شعبية أبو تريكة تصطدم بقرار لجنة مصادرة أموال «الإخوان» في مصر

وقف التبرعات بالمساجد يدخل حيز التنفيذ لـ«تجفيف منابع الإرهاب»

لاعب كرة القدم السابق الأكثر شهرة في مصر محمد أبو تريكة ({الشرق الأوسط})
لاعب كرة القدم السابق الأكثر شهرة في مصر محمد أبو تريكة ({الشرق الأوسط})
TT
20

شعبية أبو تريكة تصطدم بقرار لجنة مصادرة أموال «الإخوان» في مصر

لاعب كرة القدم السابق الأكثر شهرة في مصر محمد أبو تريكة ({الشرق الأوسط})
لاعب كرة القدم السابق الأكثر شهرة في مصر محمد أبو تريكة ({الشرق الأوسط})

اصطدمت شعبية لاعب كرة القدم السابق الأكثر شهرة في مصر، محمد أبو تريكة، بقرار صادر من لجنة حصر ومصادرة أموال جماعة الإخوان المسلمين، بالتحفظ على شركة سياحية يمتلك اللاعب أسهما فيها، تقول اللجنة إنها تمول عمليات للجماعة، المصنفة تنظيما إرهابيا محظورا. وأثار القرار جدلا بين عشاق وأصدقاء اللاعب الذين عبروا عن تضامنهم معه، واستبعدوا أن يكون من داعمي أو ممولي الإرهاب، فيما حاول آخرون إثبات علاقته بالإخوان.
بينما كشف مصدر قضائي عن أن اللجنة المشكلة من وزارة العدل لحصر أموال الإخوان، قررت التحفظ على 8 شركات سياحية، وذلك بعد ثبوت تعاملها في عمليات محظورة للجماعة. وقال المصدر القضائي إن «من بين الشركات التي صدر بحقها قرار التحفظ، شركة سياحة يمتلك لاعب الكرة أبو تريكة نجم المنتخب الوطني والنادي الأهلي، أسهما بها».
وكان أبو تريكة، الذي ظل لسنوات عدة أحد أهم نجوم كرة القدم الأفريقية قبل اعتزاله عام 2013، قد أعلن دعمه للرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، أثناء حملته الانتخابية عام 2012، قبل عزله عن السلطة في يوليو (تموز) عام 2013.
وأثار جدلا واسعا في الأوساط الرياضية والسياسية عندما أعلن في أحد البرامج التلفزيونية، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011 عن رغبته في وصول تيار الإسلام السياسي للحكم بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكنه أيضا سبق أن نفى انتماءه رسميا لجماعة الإخوان.
حاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بأبو تريكة أمس، لكن لم يتسن له الرد. فيما رفض نجم الأهلي السابق الحديث عن إمكانية مغادرته للبلاد. وقال عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل «فيسبوك» أمس: «نحن من نأتي بالأموال لتبقى في أيدينا وليست في قلوبنا، يتحفظ على الأموال أو يتحفظ على من تتحفظ عليه، لن أترك البلد وسأعمل فيها وعلى رقيها».
وتردد أمس أن «السلطات المصرية تحفظت على أموال أبو تريكة»، لكن المستشار عزت خميس، مساعد أول وزير العدل المصري رئيس لجنة حصر أموال الإخوان، قال أمس إن «اللاعب أبو تريكة له الحق في التصرف بأمواله»، مؤكدا أن اللجنة لم تتحفظ عليها.
من جهته، قال المستشار محمد ياسر أبو الفتوح، أمين عام لجنة حصر أموال الإخوان، إن «شركة السياحة المملوكة لأبو تريكة أسسها قيادات إخوانية إلى جانب اللاعب»، لافتا إلى أن مدير الشركة هو أحد العناصر الإخوانية الإجرامية ومحبوس حاليا بتهمة القيام بأعمال عدائية ضد الدولة، مما يتبين منه تسرب أموال الشركة لتمويل بعض العمليات الإرهابية.
وتابع بقوله في بيان صادر عن اللجنة أمس، إن التحفظ على الشركة جاء تنفيذا للحكم القضائي الصادر في هذا الشأن. وشكلت السلطات المصرية لجنة رسمية لإدارة أصول وأملاك جماعة الإخوان بقرار من وزير العدل، على ضوء الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة في 23 سبتمبر (أيلول) عام 2013، الذي تضمن حظر أنشطة تنظيم جماعة الإخوان وأي مؤسسة متفرعة منها أو تابعة لها أو منشأة بأموالها أو تتلقى منها دعما أو أي نوع من أنواع الدعم.
وأثار قرار التحفظ على أسهم شركة اللاعب المصري انقساما على مواقع التواصل الاجتماعي. وبينما رأى مؤيدو القرار أن القانون لا يعرف أبو تريكة، أعلن فريق آخر تضامنه مع اللاعب الذي يطلق عليه «الماجيكو»، معتبرين أن اللاعب وإن كانت له ميول إخوانية، إلا أن الجميع يستبعد أن يكون من داعمي أو ممولي الإرهاب في مصر.
ودشن رواد «تويتر» هاشتاغًا حمل عنوان «تريكة خط أحمر»، حيث حصل على المركز الأول من حيث التداول والاستخدام على موقع التدوين القصير. وكذلك تضامن عدد من نجوم كرة القدم مع أبو تريكة. وقال سيد معوض، لاعب النادي الأهلى السابق، عبر صفحته على «فيسبوك»: «أحبك في الله».
فيما قال أحمد حسام (ميدو)، لاعب نادي الزمالك السابق: «ربنا معاك يا تريكة». وأعلن أحمد حسن، لاعب الأهلي والزمالك السابق، تضامنه مع «أبو تريكة»، وقال عبر «فيسبوك»: «بعيدًا عن أي انتماءات سياسية.. سأظل أشهد شهادة أحاسب عليها أمام الله.. أن هذا الشخص قمة في الأخلاق والاحترام والأدب، وسأظل أشهد بذلك حتى ما بقي من العمر».
وكتب عماد متعب، لاعب الأهلي وزميل «أبو تريكة»: «لست بمفردك.. كلنا معاك وكفاية حب الناس».
سياسيا، رفض عدد من الأحزاب اتهام أبو تريكة بتمويل الإخوان، وقال حزب النور، أحد الأحزاب الدينية في بيان له: «ستظل رمزا للمعاني الجميلة».
يأتي هذا في وقت دخل فيه قرار ضبط أموال منع التبرعات في المساجد حيز التنفيذ أمس، وخاضت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، معركة جديدة لمنع استغلال الجماعات الإرهابية للأموال التي تحصل من المصلين تحت شعارات دينية، لتجفيف منابع الإرهاب.
وأعلنت الأوقاف حالة الطوارئ في جميع المساجد والزوايا أمس، لتفعيل قرار وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، بمنع أي جهة غير الأوقاف من جمع أموال التبرعات، أو وضع صناديق داخل المساجد أو في محيطها، وإزالة الصناديق الموجودة بالمساجد، وضبط المخالفين. وشكلت الوزارة غرفة عمليات لمتابعة المساجد لضبط أموال التبرعات، وقالت مصادر مسؤولة في الأوقاف أمس، إنه «تم التحفظ على العشرات من صناديق جمع أموال غير مصرح بها»، مؤكدة أنه جرى «التأكيد على جميع المحافظات تحرير محاضر لمن يخالف ذلك وإحالته للنيابة العامة»، لافتة إلى أن «العقوبة قد تصل إلى الحبس والغرامة».
ويرى مراقبون أن تلك الأموال تحتاج لتقنين ورقابة، بعدما ترددت أقوال عن أن بعض الجمعيات تدعم جماعة الإخوان. لكن في الوقت نفسه أكدوا أن إلغاء هذه الصناديق يحرم المحتاجين من المساعدات.
ويعتمد الكثير من المصريين على تبرعات المساجد التي تقدم للمحتاجين والأيتام، لكن منذ عزل مرسي، توجه بعض المساجد أموال التبرعات لدعم مسيرات الإخوان والإنفاق على شراء الأسلحة والمتفجرات.
وتحاول الدولة المصرية منع استخدام دور العبادة في أي صراع سياسي. وقالت المصادر نفسها بالأوقاف لـ«الشرق الأوسط» إنه «جرى من قبل وضع توحيد الخطب يوم الجمعة، ومنع غير الأزهريين من الخطابة في المساجد».



لماذا يثير الإعلام الإسرائيلي مخاوف بشأن تسليح الجيش المصري في سيناء؟

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT
20

لماذا يثير الإعلام الإسرائيلي مخاوف بشأن تسليح الجيش المصري في سيناء؟

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

في استمرار لمخاوف إسرائيلية بشأن تسليح الجيش المصري في سيناء، قالت وسائل إعلام عبرية أخيراً إن «القاهرة نشرت دبابات من طرازي (باتون) و(أبراهامز) وسط سيناء»، متحدثة عما وصفته بـ«حشد عسكري مصري غير مسبوق بالقرب من الحدود». وهو ما عَدّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه محاولة لتشتيت الانتباه عما يحدث في غزة، ونوع من الضغط على القاهرة في ظل رفضها القاطع للتهجير.

مصريون يرفعون لافتات لرفض تهجير الفلسطينيين خلال صلاة عيد الفطر (الهيئة العامة للاستعلامات)
مصريون يرفعون لافتات لرفض تهجير الفلسطينيين خلال صلاة عيد الفطر (الهيئة العامة للاستعلامات)

وحسب ما تداولته وسائل الإعلام العبرية، فإن «تل أبيب وجّهت تحذيراً رسمياً للقاهرة بسبب هذا الحشد العسكري» الذي عدته «انتهاكاً لاتفاق السلام بين البلدين لعام 1979».

وزعم موقع «nziv» أن «القوات المصرية نشرت دبابات قتال رئيسية قديمة من طراز M60 باتون، التي تم تصنيعها في الولايات المتحدة، في محيط معبر رفح، رداً على مخاوف القاهرة من محاولات إسرائيل إجبار أعداد كبيرة من الفلسطينيين على الانتقال من غزة إلى مصر».

وجاء هذا التقرير استمراراً لما بدا أنه حملة إعلامية إسرائيلية تثير مخاوف بشأن الوجود العسكري المصري في سيناء في ظل توتر سياسي في العلاقات بين البلدين على خلفية الحرب في غزة.

وكانت صحيفة «إسرائيل هيوم» نقلت عمن وصفته بأنه مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى، أن البنية التحتية العسكرية المصرية في سيناء تمثل «انتهاكاً كبيراً» للملحق الأمني في اتفاقية السلام، مشدداً على أن المسألة تحظى بأولوية قصوى على طاولة وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، مؤكداً أن بلاده «لن تقبل بهذا الوضع».

وقد عَدّ الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، عبر حسابه على منصة «إكس» مطلع الشهر الجاري، التقارير الإسرائيلية عن خرق مصر لمعاهدة السلام بأنها «ادعاءات كاذبة ومحاولة للتغطية على الفشل الداخلي لحكومة نتنياهو».

ومنذ مايو (أيار) الماضي أثارت تحركات عسكرية مصرية وإسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة، جدلاً بشأن مصير اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين عام 1979، حيث تزامن ذلك مع إعلان الجيش الإسرائيلي سيطرته على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، وتبعته أنباء عن تعزيزات عسكرية مصرية على الحدود.

وعَدّ الخبير العسكري المصري العميد سمير راغب، التقارير الإعلامية الإسرائيلية الأخيرة بأنها «محاولة لشغل مصر بالرد وجعلها طرفاً في النزاع الذي تلعب فيه دور الوسيط». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه التقارير الإعلامية هي في الأساس رسالة للداخل لإقناعه بحالة الاستنفار العسكري رداً على مزاعم بتهديد من الجانب المصري».

وأكد أن «مصر لا تعير تلك التقارير اهتماماً لأنها تدرك هدفها، ورغم توتر العلاقات مع تل أبيب فإن معاهدة السلام صامدة ومستقرة».

واتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير رخا أحمد حسن، في أن هذه التقارير ما هي إلا «محاولة لتحويل الأنظار عن الحرائق التي ترتكب في قطاع غزة»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «تل أبيب هي من خرقت عملية السلام بالوجود في محور فيلادليفا».

ويعدّ «محور فيلادلفيا» منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية، يمتد على مسافة 14 كيلومتراً. ومنذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023 أصبح «محور فيلادلفيا» موضوعاً للشد والجذب بين مصر وإسرائيل، إثر تصريحات إسرائيلية ألمحت إلى رغبتها في «السيطرة عليه».

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، العام الماضي، من أن إعادة احتلال «محور فيلادلفيا» (صلاح الدين) ستؤدي إلى «تهديد خطير وجدِّي للعلاقات المصرية - الإسرائيلية»، معتبراً ذلك «خطاً أحمر يضاف إلى الخط المعلن سابقاً بخصوص تهجير الفلسطينيين من غزة». لكن إسرائيل تجاوزت هذا الخط وسيطرت على «محور فيلادلفيا»، ولم تنفذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار مع «حماس»، التي كانت تقضي ببدء الانسحاب منه في اليوم الأخير من المرحلة الأولى للاتفاق؛ أي اليوم الأول من مارس (آذار) الماضي.

بدوره، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، إن «الاتهامات الإعلامية الإسرائيلية تأتي في إطار ضغوط من جانب تل أبيب لرفض القاهرة استقبال فلسطينيين في سيناء»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الإلحاح الإعلامي هدفه تشتيت الرأي العام الداخلي»، مشدداً على أن «القاهرة تؤمن حدودها وليس لديها أي نيات هجومية تجاه تل أبيب».

وأضاف عكاشة أن «مصر في إطار خبرتها الطويلة لا تدخل في الرد على مثل هذه المهاترات الإعلامية التي تستهدف تشتيت الانتباه».

وترفض مصر بشكل قاطع تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم، وتعده «تصفية للقضية الفلسطينية».

ونظمت معاهدة السلام، التي وقعها الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحم بيغن في مارس 1979 برعاية الرئيس الأميركي جيمي كارتر، في فقرتها الثانية ضمن ما يسمى بـ«الحدود النهائية» الأنشطة العسكرية في سيناء ورفح، حيث تم تقسيمها إلى 4 مناطق (أ، ب، ج، د).

وعام 2021، أعلنت مصر وإسرائيل تعديلاً في معاهدة السلام يعزز وجود الجيش المصري في رفح، وهو التعديل الأول في مسار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. وبحسب المعاهدة يوجد بالمنطقة «د» قوة محدودة إسرائيلية مكونة من 4 كتائب المشاة، وأجهزتهم العسكرية والتحصينات وقوات المراقبة الخاصة بالأمم المتحدة.