شعبية أبو تريكة تصطدم بقرار لجنة مصادرة أموال «الإخوان» في مصر

وقف التبرعات بالمساجد يدخل حيز التنفيذ لـ«تجفيف منابع الإرهاب»

لاعب كرة القدم السابق الأكثر شهرة في مصر محمد أبو تريكة ({الشرق الأوسط})
لاعب كرة القدم السابق الأكثر شهرة في مصر محمد أبو تريكة ({الشرق الأوسط})
TT

شعبية أبو تريكة تصطدم بقرار لجنة مصادرة أموال «الإخوان» في مصر

لاعب كرة القدم السابق الأكثر شهرة في مصر محمد أبو تريكة ({الشرق الأوسط})
لاعب كرة القدم السابق الأكثر شهرة في مصر محمد أبو تريكة ({الشرق الأوسط})

اصطدمت شعبية لاعب كرة القدم السابق الأكثر شهرة في مصر، محمد أبو تريكة، بقرار صادر من لجنة حصر ومصادرة أموال جماعة الإخوان المسلمين، بالتحفظ على شركة سياحية يمتلك اللاعب أسهما فيها، تقول اللجنة إنها تمول عمليات للجماعة، المصنفة تنظيما إرهابيا محظورا. وأثار القرار جدلا بين عشاق وأصدقاء اللاعب الذين عبروا عن تضامنهم معه، واستبعدوا أن يكون من داعمي أو ممولي الإرهاب، فيما حاول آخرون إثبات علاقته بالإخوان.
بينما كشف مصدر قضائي عن أن اللجنة المشكلة من وزارة العدل لحصر أموال الإخوان، قررت التحفظ على 8 شركات سياحية، وذلك بعد ثبوت تعاملها في عمليات محظورة للجماعة. وقال المصدر القضائي إن «من بين الشركات التي صدر بحقها قرار التحفظ، شركة سياحة يمتلك لاعب الكرة أبو تريكة نجم المنتخب الوطني والنادي الأهلي، أسهما بها».
وكان أبو تريكة، الذي ظل لسنوات عدة أحد أهم نجوم كرة القدم الأفريقية قبل اعتزاله عام 2013، قد أعلن دعمه للرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، أثناء حملته الانتخابية عام 2012، قبل عزله عن السلطة في يوليو (تموز) عام 2013.
وأثار جدلا واسعا في الأوساط الرياضية والسياسية عندما أعلن في أحد البرامج التلفزيونية، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011 عن رغبته في وصول تيار الإسلام السياسي للحكم بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكنه أيضا سبق أن نفى انتماءه رسميا لجماعة الإخوان.
حاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بأبو تريكة أمس، لكن لم يتسن له الرد. فيما رفض نجم الأهلي السابق الحديث عن إمكانية مغادرته للبلاد. وقال عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل «فيسبوك» أمس: «نحن من نأتي بالأموال لتبقى في أيدينا وليست في قلوبنا، يتحفظ على الأموال أو يتحفظ على من تتحفظ عليه، لن أترك البلد وسأعمل فيها وعلى رقيها».
وتردد أمس أن «السلطات المصرية تحفظت على أموال أبو تريكة»، لكن المستشار عزت خميس، مساعد أول وزير العدل المصري رئيس لجنة حصر أموال الإخوان، قال أمس إن «اللاعب أبو تريكة له الحق في التصرف بأمواله»، مؤكدا أن اللجنة لم تتحفظ عليها.
من جهته، قال المستشار محمد ياسر أبو الفتوح، أمين عام لجنة حصر أموال الإخوان، إن «شركة السياحة المملوكة لأبو تريكة أسسها قيادات إخوانية إلى جانب اللاعب»، لافتا إلى أن مدير الشركة هو أحد العناصر الإخوانية الإجرامية ومحبوس حاليا بتهمة القيام بأعمال عدائية ضد الدولة، مما يتبين منه تسرب أموال الشركة لتمويل بعض العمليات الإرهابية.
وتابع بقوله في بيان صادر عن اللجنة أمس، إن التحفظ على الشركة جاء تنفيذا للحكم القضائي الصادر في هذا الشأن. وشكلت السلطات المصرية لجنة رسمية لإدارة أصول وأملاك جماعة الإخوان بقرار من وزير العدل، على ضوء الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة في 23 سبتمبر (أيلول) عام 2013، الذي تضمن حظر أنشطة تنظيم جماعة الإخوان وأي مؤسسة متفرعة منها أو تابعة لها أو منشأة بأموالها أو تتلقى منها دعما أو أي نوع من أنواع الدعم.
وأثار قرار التحفظ على أسهم شركة اللاعب المصري انقساما على مواقع التواصل الاجتماعي. وبينما رأى مؤيدو القرار أن القانون لا يعرف أبو تريكة، أعلن فريق آخر تضامنه مع اللاعب الذي يطلق عليه «الماجيكو»، معتبرين أن اللاعب وإن كانت له ميول إخوانية، إلا أن الجميع يستبعد أن يكون من داعمي أو ممولي الإرهاب في مصر.
ودشن رواد «تويتر» هاشتاغًا حمل عنوان «تريكة خط أحمر»، حيث حصل على المركز الأول من حيث التداول والاستخدام على موقع التدوين القصير. وكذلك تضامن عدد من نجوم كرة القدم مع أبو تريكة. وقال سيد معوض، لاعب النادي الأهلى السابق، عبر صفحته على «فيسبوك»: «أحبك في الله».
فيما قال أحمد حسام (ميدو)، لاعب نادي الزمالك السابق: «ربنا معاك يا تريكة». وأعلن أحمد حسن، لاعب الأهلي والزمالك السابق، تضامنه مع «أبو تريكة»، وقال عبر «فيسبوك»: «بعيدًا عن أي انتماءات سياسية.. سأظل أشهد شهادة أحاسب عليها أمام الله.. أن هذا الشخص قمة في الأخلاق والاحترام والأدب، وسأظل أشهد بذلك حتى ما بقي من العمر».
وكتب عماد متعب، لاعب الأهلي وزميل «أبو تريكة»: «لست بمفردك.. كلنا معاك وكفاية حب الناس».
سياسيا، رفض عدد من الأحزاب اتهام أبو تريكة بتمويل الإخوان، وقال حزب النور، أحد الأحزاب الدينية في بيان له: «ستظل رمزا للمعاني الجميلة».
يأتي هذا في وقت دخل فيه قرار ضبط أموال منع التبرعات في المساجد حيز التنفيذ أمس، وخاضت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، معركة جديدة لمنع استغلال الجماعات الإرهابية للأموال التي تحصل من المصلين تحت شعارات دينية، لتجفيف منابع الإرهاب.
وأعلنت الأوقاف حالة الطوارئ في جميع المساجد والزوايا أمس، لتفعيل قرار وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، بمنع أي جهة غير الأوقاف من جمع أموال التبرعات، أو وضع صناديق داخل المساجد أو في محيطها، وإزالة الصناديق الموجودة بالمساجد، وضبط المخالفين. وشكلت الوزارة غرفة عمليات لمتابعة المساجد لضبط أموال التبرعات، وقالت مصادر مسؤولة في الأوقاف أمس، إنه «تم التحفظ على العشرات من صناديق جمع أموال غير مصرح بها»، مؤكدة أنه جرى «التأكيد على جميع المحافظات تحرير محاضر لمن يخالف ذلك وإحالته للنيابة العامة»، لافتة إلى أن «العقوبة قد تصل إلى الحبس والغرامة».
ويرى مراقبون أن تلك الأموال تحتاج لتقنين ورقابة، بعدما ترددت أقوال عن أن بعض الجمعيات تدعم جماعة الإخوان. لكن في الوقت نفسه أكدوا أن إلغاء هذه الصناديق يحرم المحتاجين من المساعدات.
ويعتمد الكثير من المصريين على تبرعات المساجد التي تقدم للمحتاجين والأيتام، لكن منذ عزل مرسي، توجه بعض المساجد أموال التبرعات لدعم مسيرات الإخوان والإنفاق على شراء الأسلحة والمتفجرات.
وتحاول الدولة المصرية منع استخدام دور العبادة في أي صراع سياسي. وقالت المصادر نفسها بالأوقاف لـ«الشرق الأوسط» إنه «جرى من قبل وضع توحيد الخطب يوم الجمعة، ومنع غير الأزهريين من الخطابة في المساجد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».