أعنف هجوم جوي على صعدة.. والجوف تدخل خط المواجهة مع الحوثيين

الرئيس المخلوع يوجه بالاندساس في أوساط المؤيدين للشرعية.. الميليشيات تضيق الخناق على الصحافيين

مسلحون من قبائل يمنية يخرجون أمس في احتجاجات مساندة للرئيس هادي ضد الحوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)
مسلحون من قبائل يمنية يخرجون أمس في احتجاجات مساندة للرئيس هادي ضد الحوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)
TT

أعنف هجوم جوي على صعدة.. والجوف تدخل خط المواجهة مع الحوثيين

مسلحون من قبائل يمنية يخرجون أمس في احتجاجات مساندة للرئيس هادي ضد الحوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)
مسلحون من قبائل يمنية يخرجون أمس في احتجاجات مساندة للرئيس هادي ضد الحوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)

شنت طائرات التحالف العربي، أمس، أعنف هجوم جوي على محافظة صعدة معقل الحوثيين، حيث استهدفت الغارات الجوية عددا من المعسكرات والمقار الخاصة بقيادات في حركة «أنصار الله الحوثية»، إضافة إلى معامل بدائية لتصنيع الألغام، بحسب مصادر محلية.
يأتي هذا في وقت كانت قوات التحالف قد دعت فيه المواطنين في صعدة عبر منشورات ألقيت عليهم من الجو، إلى مغادرة المدينة، وقد أكدت مصادر قبلية في شمال اليمن لـ«الشرق الأوسط» نزوح عشرات الأسر من صعدة باتجاه محافظة عمران، اليومين الماضيين، وقالت المصادر إن نحو 1800 أسرة من محافظة صعدة نزحت إلى عمران الأيام الماضية، وكانت مدينة عمران، عاصمة المحافظة الواقعة إلى شمال صنعاء، تعرضت، أيضا، أمس، لقصف من قبل قوات التحالف، حيث جرى استهداف البوابة الغربية للمجمع الحكومي ومعسكر للحوثيين في منطقة «سودة عدان»، إضافة إلى عدد من المواقع.
في السياق ذاته، دخلت محافظة الجوف، في الشمال الشرقي لليمن، في خط المواجهات المسلحة، حيث تفيد مصادر قبلية بأن مواجهات عسكرية اندلعت بين القبائل المؤيدة للشرعية، من جهة، والميليشيات الحوثية، وقالت مصادر قبلية في الجوف لـ«الشرق الأوسط» إن رجال القبائل طردوا المسلحين الحوثيين من عدد من المناطق التي تمركزوا فيها، رغم اتفاق بين القبائل والحوثيين أبرم عام 2014 بعدم تمركز تلك الميليشيات التي عادت وأقامت مراكز تجمع فيها، وبالأخص منطقة اليتمة التابعة لمديرية «خب والشعف» ومنطقة «بوين والحشيفاء»، وغيرهما من المناطق، وأشارت مصادر قبلية إلى أن طيران التحالف استهدف، اليومين الماضيين، مواقع تمركز تلك الميليشيات، وتشير المعلومات الواردة من الجوف إلى أن المقاومة الشعبية - القبلية بدأت في الزحف نحو محافظة صعدة، في الوقت الذي كانت فيه قبائل دهم في محافظة الجوف، عقدت، الأسبوع الماضي، اجتماعا قبليا حاشدا في مطارحها القبلية، وأعلنت رفضها لانقلاب الحوثيين وتأييدها للشرعية، وأكدت على البقاء في المطارح ومتابعة كل المستجدات في ما يتعلق بتحركات الميليشيات الحوثية، وأشارت قبائل دهم، التي تعد من أكبر القبائل اليمنية، إلى الترابط الوثيق بين أمن اليمن وأمن المملكة العربية السعودية.
إلى ذلك، أكدت مصادر في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، لـ«الشرق الأوسط» أن تعميما صدر عن قيادة الحزب العليا، في ضوء تعليمات من المخلوع إلى القيادات المتوسطة والدنيا وقواعد الحزب في المحافظات، تدعوهم إلى تأييد الشرعية والرئيس عبد ربه منصور هادي، ومما جاء في تلك التعليمات أنه «أولا للتشكيك في المنشقين الحقيقيين عن الحزب، محاولة عرقلة أي جهود تقوم بها الشرعية، وإذا لم تنجح الخطة تكون هناك عملية خلط أوراق». وشهد حزب المؤتمر الشعبي العام، في الآونة الأخيرة، انشقاقات في صفوفه، حيث أعلن عدد من القيادات تأييدهم لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وتوجهوا إلى القيادة اليمنية الشرعية الموجودة في الرياض، غير أن الكثير من الأوساط في الساحة اليمنية ترى أن صالح دفع ببعض قيادات حزبه للانشقاق ليكونوا عيونا له في الخارج، وأيضا لضمان مشاركة الحزب في أي تسوية سياسية مقبلة، وأعرب مصدر في حزب المؤتمر بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده أن «خطوة الدفع ببعض القيادات لتأييد الشرعية لأهداف سياسية، سوف تكون لها آثارها الجانبية السلبية على الحزب ولن تخدمه، كما يعتقد البعض»، واعتبر المصدر أن «هذه العملية قد تخدم صالح مرحليا، ولكنها فاشلة في الوقت القريب، بعد أن انتهى صالح سياسيا، محليا وخارجيا»، بحسب تعبير المصدر.
على صعيد آخر، دانت نقابة الصحافيين اليمنيين الحملة التي تستهدف الصحافيين وقادة الرأي في الساحة اليمنية من قبل جماعات مؤيدة للحوثيين، وقالت النقابة إن عددا من الصحافيين، وبالأخص مراسلو وسائل الإعلام الخارجية، يتعرضون لتهديدات من قبل تلك الجماعات التي توجه إليهم تهم الخيانة، وأشارت النقابة، في بيان صادر عنها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إلى أن عددا من أساتذة الجامعات تلقوا تحذيرات من قبل جماعات مجهولة تحذرهم من الإدلاء بآرائهم أو بأي تعليقات لوسائل الإعلام بخصوص التطورات الراهنة في اليمن، وقال البيان إن «نقابة الصحافيين تعلن بشكل واضح رفضها وإدانتها لهذا النهج الخطير الذي يهدف إلى إشاعة أجواء الخوف والانتقام»، وإن «قوى متطرفة وعمياء تقوم بتحريض خطير ضد الصحافيين في لحظة انقسام وطني غير مسبوقة، وتتحمل القوى المهيمنة في الداخل مسؤولية اعتماد هذا النهج الذي يسعى لفرض هيمنة كاملة على جميع وسائل الإعلام». وأضافت النقابة: «لقد بلغت الاعتداءات والانتهاكات ضد الصحافة في اليمن ذروة جديدة تهدف إلى تحقيق قطيعة مع كل ما تحقق من إنجازات للصحافة وحريات التعبير خلال العشرين السنة الماضية».
في هذه الأثناء، أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من مقر إقامته في العاصمة السعودية الرياض، قرارات جمهورية «قضت بإقالة العميد عبد الكريم الدمشقي مساعد المفتش العام، والعميد ناصر محسن الشوذبي رئيس عمليات قوات الأمن الخاصة، والعميد عبد الرزاق المؤيد مدير شرطة العاصمة صنعاء، عن أي مهام أمنية، وذلك لإخلالهم بأداء واجبهم الأمني والوطني»، كما «قضت المادة الثانية من هذه القرارات بإحالتهم للقضاء العسكري للمحاكمة». وكان عدد من القيادات الأمنية والعسكرية الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، أعلنوا ولاءهم وتأييدهم للحوثيين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.