برلمان تونس يبدأ النظر في قانون لتنظيم القضاء

وزير الداخلية: التنسيق الأمني مع الجزائر في أعلى درجاته للتصدي للإرهاب

برلمان تونس يبدأ النظر في قانون لتنظيم القضاء
TT

برلمان تونس يبدأ النظر في قانون لتنظيم القضاء

برلمان تونس يبدأ النظر في قانون لتنظيم القضاء

بدأ البرلمان التونسي أمس مناقشة قانون المجلس الأعلى للقضاء، وسط إضرابات واحتجاجات للقضاة في كل محاكم البلاد، وذلك بسبب تحفظات إزاء عدد من بنود القانون.
ويدور جدل كبير في تونس بين قطاع القضاء والأحزاب الرئيسية في البرلمان حول القانون المحدث لمجلس القضاء، وهو من بين الهيئات الدستورية التي يجري هيكلتها بعد أن تم وضع دستور جديد للبلاد في 2014، إثر فترة انتقال سياسي امتدت منذ أحداث الثورة في 2011. ويختص المجلس المتكون من 45 عضوا بإدارة دواليب قطاع القضاء، من تعيينات ونقل وترقيات، وإعفاء، والإحالة على التقاعد وغيرها من القرارات.
وانتهت لجنة التشريع في البرلمان من تعديل القانون، المكون من 76 فصلا، وبدأ النواب عبر جلسة عامة في مناقشته قبل التصديق عليه الأسبوع الحالي، بهدف منح الوقت من أجل هيكلة المجلس قبل 21 من الشهر الحالي احتراما للآجال الدستورية.
لكن جمعية القضاة التونسيين أبدت تحفظا إزاء عدد من بنود القانون، وقالت إنه يعزز نفوذ السلطة التنفيذية، ولا يضمن استقلالية الجهاز القضائي، كما دخل القضاة منذ أول من أمس في إضراب بجميع المحاكم حتى يوم الجمعة المقبل.
وقال عبادة الكافي، رئيس لجنة التشريع في البرلمان أمس، إن مشروع القانون يضمن استقلالية القضاء، وإن البرلمان لن يقبل الضغط من القضاة.
ومن جهته، قال النائب الصحبي عتيق، عن حزب حركة النهضة الإسلامية، الشريك في الحكم، إن الأمر لا يتعلق بمواجهة بين السلطة القضائية والتشريعية، وإن القانون يترجم ما ورد في الدستور.
ويعتزم أعضاء جمعية القضاة تنفيذ وقفة احتجاجية بالزي القضائي أمام البرلمان اليوم الأربعاء، للمطالبة بإدخال تعديلات جديدة على القانون. وفي هذا الصدد قال أحمد الصديق، النائب المعارض عن كتلة الجبهة الشعبية، خلال الجلسة العامة اليوم إن «القضية الأساسية هي ضمان أن يكون القاضي مستقلا ومحصنا ضد أي تدخل، وضمان تحصين السلطة القضائية، لكن دون أن تتغول، ضمانا لمبدأ التوازن بين السلطات».
من جهة ثانية، شدد ناجم الغرسلي، وزير الداخلية التونسي، مساء أول من أمس، على التنسيق الأمني العالي مع الدولة الجارة الجزائر للتصدي لخطر الإرهاب والجماعات المسلحة التي تتمركز في الجبال والمرتفعات على الحدود بين البلدين.
وقال الغرسلي للإعلاميين أثناء زيارته لمدينة جندوبة، القريبة من الحدود مع دولة الجزائر، إنه يجري التنسيق بشكل مستمر بين تونس والجزائر للتصدي للخطر الإرهابي الذي يهدد البلدين، مؤكدا أن هناك «إرادة سياسية في البلدين صريحة وواضحة حتى يكون التنسيق الأمني والعسكري في أعلى درجاته، وفي أحسن أحواله للتصدي لعدو واحد هو الإرهاب... وأمن البلدين هو واحد».
وتستعد منطقة العبور في جندوبة لاستقبال الآلاف من السياح الجزائريين، مع دخول موسم الصيف الذي يوافق ذروة النشاط السياحي في تونس، إذ يتوقع أن تستقطب تونس العام الحالي قرابة مليون و200 ألف سائح جزائري، في الوقت الذي شددت فيه الأجهزة الأمنية في البلدين مراقبتها للمناطق الحدودية، إذ تتمركز العناصر المسلحة لكتيبة عقبة بن نافع التي تقف وراء أغلب العمليات الإرهابية في تونس.
وكانت التحقيقات قد كشفت عن تورط عناصر جزائرية ضمن الكتيبة في الهجوم الإرهابي، الذي استهدف متحف باردو في 18 مارس (آذار) الماضي، والذي أوقع 24 قتيلا، بينهم 21 سائحا أجنبيا. وتمكنت الأجهزة الأمنية من القضاء على القائد العملياتي للكتيبة، الجزائري خالد الشايب والمكنى بلقمان أبو صخر، خلال كمين بعد أيام من أحداث باردو، إلى جانب ثمانية عناصر أخرى بارزة.
وعلى صعيد غير متصل، أعلن ديمتري أفرابولوس، المفوض الأوروبي المكلف الهجرة والشؤون الداخلية والمواطنة أمس في تونس عن برنامج أوروبي جديد خاص بالهجرة، قيمته خمسة ملايين يورو، موجه لدعم العمل المشترك مع السلطات التونسية.
وقال أفرابولوس، الذي أنهى زيارة إلى تونس دامت يومين، إن حوض المتوسط في حاجة إلى برنامج طويل المدى لدعم منظومة اللجوء السياسي، وأمن الحدود، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، مشيرا إلى أن دول الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى التعاون مع بلدان المنشأ من أجل منح مزيد من الفرص للهجرة الشرعية، واحترام الحقوق الأساسية للمهاجرين.
وسيطرت على اللقاءات التي تخللت الزيارة عدة ملفات حساسة، أبرزها ملف الهجرة غير الشرعية، والأمن الحدودي، والحقوق الأساسية للمهاجرين ومحاربة الإرهاب والتطرف، ومقاومة الاتجار بالبشر.
وكان المسؤول الأوروبي المكلف الهجرة قد أشار في تصريح إعلامي عقب لقائه أول من أمس الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، إلى أن تونس وبلدان الاتحاد الأوروبي يواجهان نفس التحديات والأولويات في مجال الهجرة. وأكد أن التصرف في تدفق الهجرة يمثل تحديا معقدا بالنسبة لأوروبا وشركائها في الضفة الجنوبية للمتوسط، داعيا إلى تنفيذ أنشطة مشتركة بصفة فورية تمنع حدوث كوارث إنسانية، في إشارة إلى حوادث الغرق الكارثية التي يعرفها بحر الأبيض المتوسط.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».