انقسام أوروبي حول تقاسم اللاجئين بسبب مواقف 3 دول بينها بريطانيا

185 ألفًا استفادوا من حق اللجوء في دول «الاتحاد» العام الماضي

انقسام أوروبي حول تقاسم اللاجئين بسبب مواقف 3 دول بينها بريطانيا
TT

انقسام أوروبي حول تقاسم اللاجئين بسبب مواقف 3 دول بينها بريطانيا

انقسام أوروبي حول تقاسم اللاجئين بسبب مواقف 3 دول بينها بريطانيا

توقعت مصادر أوروبية أن تتجه دول الاتحاد الأوروبي إلى التخلي عن فكرة فرض حصص بينها لتوزيع اللاجئين بصورة أكثر إنصافا، وذلك بسبب استثناءات تستفيد منها بريطانيا وآيرلندا والدنمارك.
وتنقسم الدول في مواقفها من هذا الإجراء الذي تتمحور حوله خطة عمل يفترض أن تعرضها المفوضية الأوروبية لمساعدة إيطاليا في إدارة التدفق الكثيف للمهاجرين القادمين من ليبيا، ويقوم على إلزام الدول الأعضاء بأن تتحمل كل منها جزءا من العبء. واعتبر رئيس وزراء المجر فيكتور أوروبان أنه «ضرب من الجنون» التفكير في ترك اللاجئين يدخلون إلى بلد أوروبي ومن ثم توزيعهم على الدول الأخرى.
ولا يمكن فرض نظام «الحصص» هذا على بريطانيا وآيرلندا والدنمارك لأنها لم توقع على قوانين اللجوء والهجرة. وقال مصدر أوروبي، أمس، إن «هذه البلدان الثلاثة لديها خيار الانسحاب، هكذا هي الحال ومن غير الممكن العودة عن ذلك. يمكنها أن تقرر المشاركة، وإنما على أساس طوعي ليس إلا».
ويجعل هذا الاستثناء من الصعب فرض الحصص على الدول الخمس والعشرين الأخرى في حين لا تزال المفوضية الأوروبية منقسمة بهذا الشأن. ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق أمس عشية اجتماع المفوضين لتبني خطة العمل.
وقال المصدر إن رئيس المفوضية جان كلود يونكر يأمل أن تكون الحصص إلزامية، ويفيد النص المقترح بأن «بعض الدول لا تفعل شيئا لقبول طالبي اللجوء أو مساعدة دول الاتحاد الأوروبي الأخرى التي تتحمل مسؤوليتهم». وينظر إلى خطة العمل على أنها «رد فعل فوري من الاتحاد الأوروبي أمام المآسي البشرية في المتوسط»، لكنها تعالج كذلك مشكلات اللاجئين المقيمين في الدول المجاورة لسوريا لردعهم عن السعي لاجتياز المتوسط.
وقد طلبت المفوضية العليا للاجئين من الاتحاد الأوروبي استقبال 20 ألف لاجئ سوري سنويا، ولكن لم يتم تحديد أي رقم في النص المقترح الذي سيعرض على المفوضين الأربعاء، وفق مصدر أوروبي. ويتم حاليًا استقبال اللاجئين من خارج أوروبا على أساس طوعي. وتم استقبال 36 ألف لاجئ سوري في 2014، ولكن 15 بلدا فقط شاركت في هذا الجهد، وفق المفوضية.
ويخشى الاتحاد الأوروبي تدفق مزيد من اللاجئين إلى إيطاليا خلال الصيف وترمي خطة العمل المقترحة إلى مساعدة الحكومة الإيطالية في إدارة الوضع، ولا سيما اتخاذ قرار سريع بشأن من ينبغي منحهم اللجوء من بين الوافدين. وتؤيد ألمانيا وفرنسا مبدأ فرض الحصص الذي تطالب به إيطاليا، ولكن لا برلين ولا باريس تؤيدان إعطاءه طابعًا إلزاميًا. وقال مصدر إن آلية الحصص المقترحة ستكون في البدء مؤقتة «لإتاحة إدارة الوضع الطارئ». ويأمل جان كلود يونكر بعدها تبني آلية دائمة يمكن تفعيلها في ظروف محددة.
وأمس، أعلن مكتب «يوروستات» للإحصاءات أن بلدان الاتحاد الأوروبي منحت حق اللجوء إلى 185 ألف شخص في 2014، منهم نحو 70 ألف سوري، لكن هذه البلدان لا تتقاسم بالتساوي عبء هذا المجهود. وأخذت ستة بلدان القسم الأكبر من هذا المجهود على عاتقها: ألمانيا (47.444)، والسويد (33.025)، وفرنسا (20.640)، وإيطاليا (20.630)، وبريطانيا (14.065)، وهولندا (13.250). وأوضحت «يوروستات» أن المجهود الذي قامت به البلدان الأخرى الاثنان والعشرون، يتراوح بين 20 لاجئا لإستونيا و8515 لبلجيكا. ومنحت لوكسمبورغ، بلد رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر، 135 شخصا منهم 40 سوريا اللجوء العام الماضي. ويأمل يونكر في وضع آلية للحصص الإلزامية لتوزيع استقبال اللاجئين توزيعا أفضل في إطار الاتحاد الأوروبي. وتطلب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من الاتحاد الأوروبي استقبال 20 ألف لاجئ سوري سنويا. ورفضت بلدان الاتحاد الأوروبي 173 ألف طلب لجوء في 2014.
وأبرز المستفيدين من الحماية التي يؤمنها الاتحاد الأوروبي، هم السوريون (68.400، أي 37 في المائة من العدد الإجمالي)، والإريتريون (14.600)، والأفغان (14.100)، كما أوضح مكتب «يوروستات». وأكثر من 60 في المائة من السوريين الذين حصلوا على وضع اللاجئ، يعنى بهم بلدين، هما ألمانيا (25.700)، والسويد (16.800). والجنسيات الثلاث الأولى للاجئين في فرنسا هي الروسية والسورية والسريلانكية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».