بوروندي على فوهة بركان بسبب عزم الرئيس الترشح لفترة ثالثة

وواشنطن تحذر من خروج العنف عن السيطرة

بوروندي على فوهة بركان بسبب عزم الرئيس الترشح لفترة ثالثة
TT

بوروندي على فوهة بركان بسبب عزم الرئيس الترشح لفترة ثالثة

بوروندي على فوهة بركان بسبب عزم الرئيس الترشح لفترة ثالثة

تواصلت في بوروندي، أمس، الاحتجاجات المناهضة لعزم الرئيس بيير نكورونزيزا الترشح لولاية ثالثة، وذلك غداة تعبير الأمم المتحدة عن «قلقها» إزاء ظروف اعتقال المحتجين وتحذير الولايات المتحدة من خروج العنف عن السيطرة في هذا البلد الأفريقي.
وتجمع مئات المحتجين في ضاحية موساجا في جنوب العاصمة بوجومبورا، أمس، وهم يرددون هتافات مناهضة للرئيس وقطعوا طريقا رئيسيا باستخدام الصخور في سادس يوم من الاحتجاجات. ومن جانبه، وحذر الرئيس نكورونزيزا أمس من اتخاذ إجراءات صارمة ضد المحتجين الذين ينظمون مظاهرات «غير مشروعة» في الشوارع. ثم أعلن أن لجنة قضائية جديدة ستحقق في أمر «حركة التمرد».
وأضاف نكورونزيزا في رسالة بمناسبة عيد العمال بثت أمس: «خلال شهر ستصدر اللجنة تقريرها وستفرض عقوبات صارمة على كل من تتم إدانتهم».
وأثارت الاحتجاجات أكبر أزمة سياسية تشهدها البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية التي أذكتها الانقسامات العرقية في عام 2005. وقالت الأمم المتحدة، إنها تشعر بالقلق من تقارير بأن أجهزة استخبارات وأمن استخدمت الذخيرة الحية خلال الاحتجاجات. وأضافت أن تقريرا موثوقا يشير إلى اعتقال أكثر من 400 شخص واحتجازهم في أماكن مكتظة.
وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مستشهدا بالتقرير، إن «المحتجزين تعرضوا أيضا للضرب، وبعض من أطلق سراحهم عانى من مشكلات في المشي بسبب الضرب».
ولجأ أكثر من 600 طالب إلى السفارة الأميركية في العاصمة بوجومبورا بعد أن أغلقت الحكومة الجامعة الأربعاء متذرعة بمخاوف أمنية. وقال الطالب دونيشن: «جئنا هنا طلبا للأمان لأننا مطاردون منذ خرجنا من حرم الجامعة». ويراقب المجتمع الدولي الأزمة في بوروندي عن كثب في منطقة ما زالت تعاني من آثار إبادة جماعية وقعت عام 1994 وقتل خلالها أكثر من 800 ألف شخص في رواندا المجاورة والتي تعاني أيضا من انقسامات بين الهوتو والتوتسي. وتقول الأمم المتحدة، إن نحو 26 ألفا من البورونديين فروا إلى رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية الشهر الماضي. وقال توم مالينوفسكي مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان لرئيس بوروندي في اجتماع أول من أمس، إن البلاد يمكن أن تشهد حالة «فوران» خاصة إذا ظل الأفق السياسي مغلقا أمام المعارضة. وأضاف مالينوفسكي في مؤتمر صحافي أول من أمس: «دعونا الحكومة ألا تدع الأمور تصل إلى نقطة اللاعودة لأنه إذا حدث هذا فإن مكاسب العقد الأخير ستكون معرضة للخطر بالفعل». وأضاف أنه ستكون هناك «عواقب» إذا استمر العنف أو خرج عن نطاق السيطرة.
وبدأت لجنة الانتخابات في بوروندي تتلقى طلبات الترشح لمنصب الرئيس، لكن لم يتضح على الفور ما إذا كانت شخصيات في المعارضة تقدمت بأي طلبات. وسيظل باب الترشح مفتوحا حتى التاسع من مايو (أيار) الحالي. ويحدد الدستور واتفاق أروشا للسلام لأي فائز في الانتخابات الرئاسية فترتي رئاسة فقط، لكن أنصار نكورونزيزا يقولون إن بإمكانه الترشح مرة أخرى لأن اختياره في المرة الأولى كان عن طريق النواب وليس الانتخابات، وبالتالي فهي لا تحتسب.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.