أوباما يرفض استقبال نتنياهو قبل توقيع اتفاق مع إيران

أوساط إسرائيلية: واشنطن تستعمل سياسة الجزرة والعصا مع تل أبيب

أوباما يرفض استقبال نتنياهو قبل توقيع اتفاق مع إيران
TT

أوباما يرفض استقبال نتنياهو قبل توقيع اتفاق مع إيران

أوباما يرفض استقبال نتنياهو قبل توقيع اتفاق مع إيران

على الرغم من البوادر الإيجابية التي أطلقها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، تجاه إسرائيل، بعد أن وعده بتزويدها بطائرة «إف 35» التي تعد الأكثر تطورا في العالم، فإن مصادر سياسية في إسرائيل كشفت عن أن الرئيس باراك أوباما يرفض استقبال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، قبل أن يتم توقيع اتفاق بين إيران والدول الست الكبرى.
وقالت هذه المصادر، إن واشنطن تتعامل مع حكومة إسرائيل بسياسة «الجزرة والعصا»، وتتعمد استبعادها عن مركز التأثير على القرار بخصوص إيران، ولكنها في ذات الوقت تقف إلى جانبها في الموضوع الأمني. كما أن الرئيس أوباما يدعو القادة العرب إلى كامب ديفيد ليشرح لهم موقفه ويبدد مخاوفهم، بينما «يترك نتنياهو يتقلب على الجمر من بعيد»، حسب تعبير هذه المصادر.
وذكرت هذه المصادر أن البيت الأبيض أرسل بايدن، الذي يعد الرجل الثاني في السياسة الأميركية، لحضور احتفال السفارة الإسرائيلية في واشنطن بيوم «استقلال» إسرائيل، كخطوة «تظاهرية تحمل رسالة للمواطنين الإسرائيليين مفادها أن الإدارة الأميركية لم تتخل عن التزاماتها لدعم أمن إسرائيل. ولكنها في الوقت نفسه تواصل سياستها في تجاهل حكومة إسرائيل في الموضوع الإيراني». وأعربت هذه المصادر عن خشيتها من «لكمات أميركية انتقامية ردا على سياسة نتنياهو»، وقالت بهذا الخصوص: «لقد بات واضحا أن الإدارة الأميركية تنوي الامتناع عن استخدام الفيتو ضد قرار في مجلس الأمن الدولي حول المبادرة الفرنسية لمشروع إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وذلك في إطار التسوية السياسية لأزمة الشرق الأوسط. وليس مستبعدا أن تكون واشنطن تقف خلف المشروع الذي تنوي نيوزيلندا طرحه على مجلس الأمن بخصوص تسوية هذا الصراع».
وكان جو بايدن، ورغم كلماته الإيجابية في حق إسرائيل، قد تحدث في السفارة الأميركية عن وجود «خلاف إسرائيلي - أميركي في ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني»، وقال إن هذا الخلاف، كما تجلى في تصريحات نتنياهو عشية الانتخابات حول رفض الدولة الفلسطينية، هو الذي زكى تراجع العلاقات بين البلدين». ولكنه اعتبره خلافا في إطار العائلة الواحدة، وقال في هذا الشأن: «ليس سرا أن إدارة أوباما كانت على خلاف مع حكومة نتنياهو. إنه أمر طبيعي لديمقراطيتين مثل بلدينا. فنحن كالأسرة. لدينا الكثير ليقوله بعضنا للآخر. أحيانا يقود بعضنا بعضا للجنون، ولكننا بعضنا يحب بعضا، ويحمي بعضنا بعضا».
وأكد بايدن أن الولايات المتحدة ستزود إسرائيل بمجموعة من مقاتلات «إف 35»، التي سعت إليها إسرائيل في العام المقبل. كما تناول بايدن مخاوف إسرائيل من موافقة أوباما على تخفيف فوري للعقوبات على إيران، كما طالبت بذلك طهران، قائلا إن الاتفاق النهائي، الذي لا يزال قيد التشكيل، يجب أن يضمن جدولا زمنيا لتخفيف تدريجي للعقوبات لمدة سنة واحدة على الأقل كي يصمد مدة لا تقل عن عشر سنوات. وأكد أن الاتفاق النهائي «يجب أن يتضمن تقليصات تدريجية للعقوبات، فإذا لم يتحقق ذلك لن تكون هناك صفقة». كما أوضح أن أوباما يرى أن دعم إسرائيل ليس مجرد أمر سياسي، بل «إلزامي لحماية أمن إسرائيل.. وشخصي بالنسبة لي وللرئيس».
وكتب البروفسور دوري غولد، أحد مستشاري نتنياهو سابقا، والذي يعتبر مقربا منه حتى اليوم، مقالة في صحيفة «يسرائيل هيوم»، التي تعتبر صحيفة نتنياهو، قائلا إن الإدارة الأميركية أخطأت تجاه إيران منذ سنة 1979، عندما اندلعت الثورة الخمينية. وأضاف موضحا: «سيكون من الخطأ أن ننسب مصدر السياسة الأميركية تجاه إيران فقط لأوباما. ففي واشنطن توجد مدرسة تؤيدها شخصيات مركزية تقول إن الولايات المتحدة هي العنصر المركزي لخلق التوترات في الشرق الأوسط وليس إيران. ويعتقد أنصار هذه المقاربة أن إيران طلبت التقرب من الولايات المتحدة بعد هجوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وفي 2003 كانت مستعدة للتوصل إلى صفقة كبيرة مع الولايات المتحدة، ولكن في الحادثتين رفضت الإدارة الأميركية هذه الإشارات الإيرانية».
ويخلص غولد إلى القول إنه «يمكن أن نفهم من أقوال شخصيات إيرانية رفيعة المستوى أن إيران أرادت التوصل إلى تسوية مؤقتة مع الغرب من أجل إخفاء مطامعها الحقيقية في المنطقة. فالمسألة الإيرانية التي يجري بجثها حاليا، لا تتعلق فقط بأجهزة الطرد المركزي والإشراف على المنشآت النووية، بل تتعلق بمسائل أوسع تقتضي التوضيح بشأن الدوافع الحقيقية التي تقف في صلب السياسة الإيرانية: هل تعتبر هذه الدوافع بمثابة رد على استفزاز الغرب أو نتيجة لآيديولوجية إمبريالية للقيادة الإيرانية؟ المسألة الإيرانية تشكل جزءا من النقاش الأوسع حول الحقيقة التاريخية المطروحة تحت البساط في واشنطن منذ أكثر من عقد من الزمن، لكن الآن فقط تمت معرفة التأثير الحاسم للموضوع الأهم المطروح على جدول الأعمال الدولي».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.