آلاف المتظاهرين أمام مقر حكومة مقدونيا.. لإسقاطها

رئيس الوزراء يدعو لمظاهرة «تأييد» مساء اليوم

آلاف المتظاهرين أمام مقر حكومة مقدونيا.. لإسقاطها
TT

آلاف المتظاهرين أمام مقر حكومة مقدونيا.. لإسقاطها

آلاف المتظاهرين أمام مقر حكومة مقدونيا.. لإسقاطها

دعا زعيم المعارضة اليسارية المقدونية زوران زايف المتظاهرين الذين تجمعوا أمام مقر الحكومة، أمس، إلى البقاء في الشارع إلى حين استقالة رئيس الوزراء نيكولا غروفسكي المتهم بالفساد والتنصت غير المشروع على نطاق واسع.
وقال زايف أمام نحو عشرين ألف متظاهر تجمعوا في سكوبيي: «سنبقى هنا أمام مقر الحكومة. نيكولا غروفسكي يجب أن يستقيل. وطالما لم يرحل، لن نغادر المكان».
وناشد باقي أبناء بلاده بالانضمام إلى صفوف المعارضة، قائلا: «انضموا إلينا من أجل أطفالكم ومن أجل مقدونيا مزدهرة».
ووجه زايف كلامه لرئيس الوزراء، قائلا: «غروفسكي، أيامك باتت معدودة. ارحل»، مؤكدا أنه يتحدث «باسم المقدونيين جميعا، ألبانا وصربا، وكل المجموعات الإثنية في مقدونيا».
وردد المتظاهرون الذين لوحوا بأعلام مقدونية، وأيضا ألبانية، وقد تجمعوا في جادة قريبة من مقر الحكومة: «استقالة، استقالة»، مخاطبين رئيس الوزراء الذي يسير البلاد منذ تسع سنوات. وبحسب مصدر مقرب من المعارضة فإن الهدف ليس إبقاء على جميع المتظاهرين في الساحة، بل هو عدد كافٍ لإبقاء الضغط على الحكومة.
وقال ألكسندر كرتفسكي وهو طبيب نفسي في الثلاثين من العمر جاء من كومانوفو (شمال) لوكالة الصحافة الفرنسية: «سنبقى طالما دعت الحاجة حتى نحقق النصر النهائي وحتى استقالة رئيس الوزراء». وتنظم مظاهرات مناهضة للحكومة منذ أسابيع في سكوبيي في حين تندد المعارضة بانتظام بالفساد والرشى التي تتلقاها الحكومة. وفي تحد للمعارضة، أعلن رئيس الوزراء أول من أمس أنه لا ينوي الاستقالة. واتهم المعارضة بأنها صنيعة «أجهزة استخبارات أجنبية»، دون تقديم أي أدلة.
وقدم ثلاثة من معاونيه المقربين هما وزيرا الداخلية والنقل ورئيس الاستخبارات، استقالاتهم.
من جهته، أعلن غروفسكي، أن أنصاره سينظمون مظاهرة دعما للسلطة مساء اليوم وسط سكوبيي، في خطوة قد تؤدي إلى مواجهات بين الطرفين.
وتشهد هذه الجمهورية اليوغوسلافية السابقة التي تعد 2.1 مليون نسمة غالبيتهم من السلاف منذ بداية السنة أزمة سياسية خطرة بسبب خلافات بين التشكيلات السلافية الرئيسية. وتتهم السلطة من جهتها المعارضة بـ«التجسس»، و«الرغبة في زعزعة استقرار البلاد». وقد تم التمديد لغروفسكي رئيس الحكومة منذ 2006 وحزبه، لولاية من أربع سنوات أثناء الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في أبريل (نيسان) 2014.
لكن المعارضة ترفض المشاركة في أعمال البرلمان وتندد بعمليات «تزوير» ارتكبت أثناء الاقتراع، وكذلك باستبداد غروفسكي وبجنون العظمة لديه مع مشروعه لتحسين العاصمة المقدونية بكلفة تقدر بعشرات ملايين اليورو في بلد تبلغ نسبة البطالة فيه 28 في المائة.
وكان زعيم المعارضة دعا المواطنين إلى التظاهر «في هدوء وكرامة». وكتب حزبه في بيان نشر عشية التجمع «لنكن جميعا موحدين ضد العنف ومن أجل عودة الديمقراطية».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».