بلاتر يضغط لسحب طلب تجميد عضوية إسرائيل في الفيفا.. والرجوب يصر عليه

توقع تشكيل لجان مشتركة لحل الخلافات الرياضية التي تضاف إلى الخلافات الأخرى

بلاتر والرجوب خلال لقائهما لاعبين فلسطينيين شبانًا في ملعب دورا القرع (أ.ب)
بلاتر والرجوب خلال لقائهما لاعبين فلسطينيين شبانًا في ملعب دورا القرع (أ.ب)
TT

بلاتر يضغط لسحب طلب تجميد عضوية إسرائيل في الفيفا.. والرجوب يصر عليه

بلاتر والرجوب خلال لقائهما لاعبين فلسطينيين شبانًا في ملعب دورا القرع (أ.ب)
بلاتر والرجوب خلال لقائهما لاعبين فلسطينيين شبانًا في ملعب دورا القرع (أ.ب)

رفض اتحاد كرة القدم الفلسطيني ضغوطا من رئيس الفيفا جوزيف بلاتر، لسحب طلبهم طرد إسرائيل من الاتحاد الدولي لكرة القدم. وقال رئيس الاتحاد الفلسطيني جبريل الرجوب، في مؤتمر صحافي مشترك مع بلاتر، في رام الله: «نتمسك بهذا الاقتراح على أجندة كونغرس الفيفا.. نريد أن تكون الأمور واضحة، ونريد موقفا صريحا من قبل الاتحادات الـ208».
وأضاف: «لن تكون هناك مساومة فيما يخص حرية حركة رياضيينا». ووصل بلاتر إلى رام الله أمس قادما من القدس التي التقى فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في محاولة لتسوية الخلاف بين الاتحادين الفلسطيني والإسرائيلي، قبل المؤتمر السنوي المقرر للفيفا بمدينة زيوريخ السويسرية يوم 29 الحالي.
ووضع الفلسطينيون طلبا على أجندة المؤتمر لإقصاء الاتحاد الإسرائيلي من الفيفا بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على حركة اللاعبين الفلسطينيين.
وحاول نتنياهو أثناء لقائه بلاتر إقناعه بأن الفلسطينيين يخلطون السياسة بالرياضة. وقال نتنياهو لبلاتر: «إن الرياضة هي أداة لدفع مشاريع حسن النية بين الدول. وعليه فإن التسييس من شأنه أن يدمر الاتحاد الدولي لكرة القدم. وإذا عمدت ولو مرة واحدة إلى تسييس كرة القدم فيما يخص إسرائيل، فإن هذا التسييس سيطال الجميع، الأمر الذي سيؤدي إلى تدهور هذه المؤسسة الراقية. وأعلم أنك تدرك الأمر. كما أرجو إعلامك بأننا نساعد كرة القدم الفلسطينية، وذلك - بين أمور أخرى - عقب المسائل التي طرحتها علينا، إذ أنوي أن أبحث معك خطوات عدة نرى أنها قد تساهم في تحسين الوضع».
لكن الرجوب هاجم الإسرائيليين بشدة، ولمح إلى تقصير الفيفا في حماية الرياضة الفلسطينية. وقال إن الاتحاد الفلسطيني يريد آلية منضبطة للفيفا في حل مشكلات الرياضة الفلسطينية، مضيفا: «أظهرنا الكثير من الصبر والمرونة، لكن المشكلات لا تزال قائمة والقيود الإسرائيلية على حالها».
وتابع: «لا توجد أي خطوات على الأرض من قبل اللجان المختلفة في الفيفا ردا على ممارسات الاحتلال».
وأردف: «العنصرية التي تعانيها الرياضة الفلسطينية تم تجاهلها طيلة سنوات ماضية، ويجب وقفها الآن بشكل جذري».
واستعان الرجوب بأعضاء كنيست عرب لإثبات العنصرية الإسرائيلية ضد العرب بشكل عام.
وقال عضو الكنيست العربي أحمد الطيبي الذي حضر مأدبة غداء مع بلاتر في رام الله: «طرحنا عليه تفشي العنصرية ضد العرب في ملاعب كرة القدم الإسرائيلية، وخصوصا من قبل فريق (بيتار يروشالايم)، وتخاذل اتحاد كرة القدم الإسرائيلي في وضع حد لمظاهر العنصرية ضد العرب والمسلمين. طالبنا بتدخل الفيفا للجم عنصرية مشجعي لافميليا في بيتار. وقدمنا له رسالة حول ذلك».
وتعد هذه المواجهة على ساحة الفيفا إحدى أهم الجبهات التي يفتحها الفلسطينيون ضد إسرائيل في الآونة الأخيرة، إلى جانب المواجهات السياسية في مجلس الأمن ومحكمة لاهاي والمواجهات الاقتصادية المتعلقة بمقاطعة إسرائيل.
ويحتاج الفلسطينيون إلى تصويت 75 في المائة من الأعضاء الـ209 في الفيفا على طلبهم طرد إسرائيل من الفيفا من أجل قبوله وتطبيقه. ولكن مع عدم موافقة بلاتر نفسه على المقترح يبدو الأمر صعب المنال.
وقال بلاتر بأن تنفيذ الطلب الفلسطيني وتجميد عضوية إسرائيل يعد «سابقة خطيرة» في قوانين الفيفا.
وأضاف: «أمر من هذا النوع يجب ألا يصل إلى الجمعية العمومية للفيفا لأن تعليق عضوية أحد الاتحادات، بغض النظر عن السبب، يضر بمصلحة المنظمة بأكملها».
وتابع: «هذا ليس من مصلحة أحد». وعد بلاتر خلال المؤتمر الصحافي مع الرجوب أن الوصول إلى مرحلة التصويت على مشروع قرار فلسطيني قدم إلى الجمعية العامة لتعليق عضوية إسرائيل في الفيفا، سيمثل «خسارة لكل الأطراف»، معربا عن أمله في تفادي الصدام وفصل الرياضة عن الاعتبارات السياسية.
وأشار بلاتر إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق خلال اجتماعهما الثلاثاء، على تشكيل فريق مشترك مع الفيفا والاتحاد الفلسطيني لإدخال تسهيلات للرياضيين الفلسطينيين على أن يتم الاجتماع شهريا.
وذكر بلاتر أن المسؤولين الإسرائيليين اقترحوا إصدار بطاقات خاصة للاعبي كرة القدم الفلسطينيين، وعقد اجتماع مشترك بين رئيسي اتحادي كرة القدم الفلسطيني والإسرائيلي لبحث القضايا العالقة.
لكنه أشار إلى استمرار وجود نقطة عالقة تتعلق بلعب خمسة أندية إسرائيلية في مستوطنات الضفة الغربية.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».