قمة «كامب ديفيد»: مشاورات أميركية ـ خليجية حول أمن المنطقة.. وضمانات ملموسة

الرئيس أوباما يستقبل قادة الدول الخليجية في البيت الأبيض اليوم

قمة «كامب ديفيد»: مشاورات أميركية ـ خليجية حول أمن المنطقة.. وضمانات ملموسة
TT

قمة «كامب ديفيد»: مشاورات أميركية ـ خليجية حول أمن المنطقة.. وضمانات ملموسة

قمة «كامب ديفيد»: مشاورات أميركية ـ خليجية حول أمن المنطقة.. وضمانات ملموسة

يستقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم الوفود الرسمية الخليجية المشاركة في قمة كامب ديفيد، حيث يعقد مأدبة عشاء في البيت الأبيض، وبعد ذلك يستقبل معسكر كامب ديفيد بولاية ميريلاند غدا المحادثات الرئيسية للقمة التي تتطرق إلى التهديدات الإرهابية المختلفة في المنطقة والأوضاع في العراق وسوريا واليمن وليبيا إضافة إلى إيران والجهود الأميركية لمواجهة تصرفات إيران لزعزعة الاستقرار في المنطقة، فضلا عن تفاصيل المفاوضات النووية الإيرانية.
ويرأس ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف وفد السعودية بعد أن أنابه بذلك خادم الحرمين الشريفين، وسيحضر القمة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. ويشارك أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يرافقه وفد كويتي رفيع المستوي، ويمثل دولة قطر الأمير تميم بن حمد آل ثاني.
ويمثل سلطنة عمان نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ فهد محمود آل سعيد، ويمثل دولة الإمارات العربية المتحدة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد. ويرأس ولي عهد مملكة البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وفد مملكة البحرين في القمة. إضافة إلى مشاركة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني في محادثات القمة.
ومن الجانب الأميركي، فبالإضافة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي من المقرر أن يعقد لقاءات قمة ثنائية مع قادة الدول الخليجية، يشارك كبار المسؤولين الأميركيين في القمة من بينهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الدفاع آشتون كارتر ووزير الخزانة جاك ليو ووزير الطاقة أرنست مونيز (الذي يشارك في المحادثات التفصيلية النووية في المفاوضات مع إيران) ومدير الاستخبارات الأميركية جون برينان وتيك راسموسن مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب.
العنوان الرئيسي العريض للقمة هو تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وتندرج تحته تعريفات كثيرة ومتنوعة لتعزيز التعاون من بينها توسيع الضمانات العسكرية الأميركية لدول الخليج لمواجهة المخاوف والتحديات الإقليمية، وتدخلات إيران السلبية في شؤون المنطقة.
ويندرج تحت عنوان تعزيز التعاون الأمني والعسكري أيضا مناقشة تطوير أنظمة الصواريخ الدفاعية البالستية، ونقل التكنولوجيات الدفاعية الحديثة إلى دول الخليج وتعزيز برامج التدريب المشتركة وتعزيز مجالات مكافحة الإرهاب ومواجهة الهجمات الإلكترونية. ويؤكد المسؤولون الأميركيون أن الغرض الأساسي من عقد قمة كامب ديفيد ودعوة الرئيس الأميركي لقادة دول مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في القمة هو طمأنة أصدقاء وحلفاء واشنطن التقليديين والأصدقاء القدامى أن إبرام صفقة مع إيران ستكون لها فائدة للجميع في المنطقة،
وقال بيان البيت الأبيض إن الرئيس أوباما استعرض مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان جدول أعمال القمة واتفق على ضرورة العمل بين واشنطن والرياض جنبا إلى جنب مع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي لبناء القدرة الجماعية لدول الخليج للتصدي بفاعلية أكبر للتهديدات التي تواجهها المنطقة والعمل لحل النزاعات الإقليمية.
وتطرق حديث الملك سلمان وأوباما إلى المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة في مجموعة الخمسة زائد واحد مع إيران بغرض التحقق من الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني وأهمية التوصل إلى اتفاق شامل يضمن منع إيران من امتلاك سلاح نووي.
واستبعد مسؤولون كبار في الإدارة الأميركي أن تتم مناقشة معاهدة دفاع مشترك على غرار حلف شمال الأطلسي خلال القمة وتفهم قادة دول الخليج للصعوبات التي تواجه إبرام تحالف من هذا النوع. وأشار المسؤولون إلى أن المحادثات في كامب ديفيد تثبت الرغبة في التوصل إلى اتفاق للدفاع عن دول مجلس التعاون الخليجي عند تعرضها لخطر خارجي.
وقال بن رودس نائب مستشار الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية إن الغرض من الاجتماع هو أن «نجلس مع شركائنا الرئيسيين في المنطقة ونراجع سياسات الولايات المتحدة وسياسات مجلس التعاون الخليجية المتعلقة بالوضع في المنطقة وتحديد الطرق التي يمكننا أن نعزز شركاتنا وتعاوننا الأمني للمضي قدما لأن من مصلحتنا مواجهة الأنشطة الإرهابية وتعزيز الاستقرار في أماكن مثل اليمن وسوريا وحل الصراعات الكثيرة في المنطقة»، مشيرًا إلى اهتمام دول الخليج حول تصرفات إيران لزعزعة الاستقرار في المنطقة ووضع المفاوضات فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي والجهود الأميركية للتصدي لتلك الأعمال التي تزعزع الاستقرار في بلدان مختلفة في جميع أنحاء المنطقة.
ونفي ردوس وجود خلافات بين الولايات المتحدة والسعودية بعد إعلان الملك سلمان عدم حضور القمة، مشيرا إلى اتفاق قوي فيما يتعلق بالقضايا ذات الاهتمام المشترك مع وجود بعض الخلافات بشأن سياسيات وتطورات معينة في الشرق الأوسط. وأشار إلى أنه من المتوقع أن يصدر عن القمة بيان يعكس المواقف المشتركة للولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي حول مجموعة من القضايا وقال: «أعتقد أننا سوف نكون قادرين على التواصل بوضوح حول نهجنا في كل القضايا الإقليمية وسنكون قادرين على تحديد أنواع الضمانات التي تقدمها الولايات المتحدة لدول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك التزامات دول مجلس التعاون الخليجي في القضايا المختلفة».
وفيما يتعلق بإيران والمفاوضات حول برنامجها النووي من جانب وتدخلاتها السافرة لزعزعة الاستقرار في المنطقة، قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي للاتصالات: «علينا أن نتخيل ما تفعله إيران اليوم وما يمكن أن تفعله من أنشطة إذا امتلكت سلاحًا نوويًا فإن الوضع سيكون أكثر خطرا وهذا هو السبب أننا نعتقد أن الاتفاق النووي في مصلحة ليس فقط الولايات المتحدة ومجموعة الخمسة زائد واحد من الشركاء الدوليين، لكن أيضا من مصلحة المنطقة بشكل عام، فإاذا استطعنا حل القضية النووية بشكل يمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، فإننا نعتقد أن ذلك سيؤدي إلى منطقة أكثر استقرارا وقد تناولنا هذه المسألة في اجتماعات باريس وسنناقشها في كامب ديفيد»
وأشار روب مالي منسق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول الخليج بمجلس الأمن القومي إلى سجل الولايات المتحدة في مساندة دول مجلس التعاون الخليج في تحرير الكويت وفي مواجهة تنظيم داعش وفي اليمن، موضحًا أن اجتماعات وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظرائه الخليجيين ركزت على الضمانات الأميركية للتعاون الأمني والعسكري وقال مالي: «يركز كثير من الناس على مبيعات الأسلحة التقليدية لكننا نعمل على نوع من التعاون مع دول مجلس التعاون تعزز معها قدراتها الخاصة لمواجهة التهديدات التي لا تعد الأسلحة التقليدية أفضل الطرق لمواجهتها».
وشدد مالي على أن الإدارة الأميركية تبحث في المشكلة الإيرانية ككل من جميع الجوانب التي يشكل الاتفاق النووي جانبا واحدا منها، مشيرا إلى بحث واشنطن لما يمكن القيام به لمواجهة نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار والوصول إلى نقطة لحل بعض من الصراعات الإقليمية.
وقال منسق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول الخليج في مجلس الأمن القومي في اللقاء مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي: «أعتقد أنهم يرغبون في التأكد على أن الولايات المتحدة تساندهم، وستتيح قمة كامب ديفيد وما سمعوه منا حتى الآن، إقناعهم أن قلقهم ليس له أساس، وإننا موجودون لمساندتهم وهذا ما ننوي القيام به في كامب ديفيد».
وأضاف مالي: «توجد مجموعة من المخاوف لدى دول الخليج حول الاتفاق مع إيران ومدى ما سيتيحه الاتفاق مع نفوذ وقدرات لإيران ولديهم قلق أننا سندير ظهورنا لحلفائنا التقليديين، وأعتقد أن قادة الدول الخليجية بحاجة إلى فهم أفضل لنهجنا تجاه إيران وتأكيد الدعم الأميركي لحصول دول مجلس التعاون الخليجي على وضع يسمح لهم بالتعامل بقدر أكبر من الثقة والقوة مع إيران».
وقد التقى وزراء خارجية الدول الخليجية الست مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأسبوع الماضي لبحث التحضيرات والموضوعات التي ستناقشها القمة وعلى رأسها المفاوضات الجارية بين القوى العالمية وإيران حول برنامجها النووي المثير للجدل، حيث من المفترض أن تصل القوى العالمية إلى اتفاق قبل الموعد النهائي لانتهاء المفاوضات بحلول يوليو القادم.
وقد اعترف المفاوضون الأميركيين أنه رغم التوصل إلى اتفاق إطاري في الثاني من أبريل الماضي في لوزان السويسرية بما يمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق نهائي إلا أن المفاوضات تواجه الكثير من العقبات، كما توجد اختلافات حول الجدول الزمني لرفع العقوبات المفروضة على إيران وصعوبات في صياغة بنود الاتفاق وتفاصيله».
ولا تشكل تفاصيل المفاوضات بين القوى العالمية وإيران مصدر القلق الوحيد، حيث يتزايد القلق من التهديدات والتدخلات الإيرانية في شؤون الدول بالمنطقة وبصفة خاصة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان ويتزايد مع إبرام اتفاق تحصل بمقتضاه إيران على رفع أو تخفيف ولو كان جزئيا للعقوبات.
وتخشى واشنطن من اندلاع سباق تسلح في المنطقة وتصاعد التوتر في هذا الوقت الحساس مع الاستفزازات الإيرانية في اليمن مما يؤجج التوتر ويثير القلق والمخاوف من مواجهة بين طهران والرياض، مما دفع واشنطن إلى تحذير إيران من الانخراط في أي أعمال عنف.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.