قانون المحكمة الاتحادية ينهي شهر عسل التوافق السياسي في العراق

زيارة «الإمام الكاظم» تعطل عمل البرلمان وتؤجل التصويت على أهم القوانين

قانون المحكمة الاتحادية ينهي شهر عسل التوافق السياسي في العراق
TT

قانون المحكمة الاتحادية ينهي شهر عسل التوافق السياسي في العراق

قانون المحكمة الاتحادية ينهي شهر عسل التوافق السياسي في العراق

للمرة الثالثة يخفق البرلمان العراقي في تمرير أول القوانين الهامة والمؤجلة من الدورة البرلمانية الماضية، وهو قانون المحكمة الاتحادية، فعلى الرغم من إعلان رئاسة البرلمان أن الكتل السياسية قد توافقت على تمرير قانون المحكمة الاتحادية، فإن الخلافات التي ظهر أنها لم تنته منذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، بل كانت مسكوتا عنها، قد عاودت الظهور مجددا وبشكل بات يهدد التوافق السياسي الهش في البلاد بعد فشل البرلمان على التصويت وللمرة الثالثة على قانون المحكمة الاتحادية.
وأعلنت هيئة رئاسة البرلمان إن مجلس النواب قرر تأجيل التصويت على هذا القانون إلى ما بعد الانتهاء من مراسم زيارة الإمام الكاظم الأسبوع المقبل؛ حيث سيتعطل البرلمان مثلما تتعطل مؤسسات الدولة منذ الأحد القادم نتيجة لقطع الطريق المؤدية إلى مدينة الكاظمية شمال غربي بغداد على إثر زيادة المخاوف من احتمال مضاعفة استهداف الزوار بالتفجيرات. وفي هذا السياق، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية، رعد الدهلكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك كثيرا من بنود الاتفاق السياسي لم يجر تطبيقها، ومن بينها قانون الحرس الوطني الذي تم الاتفاق عليه كشرط رئيسي للمشاركة في الحكومة، بينما نلاحظ اليوم تراجعا عن تنفيذه تحت مبررات شتى»، مشيرا إلى أن «هذا القانون وغيره مرتبط بالتوافق السياسي، ولكي يتحقق هذا التوافق لا بد من تنفيذ بنود وثيقة الاتفاق السياسي التي تشكلت الحكومة الحالية بموجبها».
وكان رئيس الجمهورية فؤاد معصوم دعا من جانبه إلى ضرورة الإسراع في إنجاز كامل بنود الاتفاق الحكومي. وقال بيان رئاسي، أمس، إن «معصوم التقى رئيس البرلمان سليم الجبوري، مساء أول من أمس، وأكد على ضرورة تسريع إنجاز كامل بنود الاتفاق الحكومي، ووضع الخطط اللازمة لإعادة إعمار المناطق المحررة من سيطرة الزمر الإرهابية، وعودة سكانها النازحين إليها والتقدم على طريق إنجاز مصالحة مجتمعية في إطار مصالحة وطنية شاملة تستثني الإرهابيين، فضلا عن مواصلة دعم خطط الحكومة لتحرير كل الأراضي العراقية من براثن الإرهاب».
وفي وقت ضرب فيه التحالف الوطني (الكتلة البرلمانية الشيعية الأكبر في البرلمان) مبدأ التوافق السياسي عندما صوت منفردا مؤخرا برفض مشروع الكونغرس الأميركي بتسليح العشائر السنية والبيشمركة الكردية بعيدا عن الحكومة العراقية، وهو ما أدى إلى انسحاب تحالف القوى العراقية السني والتحالف الكردستاني من جلسة البرلمان، فإن هناك شبه توافق شيعي - سني حيال قانون المحكمة الاتحادية مقابل رفض كردي لكثير من بنوده.
وفي هذا السياق، أكدت عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني، نجيبة نجيب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «لدينا ثلاثة مطالب فيما يتعلق بهذا القانون وهي أن يكون هناك نائبان للرئيس أحدهما كرديا، وألا تكون هناك صلاحية النقض لفقهاء الشريعة في أي قانون، وأن يكون التصويت داخل المحكمة الاتحادية وفق ثلثي أعضاء المحكمة وليس بالأغلبية». لكن المستشار القانوني أحمد العبادي يقول من جانبه لـ«الشرق الأوسط» إن «مشروع قانون المحكمة الاتحادية لا يعبر عن التغييرات الكبيرة التي جرت في العراق بعد 2003 وهو أمر طبيعي لأنه يمثل تجربة جديدة».
وأضاف أنه «يرى أن وجود خبراء الشريعة ضمن تشكيلة المحكمة إجراء غير موفق لأن المحكمة لا تنظر في الأمور العقائدية وإنما هي هيئة للفصل في نزاع يتعلق بشرعية القانون وعدم شرعيته وفق ما جاء بأحكام الدستور وأنها عملية قانونية قضائية بحتة على وفق توصيفها بالمحكمة الاتحادية في كل المواد الدستورية المشار إليها إضافة إلى أن وجود الخبراء في الفقه الإسلامي سوف يثير الكثير من الإشكالات». وأشار إلى أن «مسألة اختيار الخبراء القانونيين تكون من قبل لجنة برلمانية وقانونية مشتركة معدة لهذا الغرض يتم اختيار الأفضل بين عدد من المرشحين من قبل الجامعات العراقية أو المحامين المعروفين وإبعاد رئيس المحكمة عن اختيارهم حتى لا يكونوا خاضعين لإرادته واجتهاده الشخصي عند إصداره القرارات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.