هرع القرويون الذين أنهكهم الجوع باتجاه مروحيات الإغاثة في المناطق النائية من نيبال أمس، طالبين من طواقمها نقلهم إلى مناطق آمنة بعد أربعة أيام من الزلزال المدمر الذي أضر بنحو ربع سكان البلاد.
وقالت سيتا غورونغ (24 عاما) التي دمر منزلها في الزلزال «الأرض لا تزال تهتز، وكل مرة نشعر أن الأرض ستبتلعنا وأننا سنموت. أريد الخروج من هنا». وبينما أعرب رئيس وزراء نيبال سوشيل كويرالا عن مخاوف من وصول عدد قتلى الزلزال إلى 10 آلاف شخص، بلغت الحصيلة الرسمية 5057 قتيلا في نيبال وحدها، إضافة إلى أكثر من 100 قتيل في دول مجاورة بينها الهند والصين. وأمر كويرالا بتكثيف جهود الإغاثة، وناشد المجتمع الدولي تقديم خيام وأدوية، كما اعتبر أن إيصال المساعدات للمناطق النائية يشكل «تحديا كبيرا».
وفي العاصمة كاتماندو، أمضى الكثير من السكان ليلتهم الثالثة في خيم. ولم يتمكن الكثير منهم من النوم في الليل في ظل الهزات الارتدادية لكن أيضا بسبب انهمار أمطار غزيرة على المدينة. وقال بيجاي سريشت وهو أب لثلاثة أولاد لجأ مع زوجته وأمه إلى حديقة: «نشعر بخوف كبير وارتباك». وفي حي بالاجو في العاصمة رأى أب الشرطة تنتشل جثة ابنته من تحت أنقاض منزله. وقال ديرام مهاد وهو يبكي «كانت كل شيء بالنسبة إلي. لم ترتكب أي سوء كان يجب أن تبقى حية».
من جانبه، أعلن مسؤول محلي أن 250 شخصًا باتوا في عداد المفقودين بعد انهيار ثلجي أمس في منطقة قريبة من مركز الزلزال في نيبال. وأضاف المسؤول أنه «من الصعب في الوقت الحالي إعطاء رقم محدد إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى 250 شخصا». وأصيب نحو 8000 شخص فيما قدرت الأمم المتحدة عدد المتضررين من الزلزال بنحو 8 ملايين شخص، أي نحو ربع سكان البلاد البالغ عددهم 28 مليون نسمة. ومن بين القتلى 18 من متسلقي الجبال الذين كانوا في مخيم قاعدة جبل إيفرست عندما وقع انهيار ثلجي بسبب الزلزال ودمر كل شيء في طريقه.
وأعلن الحداد في النيبال لمدة ثلاثة أيام على ضحايا الزلزال الذي بلغت قوته 7.9 درجات. وشارك الكثير من الدول المجاورة والبعيدة في جهود الإغاثة في نيبال التي تعد من أفقر دول آسيا، ولعبت الهند دورًا رئيسيًا في تلك الجهود.
وفي بلدة غورخا التي تعد الأكثر تضررا بالزلزال، هرع السكان المرعوبون باتجاه مروحيات الجيش الهندي وطلبوا منهم الطعام والماء. وتحدثت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها كيف تحولت عشرات المنازل في الكثير من القرى بالمنطقة إلى ركام من الخشب والصفيح. وقالت غورونغ وهي تشير إلى ما تبقى من منزلها في قرية لابو «نفتقد الطعام منذ وقوع الزلزال. كل شيء تغير، لم يتبق لدينا شيء هنا». وانضمت طائرات عسكرية من الكثير من الدول بينها الولايات المتحدة والصين إلى جهود الإنقاذ.
وقال كويرالا في اجتماع طارئ شاركت فيه جميع الأحزاب إن الحكومة سترسل خيما وماء ومواد غذائية إلى المنكوبين، إلا أنه قال إن السلطات تتلقى عددا كبيرا جدا من طلبات المساعدة من قرى الهمالايا النائية. ونقل عنه بيان أصدره مكتبه قوله «طلبات المساعدة تأتي من كل مكان، لكننا لم نتمكن من إطلاق جهود الإغاثة في الكثير من المناطق في نفس الوقت بسبب نقص المعدات وخبراء الإنقاذ».
وصرح جاغديش شاندرا بوخيريل المتحدث باسم الجيش النيبالي إن «الوصول إلى المناطق النائية يستغرق وقتًا طويلاً جدًا. ودون وجودنا هناك فعليًا لن نتمكن من الوصول إليهم ومساعدتهم وإنقاذهم. إن قواتنا تبذل كل ما بوسعها».
كما أعاقت الأمطار جهود الإنقاذ، بحسب ما قال المتحدث باسم شرطة نيبال كمال سنغ بام. ومع تصاعد المخاوف من نقص الطعام والماء، يهرع النيباليون إلى المتاجر ومحطات الوقود لتخزين الإمدادات الأساسية. وأعلنت حالة الطوارئ في نيبال بعد الكارثة التي تعد الأسوأ منذ أكثر من 80 عاما.
وقتل 73 شخصا آخرين في الهند، بينما ارتفع عدد الضحايا في منطقة التبت غرب الصين المجاورة لنيبال إلى 25 قتيلا، حسبما أفادت وكالة الصين الجديدة. واكتظت الحافلات بالعائلات الساعية للخروج من كاتماندو حتى أن بعض الأشخاص جلسوا على أسطح الحافلات. أما من تبقوا في المدينة فقد اختاروا النوم في العراء في خيام نصبت في الحدائق وغيرها من المساحات المفتوحة بعد أن خسر الكثير منهم منازلهم بينما يخشى الآخرون من العودة إلى المنازل بعد وقوع الكثير من الهزات الارتدادية. وبدا الكثير منهم في حاجة ماسة إلى المساعدات والمعلومات حول الخطوات التالية التي يجب عليهم اتخاذها.
وتشهد المستشفيات ازدحاما حيث تفيض المشارح بالجثث، ويعمل المختصون الطبيون بكامل قدرتهم مع تدفق الجرحى الذي لا يتوقف. ووعد وزير الخارجية الأميركي جون كيري بتقديم مبلغ 10 ملايين دولار لجهود الإغاثة، وأعرب عن تأثره لصور ضحايا الزلزال.
وأعلنت أستراليا أمس أنها سترفع المساعدات إلى 4.7 مليون دولار وسترسل طائرة عسكرية لإرسال مساعدات الإغاثة وإخلاء المواطنين المحتجزين. إلا أن الاكتظاظ في المطار الدولي الوحيد في البلاد يعرقل الجهود لنقل مواد الإغاثة جوا. وذكرت وكالة التعاون الدولي اليابانية أن فريق الإغاثة من الكوارث حاول للمرة الثالثة أمس دخول كاتماندو بعد أن منع مرتين من الهبوط في المطار بسبب الاكتظاظ.
يذكر أن نيبال تشهد نشاطا زلزاليا قويًا على غرار كل منطقة الهمالايا حيث تلتقي الصفيحتان التكتونيتان الهندية والأوراسية. وفي أغسطس (آب) 1988 ضرب زلزال بقوة 6.8 درجات شرق نيبال وأسفر عن مقتل 721 شخصا، فيما أدى زلزال آخر بقوة 8.1 درجات في العام 1934 إلى مقتل 10700 شخص في الهند ونيبال.
ربع سكان نيبال تضرروا من الزلزال.. وحصيلة القتلى قد تصل إلى 10 آلاف
الهزات الارتدادية والأمطار زادت من متاعب المنكوبين.. ومساع لإيصال المساعدات إلى المناطق النائية
ربع سكان نيبال تضرروا من الزلزال.. وحصيلة القتلى قد تصل إلى 10 آلاف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة