جيب بوش يضع مسافة بينه وبين شقيقه.. قبل بدء مسعاه الرئاسي

الحاكم السابق لفلوريدا يوجه انتقادات غير معهودة لأداء أخيه عندما كان في البيت الأبيض

جيب بوش يوقع في دفتر الزوار قبل حديثه في الغرفة التجارية بمدينة سالم التابعة لولاية نيو هامبشاير أول من أمس (رويترز)
جيب بوش يوقع في دفتر الزوار قبل حديثه في الغرفة التجارية بمدينة سالم التابعة لولاية نيو هامبشاير أول من أمس (رويترز)
TT

جيب بوش يضع مسافة بينه وبين شقيقه.. قبل بدء مسعاه الرئاسي

جيب بوش يوقع في دفتر الزوار قبل حديثه في الغرفة التجارية بمدينة سالم التابعة لولاية نيو هامبشاير أول من أمس (رويترز)
جيب بوش يوقع في دفتر الزوار قبل حديثه في الغرفة التجارية بمدينة سالم التابعة لولاية نيو هامبشاير أول من أمس (رويترز)

وضع الحاكم السابق لفلوريدا، جيب بوش، مزيدًا من المسافة بينه وبين شقيقه الرئيس السابق جورج دبليو بوش، في محاولة متعمدة على ما يبدو لإظهار نفسه مستقلاً عنه، في حال ترشح للانتخابات الرئاسية المقررة، العام المقبل.
فبعدما سأله سائل في أحد الأندية الرياضية حول ما إذا كانت هناك «مسافة» بينه وبين شقيقه حول بعض القضايا، أشار جيب، أول من أمس، إلى معدل الإنفاق الحكومي خلال فترة حكم شقيقه. وقال جيب: «أعتقد أنه في واشنطن، خلال فترة رئاسة أخي، أنفق الجمهوريون الكثير من الأموال. كما أعتقد أنه كان بإمكانه استخدام حق (الفيتو). لم يكن لديه حق الاعتراض الجزئي وقتها، لكن كان بإمكانه فرض بعض الانضباط على الميزانية في واشنطن».
وبالفعل، ارتفع إجمالي الإنفاق الفيدرالي من 1.86 تريليون دولار عام 2001 إلى نحو 3 تريليونات دولار عام 2008. أما معدل الإنفاق الحكومي خلال الأعوام الستة الأولى من حكم الرئيس الحالي باراك أوباما، فقد ارتفع بنسبة 4 في المائة.
وتعد هذه الانتقادات من جيب بوش لفترة أخيه، غير معهودة والأكثر علانية وصراحة. وقال جيب إن شقيقه «ارتكب بعض الأخطاء» خلال حرب العراق. ولكن عدا هذا، تجنب الحاكم السابق، توجيه نقد مباشر لشقيقه أو لوالده، جورج إتش دبليو بوش، الرئيس الأسبق للولايات المتحدة.
تحدث بوش مرارا حول عائلته خلال أسفاره السياسية، لكن تعليقاته حولهم صارت أكثر دفاعية خلال الأعوام الأخيرة، تبعا لمحاولته العصيبة الأسبوع الماضي لشرح ما إذا كان سيتخذ قرار الحرب على العراق من عدمه. فقد صرح لكبار رجال الأعمال في بورتسموث بولاية نيو هامبشاير، الأربعاء، أنه يحب والده وشقيقه كثيرا، وأنه «يتعين على الناس أن تتجاوز تلك المرحلة من التاريخ». وعندما سئل عن الخلافات المحتملة الأربعاء، تهكم جيب بأنه ذكي ويفضل اعتبار الخطوة قبل اتخاذها. وأضاف: «لا أشعر أنه يتعين علي أن أخالف مساري لكي أوجه الانتقادات إلى الرؤساء الجمهوريين. أنا مجرد لاعب بين فريق من اللاعبين هنا. إنه أمر قدري بحت أن يكون الرئيسان الجمهوريين السابقان هما والدي وأخي»، قال ذلك للناخبين في أحد الأندية الرياضية صباح الخميس الماضي.
في وقت لاحق، سئل بوش أثناء مقابلة لمحطة «دبلوي كي إكس إل» الإذاعية حول ما إذا كانت يصيبه الحنق بسبب الهجمات التي تنال من عائلته، فأجاب قائلا إنه سوف يكون «ناجحا»، إذا استطاع «إبراز أي نوع من الشخصيات يكون. إذا كان جل الحديث عن الماضي، وما إذا كان آل بوش سوف يكسرون إرث عائلة آدامز من حيث عدد الشخصيات التي تولت الرئاسة، فما ذلك إلا فشل. إنني أتفهم ذلك تماما، وللناس كل الحق في سؤالي عن ذلك، ولسوف أستغل فرصتي لإقناعهم بمن أكون».
يقول أصدقاؤه ومساعدوه إن التغلب على الانتساب إلى عائلة بوش لا يزال عائقًا كبيرًا، ولكن يمكن تجاوزه. ويقول جون ماك ستيبانوفيتش، أحد أقدم أصدقاء بوش ورئيس إحدى جماعات الضغط السياسي في تالاهاسي بفلوريدا، في مقابلة الأسبوع الماضي: «لا أعتقد أن أحدًا يأتي من داخل تلك العائلة ليتفوه بشيء غير مقبول أو ينتقد تلك العائلة. كما أنني لا أعتقد أن جيب قادر على فعل ذلك أيضًا».
طرح استطلاع للرأي نشرته صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «إيه بي سي» الإخبارية في يناير (كانون الثاني) الماضي سؤالا حول ما إذا كانت عائلة بوش قد جعلت الناخبين أكثر أو أقل تفضيلاً لهم. وفي المجمل، قال 55 في المائة ممن جرى استطلاع آرائهم إن عائلة بوش لم تحقق فارقا يذكر، في حين أدلى 67 في المائة منهم برأيهم قائلين إن الأمر برمته غير مهم. وبعد البدء في الانتخابات التمهيدية في ولاية نيو هامبشاير، فإن جيب بوش يتقدم، أو لعله على المسار ذاته، مع سكوت ووكر حاكم ويسكونسن، والسناتور راند بول (عن ولاية كنتاكي)، والسناتور ماركو روبيو (عن ولاية فلوريدا).
يقول جورج أريزوريتا، وهو صديق آخر لبوش من ميامي، إنه لا يزال في حيرة من أمره إثر التركيز العلني على عائلة بوش. وأضاف: «أود فقط من الشعب الأميركي أن يمنح جيب بوش قدرًا من القبول حيال حقيقة أن كونه شقيقًا ونجلاً لرئيسين سابقين، هو أمر واقعي لا تغيير فيه. ولسوف يتفق ويختلف معنا في أوقات عدة. لكن يمكننا النجاح إذا أدركنا أن ذلك الرجل عبقري بالسليقة وجاد للغاية، وأنه سوف يختلف مع قاعدته الجماهيرية أكثر مما يظن الناس أنه سيفعل».
إن الروابط العائلية ليست التحدي الوحيد أمام جيب بوش. وفي تجواله عبر نيو هامبشاير خلال يومين فقط، واجه جيب بوش المقاومة مرارًا وتكرارًا لدعمه لمعايير التعليم المعروفة باسم «المعايير الأساسية المشتركة». وسألته امرأة في بورتسموث حول الطلاب الذين يعانون من جداول الاختبارات الكثيفة التي تفرضها تلك المعايير، فكان رده أنه يحث الآباء على تجاوز «الصدمة الأولية لتجربة خوض الاختبار الفعلي». وقال: «إذا أراد الناس الامتناع، فحسنا. العالم مليء بالاختبارات، كما أنه مليء بالمساءلة. هل تريد الحصول على وظيفة؟ عليك اجتياز الاختبار. هل تريد أن تكون محاميا؟ عليك اجتياز الاختبار. هل تريد أن تكون طبيبا؟ عليك اجتياز الاختبار. هل تريد أن تكون وسيطا عقاريا؟ عليك اجتياز الاختبار».
قال بوش للحشد الجماهيري في بورتسموث إن الحزب الجمهوري سيعاود السيطرة على البيت الأبيض إذا كان مرشح الحزب يخطط إلى «انطلاق الحملة خارج مساحة الراحة الشخصية، والتغريد خارج السرب المعتاد». وتابع قائلاً: «أنا أمثل حقبة 800 عام من تاريخ السياسة. لقد كنت في هذا المضمار لفترة طويلة. إنني في مثل قدم النبي موسى من حيث سنوات السياسة، وأعلم أنه يتوجب عليكم القتال من جديد، ولكن يجب عليكم كذلك الشعور بالرضا في قلوبكم والاستمرار في طريقكم بمنتهى الأمل والتفاؤل».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.