«أكاديمية» يمنية توزع الإغاثة في عدن وتشتري رصاصًا للمقاومة

تنتظر تطمينات عسيري يوميًا

«أكاديمية» يمنية توزع الإغاثة في عدن وتشتري رصاصًا للمقاومة
TT

«أكاديمية» يمنية توزع الإغاثة في عدن وتشتري رصاصًا للمقاومة

«أكاديمية» يمنية توزع الإغاثة في عدن وتشتري رصاصًا للمقاومة

لم تسلم الدكتورة فايزة عبد الرقيب سلام عضو هيئة التدريس في جامعة عدن، من إصابتها بشرخ في الركبة نتيجة شظايا قنبلة انفجرت خلال الحرب الانفصال اليمني في 1994، حتى تعرضت مرة أخرى من جديد لمرض ضغط الدم، أثناء اجتياح الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح إلى عدن في مارس (آذار) الماضي، حيث تقوم الدكتورة سلام بمهام ميدانية، تتضمن توزيع السلال الغذائية، وشراء الرصاص للمقاومة الباسلة في عدن، للوقوف ضد العدوان الحوثي وحليفه صالح.
وأوضحت فائزة عبد الرقيب سلام، عضو هيئة التدريس في جامعة عدن لـ«الشرق الأوسط»، منذ بدأ أحداث اعتداء الميليشيات الحوثية، وأتباع الرئيس صالح على عدن، نزلت إلى الميدان مع طلابها، من أجل توزيع المساعدات الإغاثية والطبية، وكذلك شراء الرصاص وتوزيعه على أفراد المقاومة الذين يقفون ضد العدوان الحوثي وحليفه صالح.
وقال الدكتورة سلام (55 عاما)، الحدث فرض نفسه علينا، وجعلنا ننتصر لعدن، على الرغم من أن أبناءها لا يعرفون الرصاص ولا السلاح قبل 1994، حيث اختار المخلوع علي عبد الله صالح، مدينة عدن، لأنها الحلقة الضعيفة، وأن موقعها استراتيجي على باب المندب، وهو في الأخير مطمع إيراني.
وأشارت عضو هيئة التدريس في جامعة عدن إلى أنها وصلت إلى الرياض بعد صعوبة بالغة جدًا، وهي تتنقل بين المدن في الليل، حيث نزحت إلى مدينة المنصورة، في أول أيام الهدنة، وشاهدت قصف الحوثيين في بعض المدن، واخترق الباص الذي يقلها مع آخرين، طرق مدينة أبين حتى وصلوا إلى مدينة شبوة، ثم قرروا الانتقال إلى مدينة عتق، إلا أن هناك اشتباكا بين الحوثيين والمقاومة، سبب لهم تغير مسار الطريق، وبالتالي أخذوا طريق حضرموت، وانتهى بهم المطاف نحو الحدود السعودية في منطقة نجران.
وأضافت «حضرت بنفسي بعد دعوة من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، من أجل أن أطرح كل ما هو يجري على الأرض، حيث هناك فرق بين السياسية والواقع، إذ إن السياسة فن، يوجد فيه الآراء الممكنة والمقبولة، بينما الواقع حقيقة، وتحدث في الجلسة المغلقة عن هوية عدن المسالمة، وهو تعد في النهاية ملتقى لجميع الأطياف».
وأكدت الدكتورة سلام، أن بداية عندما كانت تلقي محاضرات في الجامعة، وأبلغها أحد الطلاب بأن هناك قصفا يجري على مدينة عدن، وبالتالي يتطلب علينا الخروج من الجامعة، وبالفعل أخذني أحد الطلاب بسيارته، نحو منزلي في المعلا، وحينما وصلنا هناك، وجدت القناصة متمركزين على أسطح البنايات، وكان القصف يزداد.
ومنذ بدء عمليات «عاصفة الحزم»، قالت عضو هيئة التدريس في جامعة عدن «كنا نتسمر يوميا أمام شاشات التلفاز، ننتظر ماذا يخبرنا العميد أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف، المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، وما هي التطمينات التي ينقلها لنا، والنتائج التي يشرح فيها صدورنا، حيث كانت قوات التحالف، تخبر الشعب اليمني أولا بأول عما يحدث، من استهداف المباني التي تحولت إلى مستودعات أسلحة وذخيرة».
وأضافت «التحالف نصرنا على إخوتنا في اليمن، ودعمكم وإحساسكم أعطانا قوة وصبرا، والرسالة اليومية التي نسمعها، هي صوت العميد عسيري، ومنذ أن تحولت الأمور إلى عملية إعادة الأمل، تولد شعور بداخلنا بأن هناك شيئا ما لا نعلم عنه، نحن نريد أن نقضي على كل عدوان».
وذكرت الدكتورة سلام، أن الدبابات كانت تتوغل في الأحياء وتقصف بشكل عشوائي، لم يكن لدينا سلاح، أو استعداد بسبب إيقاف المخلوع صالح بعد الحرب الأهلية في 1994، التجنيد الإجباري، حيث من يحاربنا في عدن هو الحرس الثوري الذي يقوده أحمد نجل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وبالتالي المعسكرات في الجنوب، جميعها من حلفاء صالح الشماليين.
وأشارت إلى أنها لم تسلم من المخلوع صالح، في الحرب الانفصالية في 1994، حيث تعرضت إلى شرخ في الركبة جراء شظية قنبلة حينما كان صالح يحارب الجنوبيين، الأمر الذي استدعى علاجها في الأردن، وتسببت الإصابة لها في صعوبة بالسير، حتى وصلت الأحداث الحالية، وتعرضت إلى مرض ضغط الدم، حينما يحارب صالح أيضا من جديد اليمن بأكمله.
وأضافت «الأحداث الحالية في اليمن، تسببت في مقتل زميلتي في كلية الطب، وبروفسور في كلية الهندسة، وكلاهما في جامعة عدن، وأحزنني حينما شاهدت أحد طلابي وهو مصاب، وكان زملاؤه يساعدونه في الدخول بمنفذ الوديعة بين السعودية واليمن، لتلقي العلاج».
وأكدت أن اليمنيين ليسوا بأطفال أو جهلة، وإنما مغلوبون على أمرهم، حيث سار جمال بنعمر، المبعوث الأممي السابق لليمن، إلى صف المخلوع صالح والحوثيين، واستأنف الحوار على الرغم أن الرئيس اليمني هادي، لا يزال داخل الحصار في صنعاء، ولا بد من أن يكون هناك محاسبة دولية لإيران.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».