بعد تلقيها ضربات مستمرة من قبل طيران التحالف، سعت جماعة الحوثي خلال الأيام القليلة الماضية لاستجداء بعض أبناء القبائل الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في محاولة منها لزيادة عدد أفرادها المقاتلين إلى جانب بعض وحدات الجيش المنقلبة على شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، حيث ذكرت مصادر عسكرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «الحوثيين جندوا خلال الأيام القليلة الماضية قوة بشرية جديدة في الجيش اليمني، مكونة من 8 آلاف جندي ممن جرى استقطابهم مؤخرا إلى ميليشياتها، إضافة إلى مجاميع قبلية تجمع ما بين أتباع المشايخ المعروفين بالولاء للرئيس السابق علي عبد الله صالح ونجله أحمد، بغرض إعادة الانتشار في المدن، ونشر المزيد من نقاط التفتيش والأمنيات التي تنتشر فيها اللجان الشعبية للجماعة تحسبا لأي تحركات مقاومة شعبية محتملة في المناطق الخاضعة لسيطرتها».
وأضاف المصدر: «جماعة الحوثي تعرف صعوبة الوضع الاقتصادي الحرج الذي تمر به اليمن وشحة الموارد وارتفاع عجز الموازنة، وحالة الحصار البحري والجوي الذي فرض عليها من قوات التحالف، وتدرك أن أي عملية تجنيد جديدة لأتباعها في قوام القوات المسلحة والأمن ستعني كارثة وستمثل عبئا إضافيا على حكومة عاجزة أصلا عن تغطية أبسط التزاماتها ممثلة بدفع مرتبات القطاع الحكومي».
ويواصل المصدر حديثه أن الحوثيين هددوا أفرادا من الجيش وضباطا بإسقاط سنوات خدمتهم في الجيش في حال امتناعهم عن القتال إلى جانب الميليشيا، ويقول: «قامت بإسقاط أكثر من ثمانية آلاف جندي، من المنقطعين عن المعسكرات، سواء بعذر شرعي أو مرضي، أو بإجازة مبررة، أو ممن هم خارج البلاد أصلا، أو ممن تمردوا ورفضوا فعليا القتال إلى جانب الجماعة في حربها في عدن وتعز ولحج، خلال الأسابيع الماضية، وامتنعوا عن الالتحاق بمعسكرات الخدمة، أو ثاروا داخلها كاللواء 35 في تعز، وقد تمت معاقبتهم إداريا وعسكريا باعتبارهم منقطعين وفارين من الخدمة وعن أداء الواجب العسكري، وبموجب ذلك تم إسقاط سنوات خدمتهم في الجيش ومنح درجاتهم الوظيفية في السلك العسكري للمجندين الجدد للجماعة».
وأوضح القائد - فضل عدم الإفصاح عن اسمه - أن الحوثيين مستعينون بخبرات ونفوذ الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبذلك استطاعوا حشد مزيد من الموالين إلى صفوفهم من رجال ووجهاء القبائل، إضافة إلى تحييد الكثير من زعماء القبائل المصنفين كمصدر خطر محتمل، من المعروفين بالولاء للرئيس الشرعي هادي، أو الجنرال العسكري علي محسن الأحمر، وذلك عن طريق الإبقاء على مخصصاتهم المالية الشهرية واعتماداتهم من دائرة الإمداد والتموين شريطة ضمان عدم قتالهم ضد الحوثيين وصالح والحياد.
وأضاف المصدر: الخزينة العسكرية التي لا تخضع لرقابة وإشراف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة هي بمثابة بحر لا ينضب ووسيلة فعالة لشراء الولاءات في اليمن، إضافة إلى دائرة الإمداد والتموين المسؤولة عن تموين الجيش بالغذاء والوقود والشؤون اللوجستية، ولأن صالح عمل خلال 33 سنة من حكمه على شراء ولاءات زعماء القبائل عن طريق تخصيص جزء كبير من موارد الخزينة العسكرية والدائرة، كمخصصات واعتمادات شهرية، فقد عمد الحوثيون إلى ما يمكن وصفه بـ«تحديث لقائمة المستفيدين من الاقتصاد العسكري، ومنح هذا وإقصاء ذاك بحسب الولاء والمساندة».
وأشار المصدر إلى أنه «جرى عقاب الكثير من المشايخ الذين حاربوا الحوثي أو الذين وقفوا إلى جانب خصوم الرئيس السابق وانشقوا عنه، وخاصة في عمران وحجة ومناطق شمال الشمال عن طريق إيقاف اعتماداتهم المالية وإسقاطها ومنحها لمشايخ ووجهاء أقل شأنا وأكثر ولاء لصالح والحوثي بدلا عنهم، كمراكز قوى جديدة وبديلة».
وتساءل المصدر: «من أين كل يوم في يأتون بكل هؤلاء المجندين الجدد والمحاربين في صفوف الحوثي الذين نراهم كل يوم بوجوه جديدة في مدينة جديدة؟ والأهم التساؤل حول من أين يتم الإنفاق عليهم»، مشيرا إلى أن «المشايخ هم جزء من هذا كله، حيث يرسل كل شيخ قبلي، كل حسب حجمه ووزنه، الكثير من المقاتلين من أبناء قبليته كمجندين جدد ليس لهم إلا الراتب الشهري في حين تذهب بقي. المخصصات لصالح الشيخ.. وهكذا على نفس الطريقة المتبعة منذ ثلاثة وثلاثين سنة».
في السياق ذاته، انتشرت بشكل لافت خلال اليومين الماضين اللجان الشعبية للحوثيين في صنعاء، وعادت نقاط التفتيش التابعة للجماعة مجددا إلى معظم شوارع صنعاء بعد اختفائها التدريجي خلال الشهرين الماضيين، الذي بلغ ذروته مع بدء غارات عاصفة الحزم. ويلاحظ أن كثيرا ممن يرتدون الزي العسكري ويتولون إدارة نقاط التفتيش في الكثير من المدن اليمنية أطفال وأحداث وشباب في مقتبل الحياة. وقد انتقدت منظمات حقوقية دولية استغلال الحوثيين وانتهاكهم للطفولة وتجنيد الأطفال والزج بهم في النزاعات المسلحة.
صالح يستخدم نفوذه وعلاقاته مع القبائل لإمداد الحوثيين بالجنود
مصدر عسكري لـ «الشرق الأوسط»: أسقطوا سنوات الخدمة عن الجنود الرافضين للقتال
صالح يستخدم نفوذه وعلاقاته مع القبائل لإمداد الحوثيين بالجنود
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة