ليبيا تعوض «سجناء القذافي» ودعوات لجمعة «الوفاق والعناق» لإنهاء الارتباك السياسي

استمرار المماحكات بين المؤتمر الوطني وحكومة زيدان

ليبيا تعوض «سجناء القذافي» ودعوات لجمعة «الوفاق والعناق» لإنهاء الارتباك السياسي
TT

ليبيا تعوض «سجناء القذافي» ودعوات لجمعة «الوفاق والعناق» لإنهاء الارتباك السياسي

ليبيا تعوض «سجناء القذافي» ودعوات لجمعة «الوفاق والعناق» لإنهاء الارتباك السياسي

في محاولة لإنهاء الوضع السياسي المرتبك في ليبيا، وجهت مجموعة من النشطاء السياسيين والحقوقيين والصحافيين من مدينتي طرابلس وبنغازي دعوة لمظاهرات سلمية جديدة يوم الجمعة المقبل تحت عنوان «جمعة الوفاق والعناق». وقال أحد منظمي المظاهرة إنه سيكون يوما للدعوة لتبني «خارطة طريق» تضمن تلافي تقسيم النسيج الليبي بين طرفين، والدخول في صراعات هامشية قد تتطور إلى صراعات مسلحة. ومن المنتظر أن يجري خلال هذه المظاهرة توجيه دعوات ورسائل لكل من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، والمؤسسة الدينية، لحث كل الأطراف على التوافق على خطة تنهي صلاحيات المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، بهدف الاتفاق في مدة معينة ومحددة على إنشاء جسم تشريعي آخر يتسلم زمام الأمور.
وتعبيرا عن استمرار المماحكات السياسية بين المؤتمر الوطني، الذي يعد أعلى هيئة سياسية في ليبيا، والحكومة الانتقالية التي يترأسها علي زيدان، تجاهل المؤتمر أمس مناقشة طلب زيدان إجراء تعديل وزاري جديد على حكومته التي تشكلت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011.
وتقدم زيدان مؤخرا بقائمة تضم ثمانية وزراء جدد بدلا من وزراء حزب «العدالة والبناء»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الذين أعلن الحزب سحبهم من الحكومة اعتراضا على سياسات زيدان وأداء حكومته.
وعقب الجلسة التي عقدها أعضاء المؤتمر أمس، قال عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر، إن الميزانية التي تقدم بها زيدان الشهر الماضي وجرت مناقشتها في الجلسة غير متكاملة، لأنها تحتوي على بندين فقط، الأول المتعلق بالمرتبات، والثاني المتعلق بالمصروفات التسييرية.
ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن حميدان قوله إن جلسة المؤتمر بحثت أيضا حزمة الإصلاحات التي جرى التوافق عليها بين الكتل السياسية لإتمام خارطة الطريق وتفعيلها، لافتا إلى أن الجلسة رفعت لاجتماع الكتل مرة أخرى لمناقشة هذه الحزمة، وإذا ما جرى التوافق عليها سيجري التصويت عليها في جلسة كانت مقررة مساء أمس.
وقبل هذه الجلسة، ترددت شائعات عن وجود مخطط جديد لاقتحام مقر المؤتمر في العاصمة الليبية طرابلس، مما دفع نوري أبو سهمين إلى تفقد مختلف التقسيمات الإدارية، حيث أكد للموظفين والعاملين بالمؤتمر - في محاولة لطمأنتهم - أن كل ما يتردد ويروج هو محض إشاعات يجب ألا يكون لها تأثير عليهم.
وكانت رئاسة المؤتمر وجهاز الاستخبارات العامة نفيا ما تردد بشأن طلب جهاز الاستخبارات العامة بإخلاء مقر المؤتمر، أو أي مبنى في مدينة طرابلس لأسباب أمنية، مؤكدين أن الأمور تسير بشكل اعتيادي.
وفى علامة على تدهور العلاقات بين الحكومة والمؤتمر من جهة، واستمرار الخلافات بين وزير الدفاع عبد الله الثني ورئيس الأركان العامة للجيش الليبي، ترأس أبو سهمين اجتماعا تغيب عنه وزير الدفاع، لكن حضره رئيس الأركان ومدير إدارة العمليات ورئيس الأمن الرئاسي بالمؤتمر وآمر منطقة طرابلس العسكرية، جرى خلاله متابعة جملة من الموضوعات المتعلقة بخطة تأمين العاصمة طرابلس.
وقالت رئاسة المؤتمر في بيان لها إنه جرى خلال الاجتماع اتخاذ جملة من القرارات والإجراءات اللازمة لتأمين العاصمة واستتباب الأمن فيها، لكن البيان لم يفصح عن المزيد من المعلومات.
من جهة أخرى، كشف الموقع الإلكتروني الرسمي للمؤتمر عن موافقة المؤتمر في الخامس من الشهر الحالي على إجراء تعديل في قانون العقوبات يسمح بإصدار حكم بالسجن ضد كل «من يهين علانية إحدى السلطات التشريعية أو التنفيذية أو القضائية أو أحد أعضائها أثناء تأديته للوظيفة أو بسبها أو أهان شعار الدولة أو علمها». وأثار القرار جدلا في مختلف الصفحات الليبية على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث عده كثير من المراقبين بمثابة اعتداء على حرية التعبير ومحاولة لتحصين السلطات الحاكمة من أي انتقادات.
من جهته، أعلن زيدان لدى اجتماعه أمس بطرابلس مع ماران جيلييه، مدير قسم التعاون والأمن والدفاع لدى وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، أن ليبيا تعول على مساعدة فرنسا في تخطي هذه المرحلة الدقيقة. فيما أكد جيلييه مجددا استعداد بلاده لمساعدة ليبيا في التحول الديمقراطي وبناء دولة القانون والمؤسسات، وكذلك في مجال بناء القدرات في الجيش والشرطة. كما أبدى استعداد بلاده للمساهمة في خطط الحكومة لتجميع السلاح والحد من انتشاره.
وقال بيان مقتضب لمكتب زيدان إن الاجتماع تطرق أيضا إلى المؤتمر الذي سيعقد بالعاصمة الإيطالية روما مطلع الشهر المقبل حول ليبيا، وما سيجري بحثه.
على صعيد آخر، بدأت لجنة المصالحة الوطنية بوزارة العدل الليبية في صرف الصكوك المالية المخصصة لتعويض السجناء السياسيين المتضررين إبان نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي. وقال مقرر الفريق القانوني بلجنة «المصالحة الوطنية لتعويض السجناء» عبد الحميد النعاس إن الدفعتين الأولى والثانية من الصكوك المالية التي تسلمتها عدد من المحاكم بالمدن تجاوزت 986 صكا. وعد هذا الاستحقاق بأنه حق طبيعي لكل المتضررين من السجناء السياسيين، لافتا إلى أن اللجنة مستمرة في هذا العمل والواجب الوطني ضمن مشروع العدالة الانتقالية ووفقا للقوانين المعمول بها داخل الدولة الليبية.
يشار إلى أن قانون التعويض ينطبق فقط على شريحة معينة من المجتمع الليبي التي قضت عقودا من الزمن داخل المعتقلات والسجون السرية، إلى جانب سجناء ثورة السابع عشر من فبراير (شباط)، وأسر ضحايا المتضررين من حكم القذافي قبل مقتله وسقوط نظامه عام 2011.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.