عائلة الطيار المغربي المفقود في اليمن: متمسكون بالأمل في العثور عليه حيًا

ياسين بحتي حقق أمله في أداء العمرة قبل مشاركته في مهمة عسكرية ضد جماعة الحوثي

صورة للطيار المغربي ياسين بحتي
صورة للطيار المغربي ياسين بحتي
TT

عائلة الطيار المغربي المفقود في اليمن: متمسكون بالأمل في العثور عليه حيًا

صورة للطيار المغربي ياسين بحتي
صورة للطيار المغربي ياسين بحتي

«ما نطلبه منكم هو الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل أن يحفظه».
بهذه العبارات استقبل نور الدين بحتي، والد الطيار المغربي المفقود في اليمن ياسين بحتي، أقرباء وأصدقاء الأسرة، الذين غص بهم أمس بيته الصغير في الطابق الأول من عمارة بسيطة بحي السدري في الدار البيضاء.
وقال نور الدين، الذي ما يزال كباقي أفراد الأسرة متمسكا ببصيص من الأمل، لـ«الشرق الأوسط» «ما دمت لم أتوصل بخبر رسمي من الجهات المسؤولة فسأظل متمسكا بالأمل في عودة فلذة كبدي.. ونحن متأكدون من إصابة طائرته، وصور الشظايا التي نشرت تبين الرقم التسلسلي للطائرة. لكن ليس هناك أي شيء أكيد بالنسبة لمصير ياسين. فحسب المسؤولين فإن الأبحاث لا تزال جارية، وبالتالي فلا يزال هناك أمل».
لكن ما يعكر صفو هذا الأمل ويثير غضب الأسرة، هو نشر بعض المواقع الإخبارية الإلكترونية لصور الطيار المفقود ياسين بحتي، الذي أصيبت طائرته (من نوع إف 16) خلال مهمة عسكرية في إطار مشاركة المغرب بالتحالف الدولي ضد جماعات الحوثي المسلحة شمال اليمن. وبهذا الصدد تقول أم ياسين غاضبة «لن أسامح الصحافيين الذين عرضوا حياة ابني للخطر بنشر صوره. ألا يدركون أن هذه الصور قد تدل الأعداء على ابني في حال نجاته، واختفائه هناك بين القبائل الحدودية؟ ألا يدركون أنهم بذلك يعرضون حياته للخطر؟». وأضافت موضحة «لقد نشروا الكثير من الكذب والافتراءات، والأسرة لم تعطيهم أي صور أو معلومات».
بدوره، قال عبد القادر، صديق العائلة، لـ«الشرق الأوسط» «نحن هنا لنساند أسرة بحتي ونشد عضدهم. فياسين رجل عظيم وبطل شامخ، ونرجو من الله أن يعيده لنا آمنا غانما إن شاء الله». أما ابن خالته أيوب، الذي يعتبر الفقيد بمثابة الأخ الأكبر، فقد وجد صعوبة في التعبير عن مشاعره من شدة التأثر وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن أن أصف ما يختلج في صدري بسبب ما يحدث. فلدي إحساس بأنه حي يرزق وأنه سيعود.. وياسين من أطيب خلق الله، وهو عزيز وغال، وسواء (استشهد) أم ظل على قيد الحياة، فإن ذلك لن يغير ذلك شيئا، حيث ستظل مكانته كبيرة ومرموقة».
من جانبه، عبر يوسف، أحد أقرباء ياسين الشباب، عن استيائه من إعادة نشر بعض الصحف والمواقع الإخبارية المغربية للصور والفيديوهات التي بثتها مصادر حوثية معادية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال بنبرة غاضبة «هذه الصور ليست لها أي مصداقية خبرية لأنها مجرد مادة دعاية نشرتها أطراف معادية، وإعادة نشر مثل هذه الصور من طرف بعض الصحف المغربية يعتبر مناف للأخلاقيات والأعراف. وأنا أسأل هؤلاء الصحافيين الذين أعادوا نشرها في المغرب، هل فكروا في وقع هذه الصور على الأسر وعلى النساء والأطفال؟ لن نسامح هؤلاء».
من جهته، التزم الجيش المغربي أمس موقفا متحفظا إزاء الصور التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي حول موقع تحطم الطائرة العسكرية المغربية، حيث أشارت المفتشية العامة للقوات المسلحة المغربية في بيان أصدرته أمس إلى أن «الكثير من الصور واللقطات التي تناقلتها بعض المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي قد تكون لحطام طائرة (إف16) التي تحطمت، أو لأجزاء من مقصورة القيادة، أو لجثة ربان طائرة». غير أنها دعت إلى التزام الحذر في التعامل مع هذه الصور، مشيرة إلى أن «التحقق من سيل الأخبار المنشورة، وتأكيد أن الأمر يتعلق بالطائرة وبالربان المفقودين يبقى صعبا، بالنظر إلى كون موقع التحطم يوجد في منطقة معادية».
وقال المتحدث باسم التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين اليمنيين أمس إن سقوط المقاتلة المغربية في اليمن يعود إلى خلل فني، أو خطأ بشري، نافيا أن يكون المتمردون اليمنيون أسقطوها، إذ قال العميد الركن أحمد عسيري «نحن متأكدون تماما أنه لم يتم إسقاطها»، مضيفا أن الطيار المفقود كان يتحرك مع طائرات أخرى، ولم يسجل قادة هذه الطائرات أي إطلاق نار من الأرض باتجاه طائرته.
كادر:
ولد الملازم الطيار ياسين بحتي في مدينة المحمدية، شمال الدار البيضاء، سنة 1989. وانتقلت أسرته إلى الدار البيضاء منتصف التسعينات، حيث أكمل دراسته الإعدادية والثانوية قبل أن يحصل على الباكالوريا سنة 2007. ويلتحق بالمدرسة الجوية العسكرية التابعة لسلاح الجو المغربي. وبعد تخرجه فيها التحق بالخدمة في قاعدة مكناس الجوية، ثم في قاعدة بنكرير شمال مراكش. وشارك ياسين في العمليات العسكرية للتحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا والعراق خلال مارس (آذار) الماضي، وعاد للمغرب منتصف أبريل (نيسان) ليقضي أياما مع أسرته قبل أن يتوجه مرة أخرى إلى السعودية ليشارك في عاصفة الحزم، بعد تحقيق أمله في أداء العمرة وزيارة المشاعر المقدسة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».