، ومنها الحي العسكري، وفيه يعمل بعض ضباط النظام السابق من ذوي الخبرة في التصنيع العسكري ومعهم ضباط من دول أخرى يقومون بصناعة العتاد وبعض الأسلحة التي يستخدمونها ضد الشعب العراقي والأجهزة الأمنية، لذلك هذا الحي سيبقى هدفا للأجهزة الأمنية لكونه فارغا من الأهالي، إلا هؤلاء من القتلة والمجرمين». وأضاف أنه «مع هذا التطور الذي عبرنا فيه مرارا بأننا مع الحسم لتطهير الجيوب وملاحقتهم تبرز الحاجة الملحة إلى خطة حكومية تنهض بالمسؤولية لإعادة الأوضاع الطبيعية في الأنبار ولكل من تضرروا، لذلك نحن بصدد خطة موضوعة سيعقد لها اجتماع خلال اليوميين المقبلين أو الأيام الثلاثة المقبلة وأركانها الأساسية حكومة الأنبار التي وقفت ببسالة إلى جانب الأجهزة الأمنية وضد الإرهابيين و(داعش) والعشائر التي وقفت إلى جانب إرادة القتال مع الأجهزة الأمنية الحكومية وكانت شريكة في هذا الجهد الحكومي، بالإضافة إلى الحكومة الاتحادية التي ينبغي أن تنهض في مسؤولياتها بإعادة إعمار المحافظة بعد فرض الأمن والاستقرار قريبا».
كما أعلن المالكي عن «تشكيل لجان عاجلة هدفها جرد الأضرار التي لحقت بالمواطنين في ممتلكاتهم الخاصة والعامة جراء العمليات العسكرية، إضافة إلى الجسور والمستشفيات والمدارس والكثير من المنشآت العامة التي ينبغي إعمارها وأن ترصد لها الأموال اللازمة بجرد دقيق يعيد المحافظة أفضل من السابق». وأشار المالكي إلى أنه وبصدد إيجاد حل نهائي لما تتعرض له الأنبار فإنه لا بد من «إعادة بناء أجهزة الشرطة الخاصة بالأنبار التي ستستوعب كل الشرفاء من أبناء العشائر الذين وقفوا إلى جانب الأجهزة الأمنية وحملوا السلاح وقاتلوا فإنهم سيكونون أركانا أساسية في بناء القوات المسلحة وأجهزة الشرطة بالأنبار حتى إذا انسحب الجيش من المدن يسلم مسؤولية الأمن إلى الشرطة التي ستتدرب وستتسلح لتكون بمستوى الكفاءة التي تردع الإرهابيين الذين يعودون بين فترة وأخرى».
وفي هذا السياق، أكد فارس إبراهيم، عضو المجلس التأسيسي لأبناء العراق، وهو أحد الفصائل العشائرية الموالية للحكومة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخطة التي أعلنها رئيس الوزراء هي الإجابة عن الخطة العشائرية التي جرت بالاتفاق مع الحكومة المحلية في الأنبار والتي نقلها إلى رئيس الوزراء كل من وزير الدفاع سعدون الدليمي ووكيل وزارة الداخلية عدنان الأسدي، وبالتالي فإننا نعتقد أن وضع هذه الخطة موضع التنفيذ سيكون له الأثر البالغ في تحقيق نقلة نوعية في الحرب ضد الإرهاب في هذه المحافظة».
وبشأن المخاوف من كون الحديث عن إعادة دمج عشائر مع الأجهزة الأمنية مع تصنيف عشائر أخرى في صف الإرهاب، وهو ما قد ينعكس على التركيبة العشائرية في الأنبار، قال إبراهيم إن «الحكومة لم تختر هي العشائر التي يمكن القول إنها أصبحت موالية لها، بل إن المعركة ضد الإرهاب هي التي أفرزت ذلك، وبالتالي فإنها دعمت من وقف ضد الإرهاب، وأستطيع هنا القول إن الخطة التي رفعناها إلى رئيس الوزراء حظيت بدعم كل عشائر الأنبار الكبرى، أما من اصطف مع العناصر الإرهابية فإن الأبواب بقيت مفتوحة شريطة أن يلقي سلاحه».
لكن الشيخ عامر الجميلي، أحد شيوخ عشائر الأنبار، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة بعد أن ماطلت لأكثر من سنة في تنفيذ مطالب المتظاهرين تمكنت خلال هذه المدة من مد الخيوط مع رجال عشائر وصيغ مختلفة لجلبهم إلى جانبها لكي تؤكد أن خططها مدعومة بالعشائر، وهو أمر نجحت فيه في وقت لم يتمكن فيه شيوخ الأنبار من توحيد موقفهم لا على صعيد التعامل مع الحكومة أو الموقف من الإرهاب».
من ناحية ثانية، أعلنت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أن عدد النازحين من محافظة الأنبار بلغ نحو 300 ألف شخص. وأوضحت المفوضية في بيان أنه «على مدار الأسابيع الستة الماضية نزح نحو 300 ألف عراقي من نحو 50 ألف عائلة» من الأنبار بسبب أحداث الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) والرمادي (100 كلم غرب بغداد). وأضاف البيان الذي أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، أن «النازحين العراقيين يقيمون في المدارس والمساجد وأبنية عامة أخرى ويحتاجون بشكل عاجل» إلى مساعدات إنسانية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.