السودان: الحزب الحاكم يتمسك بالحوار.. ويدعو المعارضة للانضمام إليه

لقاء مرتقب بين قادة آلية «7+7» والرئيس البشير خلال أيام

السودان: الحزب الحاكم يتمسك بالحوار.. ويدعو المعارضة للانضمام إليه
TT

السودان: الحزب الحاكم يتمسك بالحوار.. ويدعو المعارضة للانضمام إليه

السودان: الحزب الحاكم يتمسك بالحوار.. ويدعو المعارضة للانضمام إليه

عادت القوى السياسية السودانية، المنضوية تحت لواء الحوار الوطني الذي يتبناه الرئيس عمر البشير، إلى الاجتماع بعد ركود أصاب أعمالها بسبب المواقف المتضاربة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت الشهر الماضي، واكتسحها الرئيس البشير وحزبه «المؤتمر الوطني».
وعقدت مجموعة الحوار المعروفة بآلية «7+7»، التي تتكون من أحزاب صغيرة مقربة من الحكومة، أبرزها حزب «المؤتمر الشعبي» بزعامة الإسلامي حسن الترابي من جهة، وحزب المؤتمر الوطني الحاكم من الجهة الأخرى (7 ممثلين للمعارضة و7 ممثلين للحزب الحاكم وحلفائه) عقدت اجتماعًا للمرة الأولى بعيد انتهاء الانتخابات.
وقال مصطفى عثمان إسماعيل، الأمين السياسي للحزب الحاكم، في تصريحات أعقبت اجتماع المجموعة، أمس، إنهم بحثوا موقف الحوار الوطني ومآلاته ومساراته واتجاهاته، والمسار السياسي والرؤية المستقبلية له، مضيفا أن المجتمعين أكدوا أهمية الحوار واستكماله، وتجديد الدعوة للقوى السياسية والحركات المسلحة التي ترفض الحوار للانضمام إلى مسيرته، كما دعوا إلى تأمين خارطة طريق الحوار، والالتزام بما تم الاتفاق عليه، ورفع الخلاصات للرئيس عمر البشير لتحديد موعد انطلاق الحوار الوطني.
وكان الرئيس البشير قد دعا في يناير (كانون الثاني) 2013 إلى ما سمي وقتها بـ«حوار الوثبة»، ويتضمن «وقف الحرب وتحقيق السلام، والمجتمع السياسي الحر، ومحاربة الفقر، وإنعاش الهوية الوطنية»، ويشارك فيه كل المعارضين، بما فيهم الحركات المسلحة، وقد استجابت للدعوة عدة أحزاب موالية للحكم، بالإضافة إلى حزبي الأمة القومي برئاسة الصادق المهدي، والمؤتمر الشعبي برئاسة حسن الترابي، وحركة الإصلاح الآن برئاسة الإسلامي المنشق غازي العتباني. بينما رفضته قوى المعارضة المنضوية تحت لواء «تحالف قوى الإجماع الوطني»، ويتكون من قرابة 20 حزبًا وتنظيمًا معارضًا، أبرزها الشيوعي السوداني، والبعث العربي والمؤتمر السوداني، حيث اشترطت تكوين حكومة انتقالية ووقف الحرب، وتنظيم مؤتمر دستوري لإعداد دستور دائم، وعقد انتخابات حرة نزيهة للدخول في الحوار، أو ما أطلقت عليه «تهيئة أجواء الحوار»، كما رفضته الحركات المسلحة التي تتفق مع قوى الإجماع الوطني المدنية على تلك الرؤية.
وعقب اجتماع أمس، قال كمال عمر، المتحدث باسم حزب المؤتمر الشعبي، إن الاجتماع أكد ما تم الالتزام به في خارطة الطريق، معتبرًا خلاصات هذا الاجتماع بأنها «أهم إنجاز للمعارضة في تاريخها، حيث تناولت فيه القضايا والبنود والإجراءات المطلوبة للحوار الشامل الذي يفضي إلى تحول ديمقراطي.. والكل كان يعتقد أن المجموعة ستقود الحوار بمن حضر، لكن الاجتماع كشف رغبة حقيقية للاتصال بالقوى الممانعة».
وتعثرت مسيرة الحوار الذي دعا إليه الرئيس البشير بخروج زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، إثر توقيفه من قبل الأمن السوداني بسبب انتقاده لقوات «الدعم السريع» التابعة لجهاز الأمن الوطني، واعتقال رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ للأسباب ذاتها.
من جهتها، جددت أحزاب المعارضة، الرافضة للمشاركة في الحوار الوطني مع الحركات المسلحة وحزب الأمة القومي، مطالبها بتأجيل الانتخابات وتكوين حكومة انتقالية، ووقف الحرب وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، إلا أن حكومة الخرطوم تجاهلت مطالبها، وأجرت انتخابات الشهر الماضي، بل اعتقلت رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني فاروق أبو عيسى، ورئيس اتحاد كونفدراليات المجتمع المدني، أمين مكي مدني، والناشط السياسي فرح العقار، لتوقيعهما إعلان نداء السودان، الذي اعتبرته «خيانة وطنية»، لكنها أطلقت سراحهم بقرار من وزير العدل.
واتسعت الهوة بين الفرقاء السودانيين، بعد أن قاطعت قوى المعارضة الموقعة على نداء السودان، الانتخابات، وأشهرت حملة «ارحل» التي يرجع إليها الضعف اللافت في الإقبال على صناديق الاقتراع، مقاطعتها. وكان قد تقرر في برلين الألمانية، نهاية فبراير (شباط) الماضي، عقد لقاء تحضيري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، نهاية مارس (آذار) الماضي، بشأن الحوار الوطني، بيد أن الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) رفض حضوره والمشاركة فيه، على الرغم من موافقته المبدئية عليه، وهو ما اعتبرته قوى المعارضة المدنية والمسلحة نهاية للحوار الوطني، الذي لقي حتفه بإجراء الانتخابات، حسب قولها، وتبنت بديلاً عنه تمثل في حملة «ارحل» لمقاطعة الانتخابات، والعمل على إسقاطه بانتفاضة شعبية.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اختلفت الأحزاب المشاركة في الحوار، وإثر ذلك أُجري تعديل في آلية «7+7»، أُخرج بموجبه حزبان، وأُدخل مكانهما حزبان آخران، هما حزب منبر «السلام العادل» الذي يتزعمه خال الرئيس البشير، الطيب مصطفى، وحزب التضامن الإسلامي.
وفي تطور آخر، قاطعت أحزاب: الإصلاح الآن، ومنبر السلام العادل، وتحالف قوى الشعب العاملة، الحوار، وواصلت فيه أحزاب، المؤتمر الشعبي، والعدالة، والحقيقة الفيدرالي، والأمة المتحد، وأحزاب من شرق البلاد، وبمجموعها تعد أحزابا صغيرة وغير مؤثرة، مما جعل معارضون ينظرون إلى الحوار الدائر باعتباره حوارًا بين شقي الإسلاميين بقيادة عمر البشير والترابي، ومحاصصة بين النظام وحلفائه ومشاركيه الحكم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».