مرة أخرى، تعود القديح، البلدة الوادعة التي يطوقها النخيل من ثلاث جهات، والقابعة في الزاوية الشمالية الغربية من مدينة القطيف، تعود إلى الواجهة، بفيض من الضحايا والأحزان.
فقبل 15 عامًا، وتحديدًا في 28 يوليو (تموز) 1999 صدمت هذه القرية العالم بحريق كبير اندلع في خيمة عرس أودى بحياة 76 ضحية من النساء والأطفال، بينهم عروس في ريعان الصبا، كانوا جميعًا يحتفلون بزفاف مواطنتهنّ (كريمة أبي الرحى) والتي ذهبت هي الأخرى معهنّ في ركب الضحايا.
مأساة الحريق ظلت راسخة بفجيعتها على مدى سنوات لاحقة، وخاصة أن أغلب الضحايا كنّ أمهات تركن أطفالا، كما أن المصابات في الحريق كنّ من الفتيات اللاتي احتجن إلى سنوات طويلة من العلاج لمغالبة آثار الحريق عن أجسادهنّ، واحتاج الضحايا من الأطفال والعائلات إلى مداواة حروقهم النفسية لفترة طويلة.
اليوم، القديح تعود مرة أخرى للواجهة، وهذه المرة بفعل إرهابي استهدف مسجدًا للعبادة كان المصلون يقيمون فيه صلاتهم يوم الجمعة، حيث استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب، وهو على الرغم من بساطته، فإنه يُعتبر المسجد الأبرز في القرية، التي رغم قلة سكانها (27 ألفًا) فإنها تعتبر واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان.
يمثل السكان في هذه القرية نسيجًا شديد التداخل بسبب الترابطات الأسرية والمصاهرات العائلية، وهو ما يفاقم من وقع الصدمة وتأثيرها على عموم الأهالي، الذين نكبوا بفقدان أقربائهم في كلا الحادثين المفجعين.
بعض ضحايا التفجير الإرهابي الدموي في المسجد كانوا أيتامًا أو أبناء ضحايا الحريق الأول، وبعضهم وبينهم أزواج فقدوا زوجاتهم أو إخوان فقدوا إخوانهم، أو آباء فقدوا بناتهم، كانوا ما زالوا يغالبون مأساتهم الأولى.
ومن بين الضحايا الجدد ومعظمهم شباب معلمون وموظفون حكوميون وقطاع أهلي بينهم موظفون في شركة أرامكو، وبينهم عسكري واحد، وطفل للتو احتفل بتخرجه في المرحلة الابتدائية.
وعرفت القديح بتماسكها الاجتماعي، فمثلما تمكنت القرية المنكوبة قبل 15 عامًا من تضميد جراحها، سارع الأهالي عبر عدد من اللجان الأهلية فورًا لتنظيم صفوفهم عبر لجان تطوعية من الشباب الذين بادروا لاستقبال المعزين وتسهيل مهام رجال الأمن وتوفير الدعم المعنوي لأهالي الضحايا.
ورغم موجة الغضب التي عبرت عن نفسها في مكان الحادث، فإن نداءات من وجهاء وشخصيات القديح تمكنت من لجم فورة غضب طارئة، وتعاون الجميع لتسهيل الحركة وتوزيع اللجان على المستشفيات لمعرفة حاجتها للتبرع بالدم، وتقديم المساعدة لعوائل الضحايا.
القديح.. بلدة وادعة في القطيف يطوقها النخيل من 3 جهات
الفجيعة تعود لها مذكرة بحريق قتل 76 امرأة في عرس قبل 15 عامًا
القديح.. بلدة وادعة في القطيف يطوقها النخيل من 3 جهات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة