اتجهت الأحداث في الساحة اليمنية، أمس، إلى منحى تصعيدي على كل جبهات القتال المشتعلة في البلاد، على حساب محاولات وقف القتال والعودة إلى التسوية السياسية، بعد أن رفض الحوثيون، حتى اللحظة، الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي، في حين لم تسفر دعوة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح لوقف القتال، عن أي نتائج في الميدان، رغم مشاركة القوات الموالية له في الحرب الدائرة منذ أواخر مارس (آذار) الماضي حتى اللحظة.
وأعربت مصادر سياسية يمنية في صنعاء، عن اعتقادها أن جماعة الحوثي، وصالح، «مستمرة في سعيها إلى جر البلاد نحو مزيد من الصراع العسكري، وليست لديها أي رغبة في التوصل إلى حلول سياسية، على الأقل، في الوقت الراهن». وأرجعت المصادر، التي رفضت الإشارة إلى هويتها، استمرار الحوثيين في خوض المواجهات العسكرية إلى «سعيهم لتحقيق مكاسب على الأرض كالسيطرة على مدينتي تعز وعدن، كي تكون من ضغوطهم في أي مفاوضات أو حوار مقبل».
وكان لافتا، أمس، قيام المسلحين الحوثيين بنصب نقاط تفتيش قرب منزل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في شارع حدة بصنعاء، وكذا في الطريق إلى منزل نجله العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح في حي فج عطان، وقال شهود عيان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات الحوثية قامت بمحاصرة منازل قيادات بارزة في حزب المؤتمر الشعبي العام، وهي القيادات التي أعلنت تأييدها للشرعية واتجهت إلى العاصمة السعودية الرياض لتأكيد تأييد الشرعية للرئيس عبد ربه منصور هادي، وهي القيادات التي تبحث سبل التوصل إلى تسوية سياسية، والحفاظ على حزب المؤتمر بعيدا عن المواقف السياسية للرئيس المخلوع صالح، واعتبر مراقبون في صنعاء أن هذه التطورات «تأتي في سياق المعلومات المؤكدة عن وجود خلافات وانشقاقات وسط تحالف الحوثيين - صالح وهو التحالف الذي يقود الحرب على جنوب اليمن وتعز والحديدة». وأشار المراقبون إلى أن «هذه الخطوات، تأتي بعد تقديم الرئيس المخلوع مبادرته لوقف القتال والالتزام بوقف إطلاق النار». لكن مصادر سياسية رفيعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ما أقدم عليه الحوثيون، يعمق أي خلافات ويزيد من مساحة وحجم خصوماتهم في الساحة اليمنية».
وترافقت خطوات الحوثيين الأمنية في الساحة بصنعاء، مع خطوات سياسية أخرى، حيث أعلنت وكالة الأنباء اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، أن ما تسمى «اللجنة الثورية العليا»، التي شكلها الحوثيون عقب اجتياحهم صنعاء في سبتمبر (أيلول) الماضي، عقدت، أمس، اجتماعا مع رئيس وأعضاء اللجنة العليا للانتخابات العامة والاستفتاء، وذلك من أجل مناقشة «إمكانية استعداد اللجنة للتسريع بإجراء انتخابات». ونقل عن رئيس اللجنة، محمد علي الحوثي «استعداد اللجنة للتعاون الكامل مع اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء، بما يكفل نجاح أعمالها ومهامها المنوطة بها، كمؤسسة وطنية، وضرورة الحفاظ على حيادية اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء وأن تبقى لكل أبناء الشعب اليمني بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم»، حسب وكالة الأنباء. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في صنعاء، أن الانتخابات التي يسعى الحوثيون إلى إجرائها، تشمل انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية (بلدية) متزامنة. وأشارت المصادر إلى أنه «ربما بعض الجهات الخارجية نصحتهم بذلك، لتثبيت شرعيتهم ولوضع المجتمع الدولي أمام الأمر الواقع».
من جهة أخرى، تستمر مواجهات الكر والفر بين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي وقوات القبائل في محافظة مأرب، من جهة، والقوات الموالية لصالح والحوثيين، من جهة أخرى. وذكرت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف القوات المهاجمة، في الوقت الذي تتحفظ فيه المصادر الحوثية عن معلومات بشأن إصابة القائد الحوثي الميداني، عبد الرب الحوثي في المواجهات. وتشير المصادر إلى تمكن القوات الموالية للشرعية في مأرب من صدّ هجمات المتمردين على الشرعية، وإلى أن الحوثيين لم يتمكنوا من سحب كثير من جثث قتلاهم في المعارك التي تدور أبرزها في جبهتي صرواح والجدعان، حتى اللحظة.
وفي سياق متصل، استمرت ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، أمس، في محاولاتها لإسقاط مدينة تعز، ووصفت مصادر محلية في المدينة الأوضاع بـ«المأساوية»، جراء «حرب شوارع» في المدينة. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن أبرز المواجهات تتركز في منطقة المسبح وفي الجهتين الشرقية والغربية من المدينة. وأشارت معلومات مؤكدة إلى قيام الميليشيات الحوثية بقصف الأحياء السكنية والمستشفيات، وبينها مستشفى الثورة العام. وتحدثت المصادر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في المواجهات العنيفة داخل مدينة تعز. وقالت المصادر إن جثث القتلى تنتشر في الشوارع بعد أن لم تتمكن ثلاجات المستشفيات من استيعابها. وحسب مصادر ميدانية، فقد تمكنت المقاومة الشعبية، التي يقودها الشيخ حمود سعيد المخلافي، من السيطرة على مقار حكومية وأمنية، كانت تحت سيطرة الميلشيات الحوثية وقوات صالح.
وفي السياق ذاته، طالب عدد من النشطاء السياسيين من أبناء تعز، سكان ريف المحافظة، التي تعد الأكبر في اليمن من حيث عدد السكان (أكثر من 4 ملايين نسمة)، إلى المسارعة بإنقاذ عاصمة المحافظة بالزحف من الريف نحو المدينة بالسلاح المتوفر لديهم، لقتال الميليشيات الحوثية والقوات الموالية لصالح.
وذكرت الناشطة السياسية والإعلامية اليمنية، فكرة محمود لـ«الشرق الأوسط»، أن الأوضاع الإنسانية أصبحت غاية في الصعوبة، وأن القذائف والرصاص يصل إلى منازل المواطنين. وقالت إن قوات الحرس الجمهوري والميليشيات الحوثية تقصف منازل المواطنين وتطلق النار على كل من يمر في الشارع. وأشارت إلى حاجة المقاومة الماسة للسلاح، وتحدثت عن عدم وجود تكافؤ في القوة بين الطرفين، «حيث يمتلك الحوثيون والحرس الجمهوري الموالي لصالح أقوى وأحدث الأسلحة، فيما تمتلك المقاومة الأسلحة الخفيفة والمتوسطة». وأشارت محمود إلى أن «كل أبناء تعز يشاركون في المقاومة وليس منطقة أو جماعة محددة، بحسب ما يحاول البعض أن يصور أن المقاومة هي فقط من الموالين لحزب الإصلاح». وقالت إن «تعز مستهدفة كما هي الحال مع مدينة عدن بالضبط»، وكانت مصادر محلية وشهود عيان أكدوا وصول تعزيزات إلى الحوثيين من بعض المناطق إلى محافظة تعز.
الحوثيون يطوقون منزل صالح وقيادات في حزب المؤتمر.. ويسعون لإجراء انتخابات
عشرات القتلى والجرحى في «حرب شوارع» بتعز.. والمقاومة تسيطر على مقار حكومية وأمنية
الحوثيون يطوقون منزل صالح وقيادات في حزب المؤتمر.. ويسعون لإجراء انتخابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة