تهديدات البغدادي بنقل المعركة إلى بغداد وكربلاء تستنفر قيادات الحشد الشعبي

زعيم التيار الصدري دعا إلى أخذها على محمل الجد ونشر مقاتلين

عناصر في الحشد الشعبي يرددون هتافات تحد في ناحية النخيب المتاخمة لكربلاء في محافظة الأنبار أمس (أ.ف.ب)
عناصر في الحشد الشعبي يرددون هتافات تحد في ناحية النخيب المتاخمة لكربلاء في محافظة الأنبار أمس (أ.ف.ب)
TT

تهديدات البغدادي بنقل المعركة إلى بغداد وكربلاء تستنفر قيادات الحشد الشعبي

عناصر في الحشد الشعبي يرددون هتافات تحد في ناحية النخيب المتاخمة لكربلاء في محافظة الأنبار أمس (أ.ف.ب)
عناصر في الحشد الشعبي يرددون هتافات تحد في ناحية النخيب المتاخمة لكربلاء في محافظة الأنبار أمس (أ.ف.ب)

توعد مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، تنظيم داعش بـ«هزيمة منكرة» مطالبا في الوقت نفسه بأخذ تهديدات زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي بنقل المعركة المقبلة إلى بغداد وكربلاء على محمل الجد.
وعبر الصدر، الذي يقاتل مسلحوه «سرايا السلام» ضمن قوات الحشد الشعبي، في بيان عن القلق من التهديدات المنسوبة إلى البغدادي التي كانت تقارير عراقية وأخرى أميركية أكدت إصابته بجروح بليغة في وقت سابق من الشهر الماضي. وقال الصدر إن «العراق أرض الأولياء والصالحين ووقوعها بأيدي شذاذ الآفاق خيانة له ولهم سلام الله عليهم أجمعين». وأضاف أنه «ومن هذا المنطلق هب المجاهدون لحماية المقدسات في سامراء وكربلاء وغيرها ولا سيما في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها بلدنا الحبيب ولما يتعرض له من هجمة بربرية إرهابية وقحة»، لافتا إلى أن «البعض يهدد بتدنيس كربلاء وباقي المناطق المقدسة في العاصمة العراقية وغيرها»، وبينما توعد الصدر بأن يملأ الأرض بهم في حال مدوا أيديهم إلى أي شبر فإنه استدرك بالقول «يجب حمل هذه التصريحات على محمل الجد والعمل على حماية المقدسات بالغالي والنفيس ونشر المجاهدين المخلصين يروون الدماء من أجلها ويفدونها بأرواحهم مهما كانت الظروف».
من جهته، أكد المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم أن «خطاب البغدادي الأخير دليل واضح على مدى انكسار وهزيمة (داعش) وفقا للتحليلات الأمنية والسياسية، وما الانتصارات التي تعاقبت إلا دليل على ذلك وآخرها في تكريت وما تحقق في حزام بغداد». وقال القيادي في المجلس الأعلى وكتلة المواطن محمد جميل المياحي لـ«الشرق الأوسط» إن «محاولة تعبئة الداعشين للعودة إلى القتال من قبل البغدادي ما هو إلا دليل ملموس على وجود نقص في أعداد المقاتلين لديه ويحاول الاستنجاد بالإرهابيين من خارج وداخل العراق»، موضحا أن «ما قاله البغدادي من أن المعارك ستكون في بغداد وكربلاء ليس إلا محاولة لشحذ همم الإرهابيين ومسخ عقولهم وهذا الكلام يمثل انكسارا حقيقيا في صفوف التنظيمات الإرهابية».
وردا على سؤال بشأن مشاركة الحشد الشعبي في المعارك التي تخوضها القوات المسلحة في الأنبار قال المياحي إن «المشاركة جاءت بطلب رسمي من مجلس محافظة الأنبار وكذلك من الحكومة العراقية وإن الحشد الشعبي يدافع عن العراق بجامعه ويمنع الإرهابيين من التوغل بمدننا وعندما يدافع أبناء الجنوب عن الرمادي فهذا يعني أن الشعب العراقي متماسك».
وفي السياق نفسه، أكدت «كتائب حزب الله» عزمها مقاتلة تنظيم داعش وعدم السماح له بتنفيذ أهدافه وتهديداته. وقال القائد العسكري للكتائب الذي لم تشأ الكتائب نشر اسمه إن «الخرق الأمني الذي حصل في الرمادي كان نتيجة لثقة بعض الساسة بالأميركيين وإن (داعش) لن يتمكن قطعا من الدخول لبغداد أو كربلاء مهما كان الثمن». الموقف ذاته أكدته «عصائب أهل الحق» التي أعلنت استعدادها لمواصلة القتال ضد «داعش» بعد أن كان قد تم منعها بقرار حكومي من دخول الرمادي بتأثير الأميركيين. وقال أحمد الكناني، عضو المكتب السياسي لحركة «عصائب أهل الحق»، لـ«الشرق الأوسط» إن «ما صدر عن البغدادي من تهديدات لكربلاء وبغداد إنما هو حلم بعيد المنال له ولأعوانه إذ إننا نعاهد كل العراقيين بأنهم لن يتقدموا بعد اليوم شبرا واحدا وإن ما حصل في الرمادي إنما كانت غفلة تم تداركها». وأضاف الكناني أن «العصائب موجودة أصلا ضمن قاطع عمليات الأنبار وبالذات في مناطق الكرمة وذراع دجلة والنباعي وهي جاهزة للقتال وقد أرسلنا الآن إلى الأنبار قوات النخبة لمقاتلة (داعش) وتحرير أرض الأنبار منها»، مشيرا إلى «أننا نقول لإخواننا من أهالي الرمادي إننا عون لكم من أجل تحرير أرضكم، وإن ما كان قد منعنا سابقا هو الفيتو الأميركي وتحريضات بعض السياسيين وهو ما أدى إلى أن يكون هناك قرار حكومي بعدم مشاركتنا».
من جهته، حمّل اتحاد القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان) الحكومة المركزية مسؤولية «انهيار» محافظة الأنبار. وقال في بيان تلاه رئيس كتلة اتحاد القوى النيابية أحمد المساري خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في مبنى البرلمان إن «الاتحاد يطالب بالتحقيق الفوري مع القادة الأمنيين الذين تسببوا بهذه الكارثة وإحالة المقصرين منهم إلى المحاكم العسكرية لينالوا جزاءهم العادل»، مشددًا على ضرورة «تسليح أهالي الأنبار بأسلحة نوعية من أجل تحريرها». ودعا المساري أبناء العشائر إلى «الثبات والمشاركة العادلة من أجل تحرير مدنهم».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.