جددت الإمارات، أمس، عزمها على الانضمام إلى الدول العالمية التي لها مساع في استكشاف كوكب المريخ أو ما يعرف بالـ«الكوكب الأحمر»، في ظل تحديد هدف استراتيجي يتمثل في وصول المسبار بحلول عام 2021، في الوقت الذي ستستغرق رحلته إلى المريخ نحو 7 أشهر.
وأفصحت الإمارات، أمس، عن تفاصيل مركبتها التي أطلقت عليها «مسبار الأمل»، والتي ستطلقها إلى المريخ لدراسة الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، وتحليل البيانات التي يحصل عليها المسبار وإرسالها إلى الأرض، لتكوين معرفة تامة حول التغيرات المناخية التي عاشها المريخ.
وبحسب المعلومات التي أعلنت، أمس، خلال عرض قدم في مركز محمد بن راشد للفضاء، فإن المشروع الإماراتي سيجيب على أسئلة جديدة حول الكوكب الأحمر لم يستطع العلماء الإجابة عليها سابقا بسبب قلة البيانات والمعلومات، وسيغطي جوانب لم تتم تغطيتها سابقا من نواح علمية ومعرفية، حيث سيعمل المشروع الإماراتي على رسم صورة واضحة وشاملة عن مناخ المريخ وأسباب تآكل غلافه الجوي وهروب المياه من على سطحه، وبالتالي اختفاء فرص الحياة عليه.
وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في كلمة له، أمس، خلال العرض، أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ سيكون إضافة إماراتية للمعرفة البشرية، ومحطة حضارية في التاريخ العربي، واستثمارا حقيقيا للأجيال المستقبلية.
وأضاف: «مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ يبعث بثلاث رسائل: الأولى للعالم بأننا أهل حضارة، وكما كان لنا دور سابق في المعرفة الإنسانية سيكون لنا دور لاحق أيضا، والثانية لإخواننا العرب بأنه لا يوجد مستحيل وبإمكاننا منافسة بقية الأمم العظمى ومزاحمتها في السباق المعرفي، والثالثة لشبابنا بأن من يعشق القمم يصل لأبعد منها، يصل للفضاء، ولا سقف ولا سماء لطموحاتنا».
وسيوفر المشروع الإماراتي متابعة يومية لحالة الطقس على الكوكب الأحمر وتفاعل التغيرات في أجوائه من عواصف ودرجات حرارة مع قممه البركانية الشاهقة ووديانه العميقة وصفائحه الجليدية وصحرائه الواسعة، مما يوفر لأول مرة للعلماء رسم نموذج متكامل للتغيرات الجوية اليومية والموسمية على سطح الكوكب وتفاعلها مع تضاريسه ويساعد العلماء على فهم الأسباب العميقة لاختفاء المياه عن الكوكب الأحمر بعد أن كانت متوفرة عليه بكثرة ويسهم في رسم صورة متوقعة لتغير الغلاف الجوي والمناخ على كوكب الأرض عبر آلاف السنين القادمة».
وبالعودة إلى الشيخ محمد بن راشد الذي قال: «من خيمة صغيرة قبل 43 عاما بدأ زايد وراشد، وواصلوا الليل بالنهار لبناء إنسان الإمارات، واليوم تحت قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، لدينا فريق عمل ينافس الأمم الكبرى في الوصول للمريخ». وأضاف لفريق عمل المشروع: «لو رآكم زايد اليوم لدمعت عيناه، أنتم غرسة وثمرة عمله وتتويج مسيرته».
وسينطلق المسبار الإماراتي الذي يعادل وزنه وزن سيارة صغيرة في النصف الأول من عام 2020 ليقطع 600 مليون كم بسرعة 126 ألف كيلومتر في الساعة وصولا لوجهته النهائية بعد 200 يوم من بدء رحلته، وستستمر مهمة المسبار حتى عام 2023 مع إمكانية تمديدها حتى عام 2025، وسيوفر مشروع الإمارات أكثر من 1000 جيجابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ حيث سيقوم فريق من الباحثين والعلماء الإماراتيين بدراستها ونشرها لأكثر من 200 مركز بحثي حول العالم ليستفيد منها آلاف العلماء المتخصصين في علوم الفضاء. ويبلغ عدد فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ 75 حاليا ليصل لـ150 مهندسا وباحثا قبل عام 2020.
وأقيم عرض بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ حمدان بن محمد بن راشد ولي عهد دبي.
وتم خلال العرض الذي قدمه فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، الإعلان عن اسم مسبار الأمل، وقال الشيخ محمد بن راشد: «الإمارات اليوم تمثل الأمل للمنطقة، وهذا المسبار يمثل الأمل لملايين الشباب العرب بمستقبل أفضل، والأمل عكس اليأس، ونحن لا نريد لمنطقتنا أن يصيبها اليأس أبدا، هناك دائما أمل بمستقبل أفضل للجميع».
وأضاف: «مشروع الإمارات للمريخ هو رسالة أمل للشباب العربي، ولا مستقبل ولا إنجاز ولا حياة من دون الأمل »، كما أكد أن «مشروع المريخ هو استثمار استراتيجي في الإنسان، والاستثمار في الإنسان هو استثمار رابح، والاستثمار في العلم والمعرفة سترى نتيجته أجيال كثيرة مقبلة».
من جهته، قال الدكتور خليفة الرميثي، رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، إن «الوكالة وبحكم مسؤوليتها الإشرافية والتمويلية على هذا المشروع الوطني، تعمل جنبا إلى جنب مع فريق المشروع والشركاء الاستراتيجيين لكي يتم تنفيذه بالوقت المحدد والتمويل المعتمد، وذلك من خلال أفضل الممارسات الخاصة بالمشاريع الفضائية الكبيرة ليحقق المشروع أهدافه الأساسية».
وبحسب معلومات أرسلت لـ«الشرق الأوسط»، فإنه ليتمكن المسبار من إنجاز مهمته، يجب أن ينطلق نحو المريخ ضمن إطار زمني وجيز ومحدد يعرف بـ«مهلة الإطلاق» في شهر يوليو (تموز) من عام 2020. ويعود ذلك إلى أن الأرض أسرع في دورتها حول الشمس من المريخ، ولهذا فهي تلحق به أحيانا وتسبقه أحيانا أخرى أثناء دوران كل منهما في فلكه، ولكنهما يكونان في أقصى نقطة تقارب لهما مرة واحدة فقط كل سنتين، وهذا ما سيحدث في 2020.
وتشير المعلومات إلى أنه لم يتم إطلاق المسبار ضمن مهلة الإطلاق هذه، لن يكون بالإمكان الوصول إلى المريخ عام 2021، وسيتعين الانتظار لعامين كاملين لإعادة التجربة مرة أخرى.
* أرقام في المشروع:
* 55 ساعة تستغرق الرحلة الواحدة حول مدار المريخ
* 13 إلى 20 دقيقة الزمن الذي تأخذه الرسالة للوصول إلى الأرض
* 120 ألف كيلومتر في الساعة سرعة المركبة
* 200 يوم مدة رحلة المسبار يقطع فيها أكثر من 600 مليون كيلومتر
* 39 ألف كيلومتر في الساعة سرعة الانطلاق إلى المريخ