وثيقة الأمم المتحدة تثير جدلاً بين طرفي الصراع في ليبيا

مجموعة خليجية تشتري أكبر شركة للإسمنت في الشرق الليبي

وثيقة الأمم المتحدة تثير جدلاً بين طرفي الصراع في ليبيا
TT

وثيقة الأمم المتحدة تثير جدلاً بين طرفي الصراع في ليبيا

وثيقة الأمم المتحدة تثير جدلاً بين طرفي الصراع في ليبيا

تسببت الوثيقة التي أرسلها بريناردينو ليون مبعوث الأمم المتحدة ورئيس بعثتها لدى ليبيا، إلى طرفي الصراع على السلطة هناك، في جدل علني بين مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، اللذين عقدا أمس اجتماعين متزامنين في مدينة طبرق بشرق البلاد والعاصمة طرابلس لدراسة مقترحات ليون.
وقال محمد شعيب رئيس وفد مجلس النواب إلى الحوار الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، إن المجلس هو المختص باعتماد حكومة التوافق الوطني المزمع تشكليها، معتبرا أن وظيفة بعثة الأمم المتحدة هي فقط التنسيق بين الأطراف للوصول إلى توافق، كاشفا في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الموالية للسلطات الشرعية النقاب عن «وجود مطالبة دولية بترشيح أسماء من قبل مجلس النواب لمنصب رئاسة الحكومة».
من جهته، قال عضو لجنة الحوار أبو بكر بعيرة إنه «لا حوار مع من صنفهم مجلس النواب بالجماعات الإرهابية»، مؤكدًا على النص بوضوح على أن «مجلس النواب هو السلطة التشريعية الوحيدة في ليبيا».
وخصص مجلس النواب جلسته التي عقدها بمقره المؤقت في مدينة طبرق شرق البلاد، لدراسة مقترحات ليون، بالإضافة إلى مناقشة اختيار رئيس جديد لجهاز المخابرات العامة الليبية.
في المقابل، عقد أمس البرلمان السابق وغير المعترف به دوليا جلسة بمقره في العاصمة طرابلس، لمناقشة المقترحات، بعدما تسلم فريق الحوار عن البرلمان السابق مقترح ليون. وقال فريق الحوار في بيان بثه الموقع الإلكتروني للبرلمان السابق: «لاحظنا من القراءة الأولى نحن كفريق حوار وفريق المستشارين أن هذه المسودة هي مخيبة للآمال دون أدنى تردد»، مضيفا: «نقول ذلك لأننا لاحظنا أن فيها رجوعا إلى نقطة الصفر».
وتابع: «لاحظ أن ليون بعد عما كنا تناوله في الجلسات، لافتا إلى أن هذا المقترح الذي تم تعمميه على جميع الأطراف وعلى جميع الجهات غير متوازن ولم يحترم حكم المحكمة ولا يلبي طموحات الثوار في ضرورة وجود توازن حقيقي سياسي للمشكلة في ليبيا». ومع ذلك قال البيان: «هذا لا يمنعنا من القول إن فريق الحوار الممثل للمؤتمر كان دائما هو الفريق المبادر والحاضر في جلسات الحوار بالصخيرات، وكان دائما وما زال مستعدا لتقديم المقترحات والحلول الحقيقية التي بموجبها يحدث التوازن السياسي للخروج من الأزمة الليبية ولحقن دماء الليبيين».
عسكريا، أعلنت غرفة عمليات الجيش الليبي بالمنطقة الغربية أن قوات الجيش دحرت ميليشيات فجر ليبيا التي حاولت الهجوم على قاعدة الوطية وكبدها خسائر كبيرة، مشيرة إلى أنه تم الاستيلاء على عدد من الآليات المسلحة.
وكانت الاشتباكات قد تجددت في محيط قاعدة الوطية الجوية، بين الجيش وهذه الميلشيات، حيث نقلت وكالة «شينخوا» الصينية عن مصدر بغرفة عمليات المنطقة الغربية بميلشيات «فجر ليبيا» أن «اشتباكات عنيفة شنتها قوات تابعة للزنتان وجيش القبائل، وتحديدا من محور منطقة الركاريك جنوب مدينة الجميل، حاولت من خلالها استعادة المواقع التي خسرتها لصالح قواتنا، لكننا تمكنا من صد الهجوم على الرغم من شراسته».
وأضاف: «الهجوم خلف 4 قتلى و8 جرحى حالتهم متفاوتة الخطورة، مع استمرار محافظتنا على مواقعنا العسكرية، خصوصا مع مساندة من قبل طيران تابع لفجر ليبيا، نفذ غارات مكثفة ضد مواقع جيش القبائل، وكبدهم خسائر فادحة بالأرواح والآليات».
إلى ذلك، أعلنت مجموعة مستثمرين ليبيين وخليجيين، شراء أكبر شركة لصناعة الإسمنت في شرق ليبيا، مراهنين على حدوث طفرة في قطاع البناء عندما تضع الحرب أوزارها في البلاد وفقا لما ذكره أحد المستثمرين. وقال أحمد بن حليم الرئيس التنفيذي لمجموعة ليبيا القابضة لوكالة «رويترز» إن شركته اشترت حصة الأغلبية في شركة الإسمنت الليبية من مجموعة «كوادراسير» النمساوية مقابل «عشرات الملايين» من اليورو. وأضاف أن مستثمرين من السعودية - من بينهم مجموعة صناعية مدرجة في البورصة - ومن الإمارات العربية المتحدة شاركوا في الصفقة.
ولم يكشف بن حليم عن أسماء الشركاء ولم يدلِ بتفاصيل حول الصفقة، لكنه أشار إلى أن شركة صناعة الإسمنت لديها ثلاثة مصانع في شرق ليبيا، منها مصنع واحد يعمل وينتج 300 ألف طن فقط سنويا، وهو جزء ضئيل من الطاقة الإنتاجية البالغة ثلاثة ملايين طن. ويخطط الملاك الجدد لاستثمار ما يزيد على 50 مليون يورو في المصانع الثلاثة لرفع إجمالي الطاقة الإنتاجية 25 في المائة لكنهم لن يضخوا الأموال إلا عندما تشهد ليبيا بعض الاستقرار.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».