خالد بحاح لـ«الشرق الأوسط»: حوار الرياض ركيزة الأساس لأي محادثات لاحقة

نائب الرئيس اليمني قال إن مؤتمر جنيف يأتي في إطار العمل الأممي التقليدي

جانب من لقاء نائب الرئيس اليمني خالد بحاح مع جالية بلاده بحضور سفير اليمن علي العياشي في القنصلية اليمنية العامة في جدة أمس (تصوير: سلمان المرزوقي)
جانب من لقاء نائب الرئيس اليمني خالد بحاح مع جالية بلاده بحضور سفير اليمن علي العياشي في القنصلية اليمنية العامة في جدة أمس (تصوير: سلمان المرزوقي)
TT

خالد بحاح لـ«الشرق الأوسط»: حوار الرياض ركيزة الأساس لأي محادثات لاحقة

جانب من لقاء نائب الرئيس اليمني خالد بحاح مع جالية بلاده بحضور سفير اليمن علي العياشي في القنصلية اليمنية العامة في جدة أمس (تصوير: سلمان المرزوقي)
جانب من لقاء نائب الرئيس اليمني خالد بحاح مع جالية بلاده بحضور سفير اليمن علي العياشي في القنصلية اليمنية العامة في جدة أمس (تصوير: سلمان المرزوقي)

أكد المهندس خالد بحاح نائب الرئيس اليمني رئيس مجلس وزراء، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن مؤتمر الرياض حقق نجاحا باهرا، مبينا أن نتائجه «يجب أن تكون نقطة الانطلاق لأي عمل سياسي لاحق».
وقال بحاح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش تدشينه «مركز الأمل لتصحيح أوضاع اليمنيين»، في جدة أمس، أن نجاح مؤتمر الرياض يتضح «من خلال التحالف الوطني الكبير الذي ضم مكونات المجتمع اليمني كافة، باستثناء حملة السلاح»، مشيرا إلى أن مؤتمر الرياض «سيكون انطلاقة لعمل سياسي، وقاعدة يمكن البناء عليها في أعمال سياسية لاحقة». وفيما غاب جماعة أنصار الله (الحوثيون) عن مؤتمر الرياض، شدد بحاح على أن المؤتمر غير معني بتحاور طرفين متضادين من أبناء اليمن، بقدر ما هو معني بالحوار والتشاور بين كل مكونات المجتمع اليمني على اختلاف أطيافهم ومشاربهم وانتماءاتهم السياسية والقبلية والمذهبية.
وركز بحاح على أن المجتمع اليمني بكل مكوناته حضر للحوار وحلقات النقاش، وشاركوا جميعا في الإعداد والعمل على بناء اليمن «ولم يتغيب عنه إلا الميليشيات التي بقيت تعبث على الأراضي اليمنية». وقال: «من غاب هو الطرف المنشغل بالاقتتال في الداخل». وذهب نائب الرئيس اليمني إلى أن مؤتمر جنيف يأتي في إطار العمل الأممي التقليدي المستمر، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تمثل مظلة للجميع بالمشاركة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك منذ بداية الأحداث عام 2011، التي انتهت بخلع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. وعبر بحاح عن أمله في أن تكون الأمم المتحدة الراعي الأمثل، لحل المشكلة اليمنية، وذلك بما يتوافق مع المبادرة الخليجية، وينسجم مع الجهود التي تبذلها الرياض التي تراعي فيها مصالح اليمن كدولة شقيقة.
وكان بحاح زار القنصلية اليمنية بجدة والتقى السفير اليمني علي العياشي، ووفد من رجال الأعمال اليمنيين وشخصيات عامة. وحول ما وصلت إليه الأوضاع الإنسانية السيئة لأبناء اليمن العالقين في الخارج، استنكر بحاح ما وصلت إليه أحوال أبناء شعبه في الخارج، وما وصلت إليه اليمن من أوضاع صعبة لم تشهد مثيلاً لها في تاريخها، مشيرا إلى أن الأوضاع الحالية ناتجة عن تهور وجنون من بعض أبناء اليمن في الداخل «وهو ما أدى إلى هذا المستوى الكارثي». وشدد على ضرورة تحمل الجالية اليمنية الموجودة في الخارج المسؤولية تجاه وطنهم، ومد يد العون لإخوتهم العالقين، متأسفا على ما يدور داخل اليمن من قتل اليمنيين على أيدي أبناء جلدتهم.
وأشاد بلفتة الملك سلمان بن عبد العزيز بفتح مركز للإغاثة، الذي ستكون الجمهورية اليمنية أول المستفيدين منه. وخلال لقائه باليمنيين في القنصلية بجدة ناقش بحاح بعض القضايا والملفات التي كان من أبرزها الملف الصحي، ومناشدة الحكومة السعودية منح اليمنيين حق العلاج المجاني في المستشفيات الحكومية. ودار نقاش بشأن الملف التعليمي والمطالبة بزيادة المنح الدراسية من 400 منحة إلى أكثر من ذلك، ضمن الملفات التي نوقشت نظرا لوجود أكثر من ألفي طالب في المنطقة الغربية من السعودية.
وعن العالقين في الخارج، وتحديدا في مصر، وما حدث في الفترة الأخيرة من بعض التجاوزات تجاههم، لفت بحاح إلى أن الحكومة اليمنية أرسلت مبعوثا خاصا إلى مصر لبحث ما حدث. وفيما كشف السفير علي العياشي وهو القنصل العام اليمني في جدة، أن التنسيق مع السلطات السعودية خلص إلى إقرار تمديد فترة تأشيرات المرور لليمنيين القادمين إلى السعودية من عشرة أيام إلى شهر.
ودشن المهندس خالد محفوظ بحاح نائب الرئيس اليمني صباح أمس مركز الأمل في القنصلية اليمنية بجدة لتصحيح أوضاع ما يقارب من مليون يمني من المقيمين بصورة غير نظامية في المنطقة الغربية من السعودية، تنفيذًا لتوجيهات حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز القاضية بمنحهم تأشيرات زيارة لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد بعد حصولهم على وثائق سفر من حكومة بلادهم الشرعية، والسماح لهم بالعمل وفق ما لدى الجهات المختصة من ضوابط.
وتعرف بحاح على خطوات عمل المركز وأقسامه المختلفة الرامية إلى سرعة إنجاز المعاملات وتصحيح أوضاع المترددين عليه بكل يسر وسهولة، بحضور علي العياشي القنصل العام اليمني بجد، ومازن بترجي نائب رئيس غرفة جدة، وعدد من مسؤولي القنصلية، وتعرف الجميع عن قرب على خطوات تصحيح الأوضاع عبر المركز الذي تديره القنصلية.
ونوه نائب الرئيس اليمني بوقفة السعودية مع الأشقاء اليمنيين في الأزمة الحالية التي يعانيها اليمن، مؤكدا أن بادرة خادم الحرمين الشريفين وجميع مواقفه الشجاعة، محل تقدير كل مواطن يمني. وأثنى بحاح على بادرة خادم الحرمين الشريفين بتصحيح أوضاع اليمنيين المقيمين بصورة غير نظامية، ودفعهم للعمل مع أشقائهم السعوديين بصورة كريمة، وأكد أن ذلك ليس غريبًا على القيادة السعودية التي قدمت الغالي والنفيس لأشقائها في اليمن، ونجحت في إقامة تحالف دولي كبير لإنقاذ الوطن من أيدي الميليشيات الحوثية الآثمة ومن يعاونونهم، مؤكدا أن عمل اليمنيين في وطنهم الثاني السعودية بشكل نظامي سيساعدهم على الاستقرار ويشعرهم بكثير من الطمأنينة.
وثمن نائب الرئيس اليمني الدعم الكبير الذي تقدمه الغرفة التجارية الصناعية في جدة لمركز الأمل لتصحيح أوضاع اليمنيين، شاكرًا صالح بن عبد الله كامل رئيس الغرفة على دعمه ومساندته، وجميع القيادات التنفيذية للغرفة التجارية وأصحاب الأعمال الذين يقفون مع اليمن في محنته.
من جهته، كشف مازن بترجي نائب رئيس غرفة جدة أن المركز يستوعب ثمانية آلاف مستفيد في الساعة، مؤكدا وجود 150 موظفًا دبلوماسيًا لمساعدتهم على الاستفادة في المدة الممنوحة لهم التي تنتهي خلال 50 يوما وفقا للأوامر الملكية السامية التي اختصت المواطنين اليمنيين دون غيرهم، تقديرا للظروف الصعبة التي يشهدها اليمن - حاليا - واستكمالا للخدمات الإنسانية التي تقوم بها الحكومة السعودية للتخفيف عليهم.
وأضاف أن المركز جرى تجهيزه خلال 48 ساعة عبر إنشاء خيام متطورة مكيفة ومجهزة بكل الخدمات بدعم ورعاية من الغرفة التجارية الصناعية بجدة شبيهة للخيام التي جرت إبان تصحيح أوضاع العمالة الأجنبية في السعودية قبل عامين، ويجري العمل على مساندة طاقم السفارة بمتطوعين لتسريع العمل وتمكين الإخوة اليمنيين من الاستفادة من الموقف الإنساني النبيل من خادم الحرمين الشريفين، حيث وجه الشيخ صالح كامل رئيس غرفة جدة بالوقوف مع الإخوة اليمنيين في هذه المحنة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».