«لغة الإشارة» والفطنة تحكمان تصرفات الحكام عندما يتوقف الكلام

السعودي جلال وقع في ورطة «إسبانية».. ولاعب تركي يصحح خطأ حكم كويتي.. والإماراتي بو جسيم يطرد كانيغيا بالإيحاء

الإماراتي علي بوجسيم خلال إدارته مباراة البرازيل وهولندا في مونديال 1998م («الشرق الأوسط»)
الإماراتي علي بوجسيم خلال إدارته مباراة البرازيل وهولندا في مونديال 1998م («الشرق الأوسط»)
TT

«لغة الإشارة» والفطنة تحكمان تصرفات الحكام عندما يتوقف الكلام

الإماراتي علي بوجسيم خلال إدارته مباراة البرازيل وهولندا في مونديال 1998م («الشرق الأوسط»)
الإماراتي علي بوجسيم خلال إدارته مباراة البرازيل وهولندا في مونديال 1998م («الشرق الأوسط»)

يواجه حكام لعبة كرة القدم الكثير من المصاعب في قيادة بعض المباريات التنافسية سواء كانت محلية أو إقليمية أو دولية، لكن المصاعب تزداد حينما يتعرضون لمواقف محرجة حين ينعدم التفاهم مع اختلاف اللغات في البطولات القارية والعالمية.
ورغم أن اللغة الإنجليزية تعتبر من الأساسيات لجميع الحكام الدوليين في العالم الذين يتم اختيارهم للبطولات الكبرى بكونها الأكثر استخداما بين دول العالم، لكن هذا الأمر غير مجبر للاعبين أصحاب الجنسيات المختلفة الذين يتحدثون الفرنسية أو البرتغالية أو الإسبانية كما هو الحال لمنتخبات قارة أميركا الجنوبية أو اللغة السواحلية كما هو حال منتخبات قارة أفريقيا، فيما تتحدث منتخبات شرق آسيا لغات متعددة.
ولأن اختلاف اللغات يضع الحكام في بعض المواقف الغريبة التي تتطلب الحكمة أحيانا والفراسة أحيانا أكثر للتفاهم مع اللاعبين، يتساءل المراقبون عن الطريقة الأنسب التي يقوم بها الحكم لفرض قراراته على لاعب أو مدرب من دون أن يفهم الآخر فحوى حديثه!!
«الشرق الأوسط» استطلعت آراء عدد من الحكام السعوديين والعرب الذين شاركوا في عدد من بطولات العالم السابقة للحديث حول كيفية التصرف في حال التعرض لمواقف محرجة في البطولات العالمية تتعلق تحديدا باللغة.
بداية يقول عبد الرحمن الزيد إن «التعرض لمواقف محرجة أمر مؤكد وخصوصا أثناء قيادة المباريات العالمية التي يوجود بها منتخبان من قارتين مختلفتين ولا يجيدون تحدث اللغة العربية أو اللغة الإنجليزية، ولكن هناك لغة الإشارة التي في التحكيم التي يمكن اعتبارها الأساس الأهم في كل التعاملات بين الشعوب المختلفة». ويقول الزيد: «لغة الإشارة لا تفي بالغرض كاملا لكنها تساعد على تحقيق الهدف، ولذا من المهم على الحكم أن يكون مستعدا من كل النواحي قبل قيادة المباريات التي يكون أطرافها من أصحاب اللغات المختلفة». وأضاف: «لا يمكن للحكم أن يتعلم لغات جميع المنتخبات العالمية ولكن من المهم أن يعرف كيف يتعامل مع هذه المواقف الصعبة والحرجة».
وعن أبرز المواقف الحرجة التي تعرض لها وخصوصا حينما شارك في قيادة مباريات في نهائيات كأس العالم 1998 التي أقيمت في فرنسا يقول الزيد «كان من أكثر المواقف الحرجة هو ما حصل في مباراة هولندا والمكسيك التي قمت بقيادتها كحكم ساحة إذ إن المباراة كان تهم المنتخب المكسيكي كثيرا للخروج بنقطة على الأقل للعبور إلى الدور الثاني، وفي الدقيقة 46 من الشوط الثاني تم إلغاء هدف للمنتخب المكسيكي نتيجة حدوث حالة تسلل وكانت حينها النتيجة تشير إلى تقدم المنتخب الهولندي بهدف، ليستاء عدد من اللاعبين في المنتخب المكسيكي من هذا القرار الذي جاء بإشارة من حكم الراية الإسباني فرناندو والذي يعمل حاليا رئيسا لتطوير الحكام في الاتحاد الدولي، المهم أن أحد اللاعبين في المنتخب المكسيكي تجاوز حدوده وقام بدفعي فأشهرت البطاقة الحمراء في وجهه ثم دونت تقريرا ضده ليتم إيقافه 4 مباريات، مع أن منتخبه نجح في التعديل قبل صافرة النهاية بـ5 ثوان فقط وعبر إلى الدور الثاني».
وأضاف «حينما يكون هناك اعتداء جسدي أيا كان حجمه تنتهي هنا لغة الإشارة ولا مجال لمنح اللاعب أو المدرب أي عذر بشأن تصرفه أو رفع صوته ولا بد أن يكون الحكم قادرا بالحكمة أن يجعل الأمور هادئة ويمتص الغضب بطريقة احترافية».
من جانبه يقول الحكم خليل جلال إن «الموقف الحرج الذي تعرض له بشأن اللغة كان في مونديال 2010 وتحديدا مع النجم العالمي الشهير دييغو مارادونا حينما كان مدربا لمنتخب بلاده الأرجنتين في تلك البطولة، وكنت حينها حكما رابعا للمباراة التي جمعت بين المنتخبين الأرجنتيني والنيجيري، ويكون من مسؤوليات الحكم الرابع ضبط الأمور خارج الملعب، تحديدا كانت الكثير من الاحتجاجات وبصوت عال من مارادونا ولكن باللغة الإسبانية التي لا أجيدها، ولا أعلم ماذا يقول وتعاملت بكل الطرق الممكنة بطريقة الإشارة لكنه لم يهدأ، ولكوني لا أعرف ماذا يقول فمن الظلم أن أتخذ قرارا ضده بنيه سيئة لما يقول، فكانت هذه من أصعب المواقف التي تتعلق باللغة في لعبة كرة القدم».
وشدد جلال على أهمية أن يستخدم الحكم الجانب الإنساني فحينما يتعرض لزلة من لاعب أو مدرب غاضب جراء الضغوط التي عليه، وتعرض فريقه لركلة جزاء مثلا فيجب أن يلعب الحكم دورا إيجابيا في ضبط الأمور وعدم تصعيدها في المرة الأولى بإشهار البطاقة الحمراء، بل إذا تطلب الأمر يمكن أن تشهر البطاقة الصفراء للمرة الأولى قبل توجيه الحمراء إن تكرر الخطأ السلوكي أو الفني من اللاعب أو المدرب.
ويعتقد علي بوجسيم الحكم الإماراتي العالمي أيضا أن الإحراج يكون موجودا، ولكن في الكثير من الأحيان يجب أن يكون الحكم قادرا على قياس الوضع في المباراة من أجل أن يتغلب على هذا الجانب، صحيح أن الحكم لا يتوجب عليه تعلم جميع لغات العالم ولكن من المهم أن يحرص على تعلم الكلمات الأساسية في اللغات العالمية الأكثر أهمية إضافة إلى لغة الإشارة.
ويتذكر بوجسيم قيامه بطرد اللاعب الأرجنتيني الشهير كانيغيا صاحب الشعر الطويل في مباراة منتخبه ضد السويد التي أقيمت في اليابان بمونديال 2002 لأنه قام بالتلفظ علي باللغة الإسبانية وهو على مقاعد الاحتياط، وفهمت ما يقول واتخذت القرار الذي يستحقه.
فيما يؤكد الحكم الكويتي العالمي سعد كميل أنه لا يولي الأحاديث التي لا يفهمها أي أهمية بل إنه يعطي من يخاطبه بها داخل الملعب ظهره، فهناك لغات رئيسية وفي مقدمتها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، ومن المهم أن يكون الحكم حريصا على تعلمها بل إن الفيفا لا يمكنها قبول وجود حكم في بطولة عالمية ما لم يتقن أحد اللغات الأساسية ومن بينها الإنجليزية من أجل كتابة التقارير بعد المباريات.
ويتذكر كميل موقف حصل له لكن بعيد عن التشنج، وهو في مونديال 2002 أيضا حينما طارده اللاعب التركي الشهير سوركور من أجل الاستفسار عن الثانية التي سجل من خلالها الهدف في مرمى المنتخب الكوري الجنوبي في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، وحينما أجبته كحكم ساحة أن الهدف تم تسجيله في الثانية 25 أصر على أنه لم يتخط الثانية السابعة وهذا ما حصل فعلا، وبات هذا الهدف الأسرع في العالم، وكان حديث سوكور معي باللغة الإنجليزية وليس التركية أو الألمانية المتداولة بشكل واسع في تركيا.
وأخيرا يرى الحكم المصري العالمي جمال الغندور أهمية استخدام لغة الإشارة بالطريقة المناسبة وقت ما تتطلب الحاجة، ولكن إتقان بعض اللغات الرئيسية أو على الأقل المعرفة السطحية بها أمر مهم جدا عدا اللغة الإنجليزية التي يعتبر إتقانها من الأساسيات للحكم الدولي.
وعن الموقف الذي تعرض له بشأن اللغة التي لا يفهما قال الغندور: «حصل في مباراة كوريا الجنوبية وإسبانيا بمونديال 2002 أيضا حيث كان مدرب المنتخب الكوري الشهير الهولندي هيدنك كثير الاعتراضات والصراخ، وحينها اضطررت للتوجه إليه، وإذا به يقدم لي قارورة ماء ويطلب مني الشراب منها، فطلبت منه أن يهدأ أعصابه لأنه الأكثر حاجة لشراب الماء أكثر مني، بالطبع لعبت لغة الإشارة دورا فعالا في إيصال الفكرة المطلوبة».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».