الموازنة المالية في العراق تدخل مرحلة «الموت السريري»

اجتماع في البرلمان بين حكومتي بغداد وأربيل لتجاوز الخلافات

الموازنة المالية في العراق تدخل مرحلة «الموت السريري»
TT

الموازنة المالية في العراق تدخل مرحلة «الموت السريري»

الموازنة المالية في العراق تدخل مرحلة «الموت السريري»

رغم أن الضجة التي أثيرت بعد إقرار قانون التقاعد الموحد في العراق لم تنته بعد لا سيما لجهة التصويت على الفقرة الخاصة بامتيازات كبار المسؤولين، وهو ما أزعج المرجعية الشيعية العليا، فإن الخلافات بشأن إقرار الموازنة العامة للدولة لعام 2014 جعلتها تدخل ما يشبه مرحلة «الموت السريري».
واضطر أسامة النجيفي، رئيس البرلمان، إلى تأجيل جلسة برلمانية كانت مقررة أمس إلى يوم غد بعد أن فشل الاجتماع الذي عقده مع رؤساء الكتل البرلمانية بشأن إمكانية إدراج مشروع قانون الموازنة على جدول أعمال الجلسة لكي تجري قراءة بعض موادها قراءة أولى.
ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، اتهم التحالف الكردستاني بتعطيل جلسة مجلس النواب بسبب انسحابه من جلسة أمس. وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون رئيس اللجنة المالية البرلمانية، حيدر العبادي، في مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان إن «عدم اكتمال النصاب في جلسة مجلس النواب كان بسبب انسحاب التحالف الكردستاني». وقال العبادي إن «اللجان النيابية ستعقد اجتماعا مع وزراء التخطيط والنفط وغيرها من الوزارات صباح الخميس لمطالبة رئاسة مجلس النواب بإدراج الموازنة المالية على جدول أعمال جلسة الخميس لمناقشتها وقراءتها». وأشار العبادي إلى أن «تأخير إقرار الموازنة المالية سيضر بمصلحة المواطن».
من ناحية ثانية، كشف خالد العطية، رئيس كتلة ائتلاف دولة القانون النيابية، عن اجتماع يعقد في مجلس النواب بحضور ممثلين عن الحكومتين الاتحادية وإقليم كردستان لبحث الخلاف حول مشروع قانون الموازنة المالية لعام 2014. وقال العطية في تصريح إن «الاجتماع سيعقد بمبنى البرلمان وبمشاركة وفدين من حكومتي بغداد وأربيل وبحضور رؤساء الكتل النيابية لبحث الخلاف حول قانون الموازنة». وكان ائتلاف دولة القانون قدم طلبا إلى هيئة رئاسة البرلمان لإدراج قانون الموازنة العامة في جدول أعمال جلسة أمس، وقال النائب عن الائتلاف إبراهيم الركابي، في تصريح إن «ائتلاف دولة القانون جمع تواقيع 50 نائبا من أجل تقديم طلب لهيئة رئاسة البرلمان حول إدراج القراءة الأولى لقانون الموازنة العامة ضمن جدول أعمال جلسة البرلمان».
وكان رئيس البرلمان قال في وقت سابق إن «الموازنة فيها نقص جسيم، لأن حصة المحافظات لم تعط لها وفق النسبة المحددة»، لافتا إلى أن «الحكومة عالجت الموازنة بعجالة وأرسلتها بعد أن غيرت سقفها إلى 175 تريليون دينار وأدرجت الخمسة دولار فيها، مما أدى إلى حصول تغيير في الموازنة وارتفاع سقف العجز فيها إلى 30 تريليون دينار»، مشيرا إلى أن «مجلس الوزراء حول الموازنة على علاتها إلى مجلس النواب، مما خلق جوا من التقاطع السياسي داخل المجلس»، مشيرا إلى أن «الموازنة وصلت بشكلها النهائي إلى مجلس النواب يوم 26 يناير (كانون الثاني) الماضي». وتابع أن «الموازنة يجب أن تقرأ قراءة أولى قبل الاعتراض عليها، وبعدها يفتح النقاش بخصوصها، وإذا كانت هناك مخالفات جسيمة تتطلب إعادتها إلى الحكومة فسيجري ذلك بقرار من مجلس النواب»، لافتا إلى أن «البرلمان إذا قرر إعادة الموازنة إلى الحكومة، فعليها أن تعالج المشكلة وتعيدها على وجه السرعة إلى البرلمان، ليتم إقرارها ضمن السقف الزمني القصير المتبقي لمجلس النواب».
من جهته، أكد عضو الجنة المالية في البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني، أحمد فضل الله، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الخلاف بشأن الموازنة إنما يعود إلى عدم التوصل إلى حل بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بخصوص نقطتين أساسيتين؛ وهما دفع مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم، وثانيا رواتب البيشمركة». وانتقد فضل الله حكومتي المركز والإقليم، قائلا إن «الاجتماعات التي تعقدها الوفود بين أربيل وبغداد غالبا ما تنتهي بالمجاملات، بينما المفروض أن يحول ما يتفقان عليه إلى مشروع قانون يرسل إلى البرلمان». وأشار إلى أن «حصة إقليم كردستان من الموازنة هي من الناحية النظرية 17 في المائة، لكنها من الناحية العملية 11 في المائة؛ إذ تستقطع النفقات السيادية منها البالغة 31 مليار دولار من موازنة هذا العام».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.