في محاولة يائسة لتعويض الخسائر التي ألحقتها الغارات الجوية لطيران التحالف، والتقدم الكبير الذي أحرزته المقاومة الشعبية في تعز، قصفت ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق مدينة تعز بشكل كثيف وعشوائي خلال اليومين الماضين. وأفادت مصادر محلية في مدينة تعز لـ«الشرق الأوسط» سقوط 35 شهيدًا، وأكثر من مائة جريح من المدنيين اليوم جراء القصف الشديد الذي تعرضت له أنحاء متفرقة من المدينة من قبل الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق.
وأحرزت المقاومة الشعبية تقدمًا على أكثر من جبهة، ونجحت في تحرير الكثير من المواقع من قبضة الحوثيين وقوات الرئيس السابق، الأمر الذي دفعهم إلى توسيع نطاق القصف العشوائي الذي استهدف بشكل أساسي الأحياء المحررة، ذات الكثافة السكانية العالية، وبخاصة مناطق: «المسبح، وشارع جمال، والروضة، ووادي القاضي، والضبوعة، وكلابة، إضافة إلى منطقة فنادق سياحية تعرف بمنطقة الإخوة».
وتعرض مستشفى الثورة العام في تعز، أكبر مستشفيات المدينة، للقصف من قبل ميليشيات الحوثي. وقالت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» إن «قسم العناية المركزة في مستشفى الثورة تعرض للقصف من أحد المواقع العسكرية التي يسيطر عليها الحوثيون وقوات صالح».
وأوضح الدكتور أحمد الدميني، وهو طبيب في المستشفى الثورة، في اتصال لـ«الشرق الأوسط» إن «قذيفة يُرجح أنها من دبابة استهدفت قسم العناية المركزة في هيئة مستشفى الثورة في تعز»، مشيرًا إلى «سقوط جريح من الطاقم الطبي للمستشفى (ممرض)، إلى جانب مريض آخر كان يخضع للعلاج في قسم العناية وقد أصيب إصابة خطيرة جراء القصف»، فضلاً عن عشرات الجرحى الذين تكتظ بهم مستشفيات تعز وبخاصة مستشفيات الحكمة والتعاون والروضة والصفوة والثورة، واصفًا ما تعرضت له تعز بأنها مثال حي على جرائم ما وصفها بـ«الفاشية الحوثية».
وسادت حالة هلع شديدة بين المواطنين والمرضى في المستشفى الذي يعاني أصلاً من نقص شديد في المواد الطبية والمياه والوقود. وقال الناشط والإعلامي محمد البذيجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الإنساني حرج للغاية في المدينة»، مشيرًا إلى أنه «جرى قصف المنازل والمستشفيات بشكل عشوائي ومروع»، واصفًا ما يجري في تعز وقبله في عدن بأنه «ذروة المواجهة بين مشروع الدولة ومشروع الميليشيات، إذ لا صراع سياسي بين تعز وهذه الميليشيات سوى أنهم يريدون خضوع تعز بما تمثله من حضور سياسي ومدني وثقافي لمشروعها المدني في البلد».
وأضاف البذيجي: «ما يحدث في تعز هو الصراع الأزلي القائم بين رغبة تعز وأبنائها ببناء مشروع الدولة وبين رغبة من لا يريد لهذه الدولة أن تقوم أو أن يفكر بكيفية قيامها أحد»، وزاد: «نحن في تعز وعدن نثق جيدًا أن النصر هو حليف الحياة وأنصارها، وستندحر هذه الميليشيات وتتعرى كما تفعل هي الآن».
وحول مزاعم الحوثيين بمحاربة الإرهاب ومن يسمونهم الدواعش، قال البذيجي: «لا يحارب الإرهاب من يصنعه، هذه الأسطوانة المشروخة لم تعد تجد مع صالح ليخدع بها من يشاء كما خدع العالم من قبل». قائلاً إن «الإرهاب هو ما يمارسه علي عبد الله صالح وميليشيات الحوثيين في تعز وعدن ومأرب»، وتساءل البذيجي: «هل هؤلاء الأطفال وهؤلاء الشباب الذين يقتلونهم يوميًا هم الدواعش كما يدعون أنهم يحاربون (داعش)؟».
من جهته، قال الناشط الحقوقي رضوان الحاشدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ما تعرضت له مدينة تعز من قصف عشوائي يعود إلى تقدم المقاومة الشعبية ودحرها لما وصفهم بـ(الحوثفاشين)»، منوها بأن «المقاومة الشعبية أحرزت تقدمًا كبيرًا، على الرغم من أنها تواجه الترسانة العسكرية للحوثيين والقوات الموالية بسلاحها الخفيف وبنادق كلاشنيكوف». الأمر الذي دفع الحوثيين وقوات صالح حسب رضوان إلى «قصف بيوت المواطنين بالدبابات وقذائف الهاون، بشكل هستيري، ولأنحاء متفرقة وعشوائية من المدينة».
وأضاف رضوان: «لم يتركوا شيئا في تعز إلا قصفوه، حتى مستشفى الثورة العام بتعز تم استهدافه بقذيفة دبابة أصابت غرفة العناية المركزة وقتلت الأبرياء الشهداء، وحتى هذه اللحظة لا يزال القصف مستمرًا».
وتردت الأوضاع المعيشية والإنسانية في المدينة خلال الأيام القليلة الماضية. وتعاني جميع مستشفيات مدينة تعز نقصًا شديدًا في المياه والوقود والمواد والمستلزمات الطبية، وبخاصة مواد التخدير والأكسجين، وكل ما هو متعلق بالإسعافات الأولية الخاصة بالطوارئ، إضافة إلى امتلاء ثلاجات الموتى في جميع مستشفيات المدينة.
الحوثيون يقصفون مستشفى الثورة في تعز
بعض أحيائها تعرض لهجمات عشوائية إثر انتصارات المقاومة
الحوثيون يقصفون مستشفى الثورة في تعز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة