اندلعت معارك عنيفة أمس بين قوات متنافسة في الجيش البوروندي للسيطرة على العاصمة، غداة محاولة انقلاب بقيادة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات للإطاحة بالرئيس بيير نكورونزيزا، حيث أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن هناك ثلاثة عسكريين قتلوا على الأقل.
وتكثفت ردود الفعل الدولية الداعية إلى التهدئة، فيما أعلن دبلوماسيون عن بدء مشاورات مغلقة في مجلس الأمن الدولي لبحث الانقلاب.
واعتبرت واشنطن أن نكورونزيزا يبقى «الرئيس الشرعي» لبوروندي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جيف راتكي «نعترف به رئيسا شرعيا». وبدوره، أدان مجلس السلام والأمن في الاتحاد الأفريقي استخدام «القوة» للاستيلاء على السلطة، وأعلن إرسال «مراقبين لحقوق الإنسان»، فيما دعت فرنسا إلى وقف العنف.
وتركزت المعارك حول مجمع الإذاعة والتلفزيون، في حين توقف البث، وحاول الانقلابيون بقيادة الجنرال غودفروا نييمباري، وهو رفيق سلاح سابق للرئيس، مرتين مهاجمة قوات النخبة التي تحمي المكان الذي يشكل رمزا للسلطة. وللمرة الأولى منذ بدء الانقلاب، أول من أمس الأربعاء، سقط قتلى، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية مشاهدات لجثث ثلاثة عسكريين على بعد نحو كيلومتر من مجمع الإذاعة والتلفزيون.
واستغرق هجوم بعد ظهر أمس نحو ساعتين، لكن الانقلابيين فشلوا في هزيمة خصومهم الذين تمكنوا بحسب مصادر في الإذاعة من تعزيز صفوفهم والتزود بمدرعة. وأعلن مدير عام الإذاعة والتلفزيون فشل الهجوم على الأثير، مؤكدا أن الوضع «تحت السيطرة»، وأن «الجنود النظاميين ما زالوا يسيطرون على المجمع».
كما بثت الإذاعة رسالة هاتفية من نكورونزيزا العالق في تنزانيا، تعذر سماعها جيدا، لكن أمكن التعرف على صوت الرئيس فيها.
ونقل مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية أن أصوات الطلقات النارية والتفجيرات استمرت طوال الليل وازدادت حدة فجرا. وقال مدير الإذاعة الموجود في المبنى عبر الهاتف، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نتعرض للهجوم، إنه قوي جدا. تم قطع الإرسال، ولا يمكننا البث».
وبدت الشوارع خالية من المدنيين، في حين كانت أصوات اشتباكات متقطعة تسمع من مناطق أخرى في المدينة، وارتفعت أعمدة الدخان في سمائها. وأكد المتحدث باسم الانقلابيين فينون ندابانيزي: «نسيطر عمليا على كل أنحاء المدينة. الجنود الذين ينتشرون هم إلى جانبنا». إلا أن الطرف الثاني، المتمثل بقوات موالية لنكورونزيزا، أعلن الأمر ذاته.
وكان رئيس أركان القوات المسلحة الجنرال برايم نيونغابو، الموالي لنكورونزيزا، أعلن عبر الإذاعة أيضا أن محاولة الانقلاب بقيادة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الجنرال غودفروا نيومباري فشلت.
إلى ذلك، شن موالون للرئيس هجمات ضد مؤسسات إعلامية مستقلة في العاصمة، واندلع حريق في «راديو أفريقيا العام» بعد إصابته بقذيفة. أما الرئيس فكان موجودا في تنزانيا المجاورة حين أعلن عن الانقلاب، ولا يزال في مكان سري في دار السلام، وفق مسؤولين تنزانيين.
وتأتي محاولة الانقلاب بعد أسابيع من المظاهرات الدامية التي أعقبت إعلان الرئيس عن نيته الترشح لدورة رئاسية ثالثة. وأثارت الأزمة المخاوف من انتشار العنف في تلك الدولة الأفريقية الفقيرة، التي لا تزال تتعافى من حرب أهلية استمرت 13 عاما وانتهت في عام 2006 مخلفة مئات آلاف القتلى.
وتؤكد جماعات معارضة وحقوقية أن ترشيح نكورونزيزا نفسه لولاية ثالثة غير دستوري، حيث إنه في الحكم منذ 2005. لكنه يرد قائلا إن ولايته الرئاسية الأولى لا تحتسب لأنه انتخب من قبل البرلمان وليس من قبل الشعب مباشرة. ويعتقد نكورونزيزا قائد الميليشيا السابق، المسيحي من غالبية الهوتو، أنه وصل إلى الرئاسة بدعم إلهي.
وقتل أكثر من 22 شخصا وأصيب الكثيرون منذ نهاية أبريل (نيسان)، بعدما أعلن حزب «المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية - قوى الدفاع عن الديمقراطية» ترشيح نكورونزيزا لانتخابات 26 يونيو (حزيران) المقبل.
وفي رسالته أثناء إعلان الانقلاب، أكد نيومباري أنه لا يريد السلطة، متعهدا بإنشاء «لجنة لإعادة الوفاق الوطني» والعمل على «استئناف العملية الانتخابية في أجواء سلمية ومنصفة». ويحظى الجنرال نيومباري بالاحترام بين غالبية القوات المسلحة. وأقيل من منصبه رئيسا للاستخبارات في فبراير (شباط) بعدما عارض محاولة الرئيس البقاء في الحكم.
وكانت المحكمة الدستورية أقرت بحق الرئيس في الترشح لولاية ثالثة، إلا أن أحد القضاة فر من البلاد مدعيا أن أعضاء المحكمة تلقوا تهديدا بالقتل.
ومن جهته، دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي إلى حل الأزمة المتفاقمة في بوروندي سياسيا. وفي بيان صادر أمس، قال المجلس إن الاتحاد الأفريقي يدين أي محاولة للاستيلاء على السلطة من خلال العنف في بوروندي، ودعا إلى الحوار لحل الأزمة السياسية في البلاد. واجتمع المجلس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لمناقشة محاولة الإطاحة بالرئيس البوروندي بيير نكورونزيزا الذي أدخلت مساعيه للبقاء في السلطة فترة ثالثة البلاد في حالة من الفوضى.
مستقبل بوروندي مهدد وسط معارك للسيطرة على العاصمة
الاتحاد الأفريقي يدعو للحوار لحل الأزمة السياسية المتفاقمة
مستقبل بوروندي مهدد وسط معارك للسيطرة على العاصمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة