المقاومة الشعبية تحضر لعملية «تحرير صعدة».. والميليشيات تنشئ مصانع للقنابل والعبوات في صنعاء

فشل التوصل إلى «هدنة إنسانية» مؤقتة في تعز.. والجنوب «قضية مؤرقة»

يمني يمر بجانب مصفحة مدمرة على أثر المواجهات بين المقاومة الشعبية والمتمردين الحوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)
يمني يمر بجانب مصفحة مدمرة على أثر المواجهات بين المقاومة الشعبية والمتمردين الحوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)
TT

المقاومة الشعبية تحضر لعملية «تحرير صعدة».. والميليشيات تنشئ مصانع للقنابل والعبوات في صنعاء

يمني يمر بجانب مصفحة مدمرة على أثر المواجهات بين المقاومة الشعبية والمتمردين الحوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)
يمني يمر بجانب مصفحة مدمرة على أثر المواجهات بين المقاومة الشعبية والمتمردين الحوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)

حققت المقاومة الشعبية في شرق اليمن تقدما ملحوظا على الأرض، حيث دحرت الميليشيات الحوثية في محافظتي مأرب والجوف، وقالت مصادر محلية يمنية متطابقة في محافظتي مأرب والجوف لـ«الشرق الأوسط» إن القوات العسكرية والقبلية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، حققت تقدما كبيرا على الأرض في المواجهات مع المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وأشارت المعلومات إلى أن تشكيلات قبلية عسكرية جرى إعدادها وتحضيرها للتحرك البري من مأرب والجوف نحو محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي التي تتهمها السلطات الشرعية في اليمن بالارتباط بإيران، وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن قيادات قبلية بارزة تنتمي لقبيلة حاشد، التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع علي صالح، تساهم بشكل كبير في إعداد قوات عسكرية شبه نظامية للسعي إلى تحرير محافظة صعدة من هيمنة الحوثيين، وتشير المعلومات إلى أن معسكرات خاصة جرى إعدادها قرب الحدود اليمنية - السعودية لاستقبال القيادات العسكرية والضباط والجنود لتشكيل الحلف العسكري المناهض للاحتلال الحوثي للمحافظات اليمنية وللوجود الإيراني في اليمن، بحسب تعبير المصادر، التي توقعت سقوط محافظة صعدة في غضون عدة أيام، ولم تغفل المصادر الدعم الجوي الكبير واللوجيستي لقوات التحالف للمقاومة الشعبية من أجل خوض عملية تحرير صعدة.
وكان من أبرز مقررات «مؤتمر الرياض لإنقاذ اليمن»، موضوع إعادة تشكيل الجيش اليمني للدولة الاتحادية التي تتكون من 6 أقاليم، وقد بدأت ملامح النشاط العسكري والميداني من خلال بدء رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن محمد علي المقدشي، مباشرة مهامه من محافظة مأرب التي تخضع للقوات الموالية للشرعية الدستورية، في الوقت الذي تتشكل فيه قوات عسكرية في محافظات حدودية بين اليمن والمملكة العربية السعودية واليمن وسلطنة عمان، وفي هذا السياق، أكد مصدر قبلي يمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» أن التطورات الراهنة أدت إلى «تحالف غير مسبوق بين أكبر قبيلتين في اليمن، وهما حاشد وبكيل، للتصدي للتوسع الحوثي والتمدد الإيراني في الأراضي اليمنية والمنطقة». وقال المصدر إن «القبائل اليمنية تركت خلافاتها وثاراتها القبلية جانبا وهي تركز الآن على موضوع استعادة الدولة المنهوبة من قبل الميليشيات الحوثية»، وإن «القبائل اليمنية تثبت اليوم أن من كان يهاجمها في السابق كان يرتكن إلى معلومات خاطئة، وهو نفسه الذي يثير الفتن في اليمن اليوم وبسببه تقتل النساء والأطفال وكل الأبرياء».
في هذا السياق، كشفت مصادر سياسية وقبلية يمنية، أمس، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك توجها لدى الكثير من القيادات السياسية والعسكرية اليمنية الموجودة في العاصمة السعودية الرياض، باتخاذ أسلوب المقاومة العسكرية والشعبية وما يشبه حرب الاستنزاف بمساعدة قوات التحالف، لإسقاط حكم الحوثيين والمخلوع علي عبد الله صالح لليمن ولعودة الشرعية الدستورية المعترف بها رسميا، وأشارت المعلومات إلى وجود طروحات متواصلة من قبل بعض زعماء تيارات سياسية يمنية على القيادة السياسية اليمنية من أجل طلب «التدخل البري الفوري» للسيطرة على محافظتي عدن والحديدة كمرحلة أولى. وفي جانب آخر، ارتفعت أصوات يمنية جنوبية في الخارج للمطالبة بحلول ناجعة للقضية الجنوبية في إطار الوحدة اليمنية، خاصة في ظل المقاومة الشرسة والباسلة التي يقدمها الجنوبيون للدفاع عن أراضيهم أمام الميليشيات الحوثية، فيما ارتفعت أصوات أكثر صراحة، وترى أن الوحدة اليمنية «انتهت»، بحسب تعبير البعض، وتطرح ضرورة دعم قوات التحالف للجنوبيين لإقامة الدولة الجنوبية (الجنوب العربي) أو (جمهورية اليمن الديمقراطية) السابقة، وأشارت المصادر إلى أن ما يطرح يعكس «طبيعة التباينات والاختلافات في وجهات النظر، وهي ظاهرة صحية في العمل السياسي»، حسب قول المصادر.
في هذه الأثناء، يواصل طيران دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ضرباته الجوية على مواقع المسلحين الحوثيين وقوات صالح، واستهدف الطيران مرة أخرى قاعدة الديلمي العسكرية قرب مطار صنعاء الدولي، إضافة إلى مواقع عسكرية أخرى في العاصمة، عوضا عن قصف عدد من المحافظات اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، وحسب شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، فقد تعرضت مدينة ذمار، جنوب صنعاء، لقصف عنيف، حيث تشير المعلومات إلى أن الحوثيين اتخذوا من هذه المدينة التي تسمى في اليمن «كرسي الزيدية»، معقلا جديدا لقياداتهم، بعد الضربات المتواصلة لقوات التحالف على محافظة صعدة، معقلهم الرئيسي.
إلى ذلك، قالت مصادر محلية في محافظة تعز لـ«الشرق الأوسط» إن مساعي بذلتها قيادات وشخصيات قبلية بارزة فشلت في التوصل إلى «هدنة إنسانية» مؤقتة في المحافظة، لكن تلك المساعي فشلت والسلطات لم تتمكن من إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة التي تتقاسم القوات الموالية لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي والمسلحون الحوثيون وقوات صالح، السيطرة عليها، وما زالت مدينة تعز تشهد مواجهات عنيفة بين الأطراف المتصارعة، في الوقت الذي يعيش فيه سكان المحافظة في وضع إنساني ومعيشي صعب للغاية، جراء عدم توفر الخدمات والمشتقات النفطية، وهي الحال التي تعيشها كل المحافظات اليمنية، حتى تلك التي لا تشهد مواجهات عسكرية مباشرة، كالعاصمة صنعاء.
إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في صنعاء أن الحوثيين أنشأوا مصانع محلية في العاصمة لتصنيع العبوات والقنابل الناسفة، وأشارت المصادر إلى أن هذه المصانع البدائية وضعت في أحياء شعبية بصنعاء، إضافة إلى قيامهم بتخزين كميات كبيرة من المواد الغذائية والمشتقات النفطية، حيث قالت المصادر إن الحوثيين يتوقعون معركة برية كبيرة وقوية لتحرير صنعاء من قبضتهم.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.