مقتل 15 جنديا جنوب الموصل ومعارك الكر والفر تستمر في الأنبار

انتقادات برلمانية لـ«التعتيم الإعلامي» على ما يجري في الرمادي والفلوجة

معتقلون يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «القاعدة»  في مقر قيادة الشرطة في البصرة أمس (أ.ب)
معتقلون يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «القاعدة» في مقر قيادة الشرطة في البصرة أمس (أ.ب)
TT

مقتل 15 جنديا جنوب الموصل ومعارك الكر والفر تستمر في الأنبار

معتقلون يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «القاعدة»  في مقر قيادة الشرطة في البصرة أمس (أ.ب)
معتقلون يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «القاعدة» في مقر قيادة الشرطة في البصرة أمس (أ.ب)

تتواصل معارك الكر والفر في مناطق مختلفة من محافظة الأنبار، غرب العراق، للشهر الثاني على التوالي. من ناحية ثانية تمكن مسلحون من قتل 15 جنديا عراقيا ذبحا في منطقة «عين الجحش» التابعة لناحية حمام العليل جنوب مدينة الموصل شمال البلاد.
وطبقا للمعلومات الأمنية، عثر على جثث 15 جنديا مقطوعة الرأس جنوب الموصل وأن جثة أحد الجنود قد تم التمثيل بها وتعليقها على أحد الأعمدة داخل موقع السرية التي ينتمي إليها. بدوره، قال مصدر أمني رفيع المستوى في الموصل لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الكشف عن اسمه، أن «العملية نفذت من خلال كمين نصبه المسلحون الذين ينتمون إلى تنظيمات القاعدة الإرهابية لجنود هذه السرية الذين تسلموا عملهم في هذه المنطقة بدلا من السرية السابقة»، مشيرا إلى أنه «أثناء عملية التبديل جرت مداهمة مقر السرية ويبدو طبقا للمعلومات الأولية أن الإرهابيين كانوا يعلمون بوجود عملية تبديل وهو ما جعلهم ينفذون عمليتهم التي تحمل بصمات القاعدة حتما». وأضاف المصدر الأمني أن «هذه المنطقة التي جرت فيها العملية هي منطقة ساخنة وغير مسيطر عليها».
في غضون ذلك، تواصلت معارك الكر والفر في الرمادي والفلوجة بمحافظة الأنبار وأعلن مصدر في قيادة عمليات الأنبار أن قوات من الجيش وبالتعاون مع الشرطة والعشائر اشتبكت ظهر أمس مع عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في أحياء «الملعب» و«الثيلة» و«الحوز» في الرمادي، وفي ناحية الكرمة والعامرية في الفلوجة، مما أسفر عن مقتل 11 قياديا واعتقال 11 آخرين من قادة وعناصر «داعش»، مشيرا إلى «تدمير معسكر لداعش في منطقة (الخمسة كيلو) غرب الرمادي». وأضاف المصدر أن «قوات الجيش وبدعم من المروحيات القتالية تمكنت من تفجير أربع سيارات مفخخة في جزيرة البوبالي التابعة لناحية الخالدية، شرق الرمادي، وتدمير شاحنة محملة بالوقود والعتاد في جزيرة البو ذياب كانت متوجهة لدعم عناصر (داعش)»، مبينا أن العملية استندت إلى «معلومات أمنية دقيقة».
على صعيد متصل، أعلن مصدر في شرطة محافظة الأنبار أن «انتحاريا يستقل سيارة مفخخة فجر نفسه، مستهدفا نقطة تفتيش للشرطة فوق جسر الصديقية في ناحية الحبانية شرقي الرمادي، مما أسفر عن تدمير الجسر ومقتل شرطيين اثنين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح متفاوتة». كما استمر القصف العشوائي على مناطق مختلفة من مدينة الفلوجة، مما أدى إلى مقتل وجرح 16 مدنيا.
وانتقدت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان التعتيم الإعلامي على سير المعارك في الأنبار، داعية إلى إيجاد حل مجتمعي للأزمة هناك. وقال شوان محمد طه، عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «استمرار المعارك بالطريقة التي نشاهدها تعني من الناحية العملية استمرار نزيف الدم دون طائل، لأن أي حل عسكري وحده في معارك فيها تداخل بين أشياء كثيرة لن يؤدي إلى نتيجة حاسمة». واعتبر طه أن «الحل المجتمعي القائم على أساس زرع بذور الثقة بين الدولة والمواطنين وشيوخ العشائر هو الحل السليم لمثل هذه الأزمة». وانتقد طه «الإعلان عن مبادرات للحل العشائري في وقت يتواصل فيه القصف العشوائي الذي يذهب ضحيته المدنيون». وشدد على أن «هناك مسألة في غاية الأهمية وهي أن هناك تعتيما إعلاميا حيال ما يجري، وهو ما جعل لجنة مثل لجنة الأمن والدفاع البرلمانية شبه مشلولة عن القيام بأي دور في هذه الأزمة»، موضحا أن «إيجاد حلول للقضايا والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ومن بينها مشكلات الفقر والبطالة، هو المدخل الصحيح للقضاء على الإرهاب».
من جهته، عد رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، حميد الهايس، تكرار الدعوات إلى الحل السلمي لأزمة الفلوجة تحديا وأكد «إننا نعطي الفرصة لـ(داعش) للتمركز أكثر مما يضاعف خسائرنا في المراحل اللاحقة». وقال الهايس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الحل السلمي له أصوله أيضا، وبما أن العدو الذي يمسك بخناق مدينة مثل الفلوجة لا يقبل الخروج ولا يعترف بأنه (داعش) فإن هذا يستدعي حلا عسكريا لأن كل المبادرات التي يعلن عنها لا تشمل هؤلاء المسلحين المجرمين». وأضاف الهايس إن «الفلوجة تحتلها الآن مجموعة إرهابية وتعلن أنها تحكم وفق الشرع، وبالتالي فإن كل الدعوات إلى حل سلمي تعني التغطية على جرائم هؤلاء وأفعالهم ضد المدنيين الذين بإمكانهم المكوث في بيوتهم لأن الجيش لا يستهدفهم وهو يعرف أهدافه جيدا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.