وكالة بهنا.. فضاء يحتفي بتراث الفن السابع وجديده في الإسكندرية

عمرها 128 سنة وتقدم عروضًا موسيقية على خلفية المشاهد السينمائية الخالدة

قاعة السينما في وكالة بهنا
قاعة السينما في وكالة بهنا
TT

وكالة بهنا.. فضاء يحتفي بتراث الفن السابع وجديده في الإسكندرية

قاعة السينما في وكالة بهنا
قاعة السينما في وكالة بهنا

في قلب الإسكندرية الأوروبية المتوقف عن النبض حاليا، يقبع فضاء فني عادت له الحياة من جديد ويسري النبض في شرايينه بما يحويه من أرشيف سينمائي ضخم وعروض سينمائية لأفلام نادرة وأفلام حديثة وعروض فنية وبصرية بين جدران حجرية عمرها يزيد عن 120 عاما.
إنها «وكالة بهنا» التي عادت منذ عام للنشاط السينمائي في مدينة السينما الإسكندرية، التي شهدت عام 1896 ثاني عرض عالمي للسينما في العالم بعد فرنسا. تلك الوكالة التي كانت منذ عام 1930 قائمة تحت اسم شركة «منتخبات بهنا فيلم» ومن أهم شركات الإنتاج والتوزيع السينمائي في العالم، وتعود ملكيتها لعائلة بهنا الذين يتحدرون من الموصل وعاشوا في حلب ثم جاءوا إلى الإسكندرية وعملوا بتجارة التبغ، ثم تحولوا لصناعة السينما. استعادها وريث العائلة: «بازيل بهنا» عام 2010 بعد أن كانت تحت الحراسة القضائية منذ عام 1968، وكانت لديه رغبة عارمة في نشر ثقافة السينما ودعم صناعة الأفلام مرة أخرى في الإسكندرية، تلك المدينة التي يفخر دوما بانتمائه إليها وبسكندريته.
بازيل بهنا من مواليد الإسكندرية عام 1955 وكان يعيش بعد توقف نشاط الشركة ما بين باريس والإسكندرية، وهو أحد أشهر محبي ومقتني الفنون، التقى بفنانين شباب من مؤسسة جدران فتولدت لديهم فكرة إحياء المكان.
تقع الوكالة على مقربة من ميدان «القناصل» المعروف بميدان المنشية على مساحة 540 مترا في مبنى أثري شهير هو «وكالة منفراتو» التي صممها المعماري الإيطالي «لويجي بياتوللي» عام 1887 وتعد أحد معالم الإسكندرية بطرازها المعماري الإيطالي الشبيه بمباني ميلانو التجارية وتشبه لحد كبير مباني ساحة «الدومو بيازا» الشهيرة، حيث يغطى المبنى من أعلى بشبكة حديدية وقد كان في الماضي مدخله ساحة لانتظار الخيول والعربات الخاصة بكبار التجار، أما الآن فتحولت الوكالة إلى مقهى شعبي شهير «علي الهندي» الذي يعتبر المكان المفضل لشباب الفنانين المصريين.
بمجرد دخولك عبر باب «وكالة بهنا» سوف تتلمس رائحة عبق الزمن الجميل، حيث الجدران تشهد على ما تمتلكه وكالة بهنا من نصيب كبير من تاريخ السينما المصرية. والشيء المبهر حقا في المكان الذي يجعلك لا تريد مغادرته هو أرشيف السينما المصرية الثمين الذي تحتويه، حيث تتراص على أرفف حجرة الأرشيف مجموعة ضخمة من فوتوغرافيا الأفلام، والوثائق الخاصة بعقود الأفلام وأجور الفنانين وتكاليف الإنتاج والتوزيع وإيرادات أشهر دور السينما في تلك الحقبة، كما تتضمن سيناريوهات أصلية وصورًا فوتوغرافية ووثائق لعقود أفلام.
بين جنبات الأرشيف ستجد أنه هنا أنتجت أول أربعة أفلام يونانية على يد توجو مزراحي وبهنا إخوان، سوف تهيم بـ«الأفيشات» الممهورة و«البرس بوك» الخاص بعدد من أهم الأفلام في فترة الثلاثينات والأربعينات والخمسينات مصنفة بكل تفاصيلها، من بينها: فيلم «شجرة الدر» أول فليم تاريخي مصري وكانت بطولته الفنانة آسيا.
أنتج إخوان بهنا عام 1932 أول فيلم غنائي مصري وثاني فيلم ناطق في السينما المصرية هو فيلم «أنشودة الفؤاد» بطولة جورج أبيض. وأنتجت أول أفلام التحريك‮ «مشمش أفندي» ‬للإخوة فرنكل، ‮ ‬و«الفانتازيا العربية» هكذا بدأ الفنان مأمون عزمي، المسؤول عن وحدة صناعة الأفلام، حديثه عن تاريخ «وكالة بهنا» قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «بهنا فيلم وزعت 645 فيلما مصريا وأجنبيا منذ عام 1938، وفي هذه الفترة أنتجت كل أفلام محمد فوزي، ومديحة يسري وتوجو مزراحي ومديحة كامل وإسماعيل يس، حتى تم وضعها تحت الحراسة القضائية».
وأوضح عزمي أن ترميم المكان وعودته من جديد استغرق عاما ونصفا، وتم افتتاحه في مارس (آذار) 2014. بمشاركة 27 متطوعًا من 11 دولة، وكنا حريصين على الحفاظ على طراز المكان المعماري وشكله القديم، وحاليا نحتفل بمرور عام على افتتاح الوكالة وما حققته من نجاح الفعاليات التي قدمتها، آملين في تقديم المزيد لصناعة السينما والفنون البصرية.
وعن طبيعة أنشطة الوكالة الآن، يقول: «هدفنا الرئيسي دعم وتنمية واقع الفنون البصرية والوسائط المرئية وصناعة الفيلم ودعم مجتمع الفنانين العاملين في هذا المجال والمساعدة في تطوير وإنتاج أعمالهم الفنية، وتوفير البيئة اللازمة التي تدعم اندماج قطاع جماهيري عريض في العملية الإبداعية، بما في ذلك توفير منتج فني بصري بجودة عالية للجمهور المشارك».
ويوضح «نعمل على أكثر من محور، أولها محور العروض حيث نعرض أفلاما حديثة ذات الإنتاج المستقل، سواء للسينما العربية أو المصرية، ونحرص على وجود صناع هذه الأفلام المستقلة لمناقشة العمل مع الجمهور عقب عرضها، لأن نقاش الفنانين مع الجمهور جزء هام من ثقافة السينما. أما المحور الثاني فهو دعم صناعة الأفلام المستقلة سواء بخبرات تقنية أو معدات تصوير ووحدات مونتاج، في أفلام خاصة بهم، أو في مشروعاتنا التوثيقية بخصوص الأدب والسينما والفنون التشكيلية، كما نقدم دعما معرفيا فيما يخص صناعة الأفلام». ويشير عزمي «نجحنا في إنتاج عدد من الأفلام القصيرة، ودعم الفرق الموسيقية المستقلة بإنتاج الفيديو كليب من بينها فرقة مسار إجباري. نحن نحاول أن نوصل رسالة للجمهور مفادها أن صناعة السينما تغيرت وتطورت عن الماضي، فنحن في عصر (السينما الجديدة) خصوصا بعد دخول الدجيتال فيها وإكسابها معطيات مختلفة».
تقف وراء فكرة إحياء «وكالة بهنا» مؤسسة جدران للفنون والتنمية بسعيها الحثيث لتحويل بقع تراثية مميزة في الإسكندرية إلى منارات ثقافية جماهيرية وتفعيل الممارسات الفنية في الشارع ودفع دفة التغيير الإيجابي في المجتمع السكندري. تلك المؤسسة قوامها مجموعة من الفنانين التشكيليين، والكتـاب، ومصوري فوتوغرافيا، وصانعي الأفلام، ومسرحيين وموسيقيين، مدفوعين بإحساسهم بالمسؤولية الاجتماعية للفنان، ويمثلون اتجاها فنيا يهدف لتطوير آليات الفنون المعاصرة وإخراجها من جمودها نحو تنمية ممارسات فنية معاصرة تسعى إلى دمج وإشراك أفراد المجتمع في كافة مراحل العملية الفنية.
ورغم أن الإسكندرية بها أكثر من مركز ثقافي يقدم عروضا سينمائية فإنه في «وكالة بهنا» فقط يمكنك مشاهدة أفلام نادرة لتوجو مزراحي والجزايرلي وإبراهيم وبدر لاما، وإسماعيل يس وآسيا وشالوم الممثل اليهودي المصري الذي ظهر في عدد من الأفلام القديمة، كما تقدم الوكالة عروضا خاصة جدا لكنوزها السينمائية بل وتحرص على تقديم عروض تفاعلية تجمع بين الكادرات السينمائية والألحان الموسيقية والفنون التشكيلية، تحرص الوكالة كل أسبوع على تقديم عرض فني تجريبي يجمع كل أشكال الفنون بمصاحبة الفرق الموسيقية المستقلة التي تقدم عروضا حية على خلفية مشاهد سينمائية.
ليس هذا فقط بل تقدم الوكالة مجموعة متنوعة من ورش العمل التي تتضمن كتابة السيناريو بطريقة احترافية، وورش ترميم الأفلام، والتصوير السينماتوجرافي.
يشرف بازيل بهنا شخصيا على أنشطة الوكالة، والفنان عبد الله ضيف من مؤسسة جدران، بينما تعمل الفنانة التشكيلية علياء الجريدي، كمسؤولة عن العروض الفنية البصرية visual Art، أما الفنان علي العدوي فهو مسؤول عن الأرشيف. وتستقبل الوكالة زوراها من الساعة 3 مساء إلى الساعة 10 يوميا وتغلق فقط يوم الأحد كيوم عطلة.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.