زينت حلوى ماريجن روفرز طاولات بعض أفضل وأرقى المطاعم في هولندا، لكن الكرة الأرضية المصنوعة من الشوكولاته، التي تحمل اسم «تشوكلايت غلوب»، تعد العمل الأكثر دقة وتقدما من الناحية التكنولوجية. وقد تم تزيين قشرة خارجية من الشوكولاته سمكها 0.8 مليمتر بالذهب، بما يمثل القارة التي تعد منشأ الشوكولاته، فضلا عن تفاصيل دقيقة تمثل المنطقة.
* غذاء بالطبع المجسم
* وقد طبعها روفرز مع الطاهي ووتر فان لارهوفن طبقة طبقة باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد. ويتصدر روفرز مجموعة صغيرة من الذواقة، ومحبي الطعام، ومحبي التكنولوجيا، الذين يريدون إحداث ثورة في طريقة إعداد الطعام. في وقت لاحق من العام الحالي، سوف تحاول شركة «ناتشرال ماشينز» في برشلونة بإسبانيا، استخدام هذه التكنولوجيا في مطابخ المنازل من خلال بدء بيع جهاز «فوديني» Foodini، وهي طابعة طعام ثلاثية الأبعاد مصنوعة للمستهلكين.
وقال هود ليبسن، مهندس في جامعة «كورنيل» في إيثاكا بنيويورك في حديث نقلته مجلة «ناتشر»: «هناك جدل كبير في عالم الطباعة ثلاثية الأبعاد يتمحور حول التساؤل عما إذا كان الجميع سيتمكنون من امتلاك طابعة ثلاثية الأبعاد في منازلهم، هل سيصبح الأمر مثل امتلاك جهاز كومبيوتر شخصي؟ أعتقد أن الإجابة هي: نعم، لكنها لن تطبع مواد بلاستيكية، بل ستكون طابعة طعام».
وأوضح ليبسن، الذي يعمل مختبره على تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد منذ عقود، أنه لم يمر وقت طويل حتى وبدأ طلبته في طباعة المثلجات والشوكولاته. وركز أكثر محبي الطعام الذواقة، الذين تبنوا هذه التكنولوجيا، مثل: ليبسن وروفرز، على الحلوى ذات الأشكال الفنية المرحة. ويعمل آخرون على تطوير التكنولوجيا وأنظارهم موجهة نحو مجال الرعاية الصحية.
* وجبات المستشفيات
* في منظمة «تي إن أو» الهولندية، التي تعمل في مجال البحث العلمي التطبيقي، في آيندهوفن، يعمل باحثون على ابتكار تقنيات طباعة تسمح للمستهلكين والمستشفيات بتعديل الوجبات الغذائية، بحيث تناسب احتياجات كل فرد، على حد قول بيتر ديبراوير منسق المشروع. ويتماشى هذا مع الشعبية التي تحظى بها الإلكترونيات الاستهلاكية، التي تستخدم في جمع إحصاءات وبيانات صحة تفصيلية، كما أشار ليبسن. ويتوقع ليبسن أن يأتي وقت يتمكن فيه شخص من طباعة «بوفيه إفطار» تتوافر فيها أصناف طعام يتم اختيارها بحسب أنواع الحساسية المصاب بها الفرد، ومستوى نشاطه، وعمره، وحالته الصحية في ذلك اليوم.
مع ذلك يجب أن تتطور هذه التكنولوجيا قبل أن تصبح ممكنة؛ حيث تتسم طابعات الطعام ثلاثية الأبعاد بالبطء، فعلى سبيل المثال، تستغرق عملية طباعة الكرة الأرضية، التي صنعها روفرز من الشوكولاته ساعة. ولتحضير واحدة لكل شخص في مطعم يبلغ عدد زبائنه 40، فإن الأمر سيستغرق نحو يومين من الطباعة المستمرة. وقال: «الأمر ليس واقعيا. في الوقت الحالي تعد هذه طريقة للتفاخر بالمهارة في الصناعة اليدوية». وكذلك هناك أمر الملمس والقوام؛ فأكثر الطابعات ثلاثية الأبعاد تعمل إما باستخدام عجين أو مسحوق؛ لذا يكون الطعام الناتج مهروس القوام، على حد قول جوليان سينغ، مؤسس شركة «3 دي تشيف»، التي تقع بالقرب من تيلبورغ في هولندا، والمتخصصة في طباعة السكر ثلاثي الأبعاد. وأوضح جوليان قائلا: «يجب أن يكون ملمس وقوام الطعام مناسبا، وينبغي أن يبدو كطعام لا كسائل».
* تقنيات غذائية
* توجد مؤشرات تدل على حدوث تقدم؛ حيث يقول ديبراوير: «الباحثون يعملون وفقا لقواعد وأصول؛ مثل: تحديد كمية الهواء المحبوس في الطعام، وكثافة الطعام، وكمية وطول الألياف التي يحتوي عليها الطعام، من أجل تغيير الملمس والقوام». ويقول روفرز إن لديه خبرة في طباعة الجبن والزبادي متجانس القوام الذي يثني عليه بسبب تماسك قوامه.
على الجانب الآخر، يتبادل المتحمسون للطباعة ثلاثية الأبعاد بالفعل الوصفات على الإنترنت، ويجرب البعض مكونات غير مألوفة. ويقول ديبراوير إن زملاءه في المعمل أعطوه ذات مرة بسكويتا مطبوعا باستخدام بروتين تم الحصول عليه من حشرات متنوعة. وأوضح قائلا: «لقد كان مذاقه جيدا».
مع ذلك لا يتمتع الجميع بحس المغامرة؛ حيث يقول ليبسن: «تم تجريب إعداد طعام باستخدام تلك المكونات التي لا تكتشفها في الجزء الخاص بالبيانات الغذائية الموجود على المنتجات»، في مختبره. وأشار إلى أن النتائج كانت مثيرة للاهتمام، لكنها غريبة في الوقت ذاته. وأضاف أن مكعبا أرجواني اللون مذاقه يشبه مذاق البروكلي قد يكون لذيذا، لكن يظل هناك حاجز نفسي بين المرء وبينه. وقال: «إنه قابل للأكل، لكن عندما تتناوله ينتابك شعور كبير بعدم الارتياح».
وقال روفرز إن مذاق كرات الشوكولاته التي صنعها كان أقرب إلى ألواح الشوكولاته التي تحتوي على فقاقيع، وكان هذا نتيجة طباعة 200 طبقة من الشوكولاته. مع ذلك لا يشعر روفرز كثيرا بالقلق من رد فعل المستهلكين تجاه الملمس واللون، فقد اعتادوا على الألوان الزاهية، والأشكال الغريبة للكعك والحلوى، على حد قوله. قد يتخذ المستهلكون نهجا محافظا في التعامل مع أصناف الطعام الحادة، لكن لا يكون الأمر على هذا النحو دائما. وأوضح قائلا: «يحتاج الناس إلى بعض الوقت من أجل الاعتياد على بعض التغيرات الجديدة في طريقة تقديم الطعام».