اقترنت صورة العرب وثقافتهم ولغتهم وأديانهم بالدم والعنف والألم والمعاناة في الأوساط الغربية وضمن الأجيال الناشئة، كما لم تحظ المواهب العربية إلا باهتمام وقتي ونادر لا يكاد يتحسّن في ظل الأوضاع المأساوية التي تعيشها المنطقة، وهو ما تطمح مبادرة «تكريم» إلى تغييره من خلال إعادة الاعتبار للمواهب العربية وتسليط الضوء على المبدعين في مختلف المجالات، سواء تعلّقت بالثقافة والتعليم والعلوم أو بالبيئة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتقديم إنجازاتهم في منابر عالمية.
وقد عقدت لجنة تحكيم مبادرة «تكريم» اجتماعها السنوي أول من أمس في العاصمة البريطانية لندن لاختيار الفائزين في مختلف المجالات في عامها السادس. وأوضح ريكاردو كرم، الإعلامي اللبناني مؤسس مبادرة «تكريم»، لـ«الشرق الأوسط»: «اهتممت خلال مسيرتي المهنية باكتشاف المواهب العربية المتألقة وتقديم أعمالهم من خلال مختلف المنابر الإعلامية، وأذكر من بين هذه الكفاءات: زها حديد، نيكولا حايك، وغيرهم. ومن هنا، نبعت فكرة (تكريم) لاكتشاف العرب الذين أبدعوا في مجالاتهم على نطاق أوسع وتشجيعهم». ويضيف: «نسعى من خلال منبر (تكريم) إلى إعادة الأمل لشباب المنطقة وتشجيعهم على حمل راية الإبداع والعلم والفكر المتنوع. فشبابنا اليوم في أمسّ حاجة لقدوات عربية تمكّنت من النجاح رغم الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي تعاني منه منطقتنا حاليا».
والجدير بالذكر أن مبادرة «تكريم» تأسست سنة 2010 وتوّجت عددا من المبدعين العرب في تسعة مجالات تشمل: المبادرين الشباب، والإبداع الثقافي، والمرأة العربية الرائدة، والخدمات الإنسانية والمدنية، والمساهمة الدولية في العالم العربي، والإبداع العلمي والتكنولوجي، والتنمية البيئية المستدامة، والابتكار في مجال التعليم، والقيادات البارزة للأعمال.
وتضمّ لجنة التحكيم شخصيات بارزة عربية وغير عربية ساهمت في تطوير المنطقة وفي تشجيع الإنجاز والابتكار، يذكر منها الملكة نور الحسين، الأمير منصور بن ناصر بن عبد العزيز، الأميرة بندري الفيصل، عيسى أبو عيسى، الشيخة مي الخليفة، الدكتور الأخضر الإبراهيمي، توماس أبراهام، صالح التركي، الدكتورة فريدة العلاقي، سمير عساف، الشيخة بولا الصباح، سمير بريخو، كارلوس غصن، نورا جنبلاط، الدكتور أحمد هيكل، سامر خوري، الليدي حياة بالونبو، الروائي مارك ليفي، رجا صيداوي، وأسماء الصديق مطاوع.
ومن جانبها، تقول فريدة العلاقي، مندوبة ليبيا في الاتحاد الأوروبي، لـ«الشرق الأوسط»: «تكمن مهمة (تكريم) الأولى في إعادة زرع الأمل في قلوب الشباب العربي وتشجيعه على العطاء والاجتهاد لتكوين واقع جديد. لا تتميز مبادرة تكريم برسالتها الفريدة فحسب، بل بمنهجيتها العلمية والشفافة كذلك».
وأضافت: «صحيح أننا في العالم العربي وفي ليبيا خاصة نواجه واقعا أليما.. واقع إرهاب وعنف وتطرف. لكن تاريخنا مليء بالعبر. فمثلما حررنا أجدادنا من معاناة الاستعمار، يتوجب علينا تحرير هذه الأجيال والأجيال القادمة من هذا الاستعمار الجديد عن طريق اكتشاف واستحضار العقل العربي المغيّب».
وعن اختيار مواقع اجتماعات لجنة التحكيم وحفلات التتويج، يوضّح كرم: «نحاول عقد حفلات التكريم في بلد عربي مختلف كل سنة ونتعمّد أن نناوب بين بلدان المشرق والخليج والمغرب العربي». ويضيف: «أعتقد أن ما يميّز (تكريم) هو مبدأ الشفافية المعتمد خلال مرحلة الاختيار وفي اجتماع لجنة التحكيم السنوي حيث إن عملية التقييم تتم بناء على مؤهلات المرشحين فحسب».
ويتمّ اختيار المرشّحين عن كل فئة من فئات «تكريم» من خلال عملية دقيقة بالغة الجدية، بمعزل عن الجنس أو الدين أو الأصل القومي أو الانتماء السياسي أو العمر، على أن يكونوا من أصل عربي ما عدا مرشّحي فئة «المساهمة الدولية الاستثنائية في المجتمع العربي». وتنقسم عملية اختيار الفائزين إلى مرحلتين، تتمّ خلالهما دراسة إنجازات كل مرشّح على حدة وتقييمها. في المرحلة الأولى، يُدعى المجلس الاختياري إلى إجراء مراجعة معمّقة لإنجازات المرشّحين. يضم هذا المجلس محترفين وخبراء في مجالاتهم.
أما المرحلة الثانية، فيدعى خلالها المجلس التحكيمي إلى مراجعة القائمة المختصرة من المرشّحين لاختيار فائزٍ واحد لكلّ فئة من الفئات التسع. ويذكر أنّ أعضاء أسرة «تكريم» يشاركون في الاجتماعات التي يتمّ خلالها استعراض ملفات المرشّحين ودراستها، بصفة استشارية، من دون المشاركة في عملية التقييم.
مبادرة «تكريم».. رسالة أمل جديدة للشباب العربي المبدع
مندوبة ليبيا في الاتحاد الأوروبي: تشجيع العلم والإبداع الثقافي أنجع سبيل لمكافحة العنف والتطرف
مبادرة «تكريم».. رسالة أمل جديدة للشباب العربي المبدع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة