إشارات إيجابية تحيط بملف العسكريين المختطفين لدى «جبهة النصرة»

الشيخ الحجيري قال لـ«الشرق الأوسط» إن عملية التفاوض انتقلت إلى تركيا

إشارات إيجابية تحيط بملف العسكريين المختطفين لدى «جبهة النصرة»
TT

إشارات إيجابية تحيط بملف العسكريين المختطفين لدى «جبهة النصرة»

إشارات إيجابية تحيط بملف العسكريين المختطفين لدى «جبهة النصرة»

تسارعت في الساعات الماضية المواقف والتصريحات، كما الإشارات، المطمئنة إلى سير ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى «جبهة النصرة» على السكة الصحيحة، مما قد يؤدي للإفراج عنهم بوقت قريب، بالتزامن مع حلحلة يشهدها ملف الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، شرق لبنان مع إعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق تسريع محاكماتهم على أن تصدر الأحكام بحقهم جميعا خلال شهرين.
ولفت ما أعلنه يوم أمس الأربعاء مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، المفاوض الأساسي بملف العسكريين المختطفين، عن أن قضيتهم شارفت على نهايتها، متحدثًا عن انفراج قريب. وينسجم ما أعلنه إبراهيم مع ما نقله زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لجهة حديثه عن «تقدم مهم وإيجابي في قضية العسكريين الأسرى لدى (جبهة النصرة) سيترجم خلال هذا الأسبوع».
ويبدو أنه تم عمليا فصل ملفي المختطفين لدى «النصرة» عن العسكريين المختطفين لدى «داعش»، وهو ما أشار إليه أهاليهم الذين تحدثوا عن تقدم في الملف الأول وسير الملف الثاني ببطء.
وفيما أكد الشيخ مصطفى الحجيري الذي كان يتولى لفترة طويلة الوساطة مع «جبهة النصرة» لـ«الشرق الأوسط» أن عملية التفاوض انتقلت عمليا إلى تركيا، نافيا أن يكون لا يزال يخوض أي مفاوضات مع عناصر الجبهة، قال حسين يوسف والد العسكري المخطوف لدى «داعش» محمد يوسف إن «قطر وتركيا هما اللتان تلعبان حاليا الدور الأساسي في الملف»، لافتا إلى أن «الأمور تتقدم مع (النصرة) نظرًا لتجاوبهم مع الطرف المفاوض، في وقت لا تزال وتيرة الاتصالات مع (داعش) أقل».
وإذ أعرب عن أمله في أن يكون هناك حل شامل للملف بأقرب وقت، أشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المخاوف من تدهور الأمور في أي لحظة لا تزال قائمة، خصوصا أننا أصبنا أكثر من مرة بخيبة أمل». وأضاف: «المشكلة هي بغياب الثقة بين الخاطفين والمفاوضين مما يهدد بنسف الإيجابيات عند أي منعطف».
وبدا نظام مغيط شقيق العسكري المختطف لدى «داعش» إبراهيم مغيط، متشائما، على الرغم من كل الإيجابيات التي أشاعها المسؤولون اللبنانيون في الساعات الماضية. وقال في بيان: «أنا شخصيًا لم أقرأ أي إيجابيات من تاريخ اختطاف العسكريين في أغسطس (آب) الماضي ولغاية اليوم، فكل ما نسمعه وعود في الهواء».
ويسير ملف العسكريين المختطفين بالتوازي مع ملف الموقوفين الإسلاميين باعتبار أن الخاطفين شددوا أكثر من مرة بمطالبهم على وجوب إطلاق سراح الموقوفين غير المحكومين وعدد من المقربين منهم.
وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمر صحافي عقده يوم أمس في مكتبه في الوزارة، أن 75 في المائة من الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، تمت محاكمتهم على أن تصدر الأحكام بحق البقية خلال شهرين، وذلك بعد سلسلة عمليات تمرد قاموا بها وتظاهرات نظمها أهاليهم لتسريع محاكماتهم وتحسين ظروف سجنهم.
وأعلن المشنوق «نقل نحو 500 سجين من المبنى (د) إلى المبنى (ب) بعد الانتهاء من ترميمه وتزويده بكل الحاجات الضرورية على مستوى جيد».
وكانت الخطة الأمنية التي بدأ الجيش والقوى الأمنية المعنية بتطبيقها نتيجة اتفاق سياسي، شملت سجن رومية في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، الذي كان يُعتبر أشبه بـ«دويلة» للسجناء المتطرفين يديرون من خلاله عمليات إرهابية في لبنان وسوريا. وقد تم بوقتها وبإطار عملية «نوعية» نقل هؤلاء السجناء من المبنى «ب» إلى المبنى «د» بعدما جردوا من هواتفهم الجوالة وأجهزة الكومبيوتر التي كانت بحوزتهم وغيرها من وسائل الاتصال.
وأعلنت العلاقات الإعلامية في حزب الله في بيان، أن وفدا من أهالي الموقوفين الإسلاميين في طرابلس، زار المجلس السياسي في الحزب، وعرض لـ«معاناة أبنائهم في السجون وتقصير المعنيين في معالجة المحنة التي لحقت بهم وخصوصًا لناحية المماطلة في إقفال الملفات وإجراء التحقيقات اللازمة». وأكد البيان أن الحزب أبدى حرصه على «ضرورة الإسراع بخطوات إقفال الملف ورفع المظلومية».
وفي السياق عينه، عرض وفد من «هيئة علماء المسلمين» في لبنان برئاسة الشيخ سالم الرافعي مع مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم ما قال إنها «قضية الموقوفين الإسلاميين والاعتقالات التعسفية التي تطال شباب أهل السنة وكيفية وضع حد لهذه المأساة التي باتت تهدد أمن البلد واستقراره لعدم وجود عدالة قضائية وأمنية وسياسية».
وشدد الرافعي على أنه «لا يمكن أن يستقيم الوضع الأمني في بلدنا ما دام الظلم واقعًا على أحد مكوناته الأساسية وهم السنة، فشباب أهل السنة باتوا يشعرون بظلم وقهر وحقد يمارس عليهم دون سواهم وهذا نذير خطير يتهدد مستقبل لبنان في العيش بين مكوناته».
من جهته، أكد اللواء إبراهيم «حق الطوائف اللبنانية بالعدالة بينها، باعتبار أنه لا يمكن أن يكون هناك استقرار في بلدنا ما دام أحد مكوناته صغر أم كبر يشعر بظلم يطاله»، مؤكدًا قناعته بوجود «مظلومين» من بين الموقوفين. وقال: «القضية أصبحت وطنية وتحتاج لمعالجة سياسية وليست أمنية وقضائية بعيدة عن الخطابات والمتاجرات السياسية». ودعا لتشكيل لجنة تضع الخطة المناسبة لكيفية حل هذا الملف كاملاً وتقديمه لمجلس الوزراء، وأكد استعداده للمساعدة حسب صلاحياته.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».