مقتل 10 متمردين و9 جنود خلال المواجهات الأخيرة في مالي

بان كي مون يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في شمال البلاد

مقتل 10 متمردين و9 جنود خلال المواجهات الأخيرة في مالي
TT

مقتل 10 متمردين و9 جنود خلال المواجهات الأخيرة في مالي

مقتل 10 متمردين و9 جنود خلال المواجهات الأخيرة في مالي

أعلنت وزارة الدفاع المالية، أمس، أن المعارك التي جرت بين متمردين والجيش المالي في ليري وسط البلاد أول من أمس قد أوقعت عشرة قتلى بين المتمردين، وتسعة قتلى في صفوف الجيش، إضافة إلى عشرين جريحا.
وأوضح بيان للوزارة أمس أن الحصيلة المؤقتة للمعارك في ليري، قرب الحدود مع موريتانيا، بلغت في صفوف الجيش «تسعة قتلى وستة جرحى وستة رهائن (أسرى).. ومن جانب العدو 10 قتلى و16 جريحا». مؤكدة أن ليري باتت «تحت سيطرة» الجيش أمس، ونسبت الهجوم إلى «الحركة الشعبية لتحرير أزواد (تمرد الطوارق) وحلفائها».
وعاد الهدوء إلى ليري صباح أمس، حسبما علمت وكالة الصحافة الفرنسية من مصادر متطابقة، حيث أفاد مصدر عسكري مالي أن فرقة الجمالة بالحرس الوطني التي تتخذ مركزا في ليري «تلقت تعزيزات مهمة من الجيش». كما صرح مصدر عسكري أفريقي في مهمة الأمم المتحدة في مالي أن «هجوم الجماعات المتمردة في ليري قد صده الجيش المالي الذي أصبح يسيطر على المدينة بالكامل»، موضحا أن المتمردين أجبروا على مغادرة المدخل الجنوبي الغربي للمدينة حيث كانوا يتواجدون، وأن فرقة الجمالة في الجيش المالي باتت تسيطر على المدينة. كما أكد اثنان من سكان المدينة، أحدهما نائب، هذه المعلومات. وقد صرح مصدر مدني في قوة الأمم المتحدة أن «المفاوضات جارية حاليا من أجل تبادل الأسرى بين الطرفين».
وفي وقت سابق قتل عنصران من الحرس الوطني وطفل في غوندام، شمال شرقي ليري، في هجوم مفاجئ استهدف أول من أمس معسكر هذه القوة في الجيش. ونسبت الأمم المتحدة والحكومة المالية الهجوم الذي لم تتبنه أي جهة إلى تنسيقية حركات أزواد.
من جهتها، حذرت الأمم المتحدة من أن التوتر المتزايد يعرض للخطر اتفاق السلام المقرر توقيعه في باماكو، عاصمة مالي، في 15 من مايو (أيار) الجاري. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أول من أمس إلى «وقف فوري للأعمال العدائية»، وذلك بعد ساعات من قيام مسلحين بقتل اثنين من الحرس الوطني وطفل في شمال مالي.
ووقع الهجوم بعد يومين من دخول مقاتلي ميليشيا موالية للحكومة المركزية إلى بلدة ميناكا، التي تخضع لسيطرة متمردي الطوارق بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه العام الماضي. ويمكن أن تمثل أعمال العنف الأخيرة انتكاسة خطيرة للجهود الجارية التي يؤمل أن تؤدي إلى اتفاق سلام بين الحكومة والمتمردين.
وكان الطرفان قد وقعا اتفاق سلام في مايو 2014، تلاه وقف للأعمال العدائية في فبراير (شباط) من هذا العام. ومن المتوقع أن يوقع الطرفان على اتفاق سلام في 15 مايو الجاري.
ودعا كي مون الطرفين إلى إظهار التزامهما بعملية السلام والامتثال لالتزاماتهما في ظل اتفاقات وقف إطلاق النار.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.