الفضاء الإلكتروني.. قنبلة موقوتة ستفجر كل خصوصيات الإنسان

«الإنترنت» ستتوسع بشكل هائل لخدمة تواصل المليارات من الناس والأشياء من دون تأمينها ضد الاختراقات

الفضاء الإلكتروني.. قنبلة موقوتة ستفجر كل خصوصيات الإنسان
TT

الفضاء الإلكتروني.. قنبلة موقوتة ستفجر كل خصوصيات الإنسان

الفضاء الإلكتروني.. قنبلة موقوتة ستفجر كل خصوصيات الإنسان

مارك غودمان خبير التقنيات في إدارة الشرطة بمدينة لوس أنجليس الأميركية المتخصص في الجرائم الإلكترونية يحذر من «المساحة المظلمة المريعة للتقنيات الرائعة التي تعمل سريعا على تغيير وتشكيل حياتنا». وهو ينذرنا باقتراب عاصفة من الجرائم الإلكترونية.
ويقول غودمان مؤلف الكتاب الجديد «جرائم المستقبل»: إن «العالم سيشهد توسع الإنترنت بشكل لا مثيل له. والأمر يشبه الأيام الخوالي عندما نفدت أرقام الهواتف لدى لندن أو نيويورك وكان لزاما إنشاء أرقام هاتفية جديدة للمناطق. وهذا بالضبط ما نفعله بالإنترنت حاليا، ولسوف يكون التأثير مهيبا».

* «الإنترنت» الجديدة
الإنترنت القديمة تدعم نحو 4.5 مليار اتصال متزامن، ولكن نظام العنونة الجديد المزمع الإعلان عنه قريبا تحت مسمى بروتوكول الإنترنت السادس سوف يدعم حتى 79 اكتليونا (واحد وبجانبه 27 صفرا) اتصال في وقت واحد، أي ما يقابل خدمة 78 مليار مليار مليار من الأشياء التي يمكن وصلها على الإنترنت في نفس الوقت. لذا، إذا كانت الإنترنت في يومنا هذا بحجم ملعب للغولف، فإنها في خلال الأعوام القليلة القادمة سوف تنمو حتى تقارب حجم الشمس ذاتها. وكل حبة رمل على كوكبنا سوف يكون لها عنوان على الإنترنت متضاعف تريليون مرة.
ويضيف: «في السابق، لم يكن يساورني القلق حول التلفاز القابل للقرصنة، أو منظم دقات القلب القابل للقرصنة، أو السيارة القابلة للقرصنة، أو حتى الحيوان الأليف القابل للقرصنة. ولكن الآن صار كل ذلك ممكنا.. لقد تمكنا من وصل العالم ببعضه البعض، غير أننا فشلنا في تأمينه»، كما يقول في حديث لمجلة «نيوساينتست» البريطانية.
في الماضي، كان بإمكانك شراء مسدس أو سكين، ثم تختبئ في زقاق مظلم حتى يمر بك أحد البلهاء فتبرز إليه وتقول «أعطني حافظة نقودك، غير أنك لن تستطيع سرقة إلا 4 أو 5 أشخاص باليوم الواحد. إلا أننا الآن نشاهد نقلة نوعية في عالم الجريمة، ففي قرصنة إلكترونية واحدة تعرضت لها شركة (تارغيت) للتجزئة في الولايات المتحدة عام 2013، وقع أكثر من ثلث المواطنين الأميركيين ضحايا لتلك الهجمة، ومن بينهم عشرات ملايين المواطنين الذين سرقت بياناتهم المصرفية. ولذلك، يمكن لشخص وحيد اليوم سرقة مائة مليون شخص في اليوم الواحد. لم يكن ذلك ممكنا أبدا في الماضي نظرا لاتصالنا جميعا عبر تقنيات ضعيفة.

* تقنيات المجرمين
وكان غودمان على دراية باستخدام أدق تفاصيل التقنيات، وعمل مع الإنتربول لمدة 10 سنوات، في مساعدة قوات الشرطة حول العالم على مواجهة الجرائم الإلكترونية. ويقول إنه تعرف على قيام الأشرار باستغلال التقنيات الحديثة، ففي أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، حينما لم تكن أجهزة (بيجر) للتراسل شائعة الاستخدام كان يرى أفراد العصابات وتجار المخدرات يحملونها ويتواصلون من خلالها.
تحمل البرمجيات الحديثة رموزا للقرصنة بين طيات البرامج، فإذا ما كنت تريد تنفيذ قرصنة على أحد البنوك قبل 20 عاما مثلا، كان لزاما عليك أن تكون من خبراء القرصنة المعدودين. أما الآن، فما عليك إلا دفع مقابل مادي معين إلى أحد الخبراء الذين يدرجون معرفتهم التقنية العالية في برمجياتهم الإجرامية. ومعظم هجمات القرصنة الحالية لا يشرف عليها البشر، فحادثة القرصنة على شركة تارغيت نفذها صبي يبلغ 17 عاما من عمره يعيش في موسكو كان قد ابتاع بعض البرمجيات من على الإنترنت مكنته من الولوج إلى شبكة الشركة المذكورة.

* اختراقات إلكترونية
إن كل جهاز متصل بالإنترنت يعد هدفا للمجرمين، إذ لم يتمكن أحد قط من بناء نظام حاسوبي ضد الاختراق والقرصنة. ويقول غودمان إننا نسابق الزمن وبسرعة فائقة لوصل كل جهاز لدينا بالإنترنت وكلها أجهزة غير آمنة تماما. ينبغي علينا التوقف للحظات. إذا ما اخترق أحدهم تلفازي، فهل سوف أعير الأمر أي أهمية؟ ولكن كل الخدمات العالمية الحساسة تديرها الكومبيوترات، وإننا نرى تلك الكومبيوترات عرضة للهجمات والقرصنة أكثر من ذي قبل. يسعى الناس جميعهم نحو السلطة. والآن، إذا ما سيطرت على الرموز ن فإنك تسيطر على العالم.
إن الأدوات التي نستخدمها في حماية أنفسنا يمكن تخريبها واستخدامها ضد مصالحنا. وهذا ما يمكن تسميته «نموذج الجودو من الأمن الإلكتروني» - بمعنى استخدام قوة خصمك في هزيمته. فلا يمكنك التأكد أنه حينما تنتشر 300 كاميرا مراقبة مثلا شوارع لندن، أو في أي مدينة، أن الحكومة فقط هي من تراقب تلك الشوارع.
كما لا يمكن لأحدنا الوثوق فيما تعرضه علينا الشاشات. كلنا نتلقى رسائل وهمية على البريد الإلكتروني تبدو وكأنها قادمة من البنوك التي نتعامل معها. ولقد انتقل ذلك الأمر إلى مستوى جديد تماما مع هجمات دودة ستوكسنت الإلكترونية التي تعرضت إليها إيران في عام 2010. فلقد كان المهندسون النوويون يطالعون الشاشات التي تعرض لهم حالة أجهزة الطرد المركزية العاملة على تخصيب اليورانيوم. وكانت الشاشات تشير إلى أن كل شيء على ما يرام في الوقت الذي كانت أجهزة الطرد المركزية تخرج عن السيطرة. والحقيقة، أن أحد المتسللين قد تمكن من اختراق المساحة الفاصلة بين ما يجري في الواقع وبين ما تعرضه الشاشات. بالتالي، ووفقا لذلك المثال، صرنا مقطوعو الصلة بالواقع المادي، بهذه الطريقة.

* حافة الخطر
غالبا ما يقال إننا على حافة الخطر إذا ما تحدثنا عن الأمن الإلكتروني، فهل ذلك معقول؟ إذا ما كنت راضيا بجهلك التام حول التكنولوجيا وتسعد كثيرا ببعض النقرات البسيطة على هاتفك الآيفون، فإنك بالتأكيد في خطر كبير. فهناك شخص ما في الخارج يدرك تماما كيف يعمل ذلك الهاتف ولسوف يستخدم معرفته تلك ضدك في يوم ما. علينا أن نتيح للناس نوعا من الصحة التقنية.
في عالم الواقع أغطي فمي إذا ما عطست، لكن ليس لدينا أي فكرة عن شكل النظافة على الإنترنت، لذا نستمر في نشر «المرض»، وإرسال ملفات ملحقة برسائل بالبريد الإلكتروني تحتوي على فيروسات، وندخل وحدات ذاكرة محمولة لغرباء في أجهزة الكومبيوتر الخاصة بنا.
مع ذلك من أسباب المخاطر الرئيسية التي نواجهها اليوم هي البرامج السيئة. صحيح أن عملية التشفير معقدة، لكن شعار موقع «فيسبوك» مثلا هو «تحرك بسرعة واكسر الأشياء». بعبارة أخرى، السرعة بالنسبة إلى السوق أهم من الأمان. ومن السخف إلقاء اللائمة على البشر عوضا عن الالتفات إلى مدى سوء فعالية تصميم العنصر الأمني في النظم والبرامج.

* روبوتات معادية
وإذا أصلحنا عنصر أمن الإنترنت، هل يمكن ألا نقلق؟ إن التهديدات التي نتحدث عنها تقبع وراء شاشات الكومبيوتر. إذا سرق أحدهم 50 دولارا من حسابك المصرفي، فلن تتضرر بدنيًا، لكننا قد نتضرر مع انتشار الأجهزة الموصولة بالإنترنت.
ونحن الآن أمام واقع جديد إذ إن نسبة كبيرة من الأجهزة التي سنستخدمها قريبا في الاتصال بالإنترنت ستصبح روبوتات تستطيع التحرك. لقد اقتربنا من اختراع ملايين من أجهزة الكومبيوتر التي تسير، وتزحف، وتتدحرج، وتسبح. إنها ستحلق مثل الطائرات التي تعمل من دون طيار، وتلاحقنا في أسراب، وتتبعنا في الشوارع. تستطيع الروبوتات الركل، وتسديد اللكمات، والتصويب.. وكذلك يمكن اختراقها.
ولقد شهدنا بالفعل أمثلة لأشخاص يستخدمون طائرات تعمل من دون طيار. وألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي القبض على شاب يدعى رضوان فردوس كان يخطط لوضع متفجرات على طائرات صغيرة تعمل من دون طيار وتوجيهها نحو مبنى وزارة الدفاع الأميركية، والبيت الأبيض. وفي سياتل كان هناك سيدة تغير ملابسها دون إسدال ستائر غرفتها في الطابق الخامس والعشرين في أحد المباني، وهو أمر لم يكن يثير قلقها في الماضي، لكنها عندما نظرت من النافذة وجدت طائرة صغيرة من دون طيار تصورها. وإذا اتصلت بالشرطة وقلت: «هناك طائرة من دون طيار تحلق خارج شقتي»، ماذا ستفعل الشرطة؟ لا توجد أي وسائل متاحة.

* أسلحة بيولوجية
* ماذا عن علم البيولوجيا الصناعية؟ على الأرجح هناك مشكلات في هذا المجال أيضًا. من أين نبدأ؟ إذا كنت بمقدورك تسجيل مكونات الحمض النووي، فبإمكانك أيضا اختراقه. ومكونات الأسلحة البيولوجية مثل الإيبولا، والأنفلونزا الإسبانية، متوفرة على الإنترنت. وقد انخفضت تكلفة تصنيعها كثيرًا، وقدرتنا على فك شفرة الحمض النووي تزداد بسرعة هائلة. وفي ظل استخدام عشرات الآلاف من الأشخاص لهذه التكنولوجيا، لن يكون من المستغرب وجود بضع أناس أشرار. وهناك احتمال آخر هو الهجوم على فرد بعينه. إذا استطعت التوصل إلى علاج لمرض السرطان يختلف باختلاف المرضى، فيمكنك التوصل إلى سلاح بيولوجي مصمم للهجوم على الشفرة الوراثية الخاصة بشخص ما. ونحن غير مستعدين إطلاقا لمواجهة تلك الأحداث السيئة.
وفي المقابل وعلى صعيد الذكاء الصناعي، ينبغي أن نستغل ما لدينا من كم بيانات هائل في حل الجرائم. كذلك سوف نرى تطورا كبيرا في التكنولوجيا العسكرية، حيث سنجد روبوتات مسلحة، وطائرات تعمل من دون طيار تستخدم ضمن قوات حماية القانون المدنية.

* «مشروع مانهاتن» جديد
ويرى غودمان ضرورة وضع مشروع جبار لمكافحة اختراق الإنترنت. فالمستقبل التكنولوجي المذهل، الذي وعدنا به «سيليكون فالي»، لن يكون مجانيا وبلا مقابل، بل سيحتاج إلى وقت، ومال، وجهد ودمان.
وللمقارنة فكروا في الخطر الوجودي، الذي واجهته قوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، وهو احتمال أن يسبق النازيون غيرهم في تصنيع قنبلة نووية. ودفع هذا الخطر الحلفاء إلى التحرك، وبذل الجهد. في مشروع مانهاتن، زاد عدد الحلفاء عن 110 آلاف شخص حول العالم يعملون على مدار الساعة، وطوال أيام الأسبوع.
واختيار هذا التشبيه يأتي من أجل وضع مشروع مانهاتن جديد لمقاومة خطر الجرائم الإلكترونية لأن ما نواجهه من خطر لا يقل عن ذلك الخطر. والكومبيوتر يشغل مركز العالم الذي نبنيه، وهو عنصر أساسي في شبكات الكهرباء، والدفاع الوطني، والرعاية الصحية، والنقل. وقد يؤدي احتراق تلك الأنظمة إلى انقطاع الكهرباء، أو المياه النظيفة، أو تسرب الصرف الصحي إلى الشوارع.



هل يخضع رواد الفضاء إلى تعديلات جينية بهدف استعمار المريخ؟

رسم تخيلي لمستعمرة على كوكب المريخ
رسم تخيلي لمستعمرة على كوكب المريخ
TT

هل يخضع رواد الفضاء إلى تعديلات جينية بهدف استعمار المريخ؟

رسم تخيلي لمستعمرة على كوكب المريخ
رسم تخيلي لمستعمرة على كوكب المريخ

يبدو هذا السؤال افتراضياً، إذ ليس بمقدورنا أن نعرف ماهية الخصائص المثلى للحياة على المريخ، لذا فإن الجواب عليه: لا.

فهم ناقص لبيئة المريخ

قد نتصور أننا نفهم البيئات المريخية المختلفة، لكن الحقيقة أن معرفتنا غير مكتملة. كما أن جنسنا البشري، حتى دون تغيير، يكتشف بسرعة سبلاً لإنجاز أشياء لم يسبق التنبؤ بها، مثل طريقة المشي على القمر.

وحتى لو حاولنا ذلك، أي إجراء التغيير الجيني للرواد، فإن الأمر سيستغرق أجيالاً لتثبيت هذه التغييرات الجينية داخل مجموعة منهم (بهدف إنشاء نمط وراثي متخصص).

وإذا افترضنا أن المشروع بدأ بمتطوعين، فسوف يتعين عليه فرض المشاركة على الأجيال التالية التي تملك الجينات المطلوبة، مع رفض الأطفال الذين لا يمتلكونها. وداخل معظم المجتمعات، فإن هذا غير مقبول على الإطلاق.

وعبر فترة تنفيذ مثل هذا المشروع الممتد لسنوات، وقبل انطلاق الرحلات بين الكواكب، ستطرأ تغييرات هائلة على مجتمعنا وتقنياتنا وسياساتنا والأوضاع المالية العالمية. وسيظل هذا المشروع تحت تهديد مستمر.

جينات «معوقة» ومفيدة للبقاء

وفي الواقع، فإن أي مجموعة سكانية رائدة تصل إلى المريخ، ربما تتخلص تدريجياً من الجينات التي تعوق بقاءها هناك.

في الوقت ذاته، فإن أي مجموعة رائدة من السكان تصل إلى المريخ، وترسخ وجودها هنا، ربما تطور بنفسها على نحو طبيعي الجينات المفيدة لبقائها على المريخ، بينما تتخلص من الجينات الأخرى التي تعيق بقوة هذا البقاء. وحتى في هذه الحالة، قد يستغرق الأمر أجيالاً كثيرة. إضافة إلى ذلك، سيتطلب الأمر مجتمعاً يتقبل موت أولئك الذين لا يناسبهم العيش على المريخ. جدير بالذكر هنا أن البشرية الحديثة (على الأرض) تعمد إلى دعم الأشخاص الضعفاء، بدلاً من التخلي عنهم.

وعليه، فإن إرسال آلات رائدة إلى المريخ قبل أن يحاول البشر إنجاز ذلك، سيكون سبيلاً أسرع وأكثر إنتاجية. ويمكن «تطوير» مثل هذه الآلات والروبوتات عدة مرات خلال حياة الإنسان الواحد. وعبر تطوير هذه الآلات هنا أو على المريخ، يمكن للبشر أن يتعلموا الكثير فيما يتعلق بما قد نحتاجه للبقاء على قيد الحياة على المريخ بصفتنا بشراً عاديين.

الهندسة الجينية للإنسان

طرح كيم ستانلي روبنسون هذا التساؤل في ثلاثية رواياته عن المريخ. وأطلق على المستعمرين الأوائل للمريخ اسم المائة الأولى First Hundred، وسرعان ما انقسموا إلى فصيلين: «الخضر»، كانوا يؤيدون التعديل الوراثي، بينما عارض «الحمر» هذا الأمر. وبمرور الوقت، أصبح هذا الأمر مصدراً للتوتر.

وبالنظر إلى أن المركزية العرقية موجودة بالفعل على الأرض، بناءً على اختلافات أصغر - بما في ذلك العرق والدين والثقافة - فإن هندسة الاختلافات الجينية المهمة قد تطرح مصدراً آخر للتمييز الذي ربما يشعل صراعاً على المريخ، وكذلك بين المريخيين والناس على الأرض.

بجانب ذلك، فإن كل سمة مرغوبة تتطلب تعديل كثير من الجينات. وقد تتفاعل الجينات المعدلة بطرق غير متوقعة، ما يؤدي إلى مشكلات صحية غير متوقعة أو آثار جانبية غير مقصودة. وربما يشكل ذلك الخطوة الأولى نحو تكوين أنواع جديدة، رغم أن هذا قد يتطلب فترة عزلة طويلة لسكان المريخ.

ويشكل الإشعاع الكوني المؤين أحد المخاطر الأشد خطورة، التي تهدد البشر الذين يسافرون إلى الفضاء أو يعيشون على سطح المريخ، وذلك لافتقار المريخ إلى المجال المغناطيسي للأرض (الذي يحرف الإشعاع الكوني والشمسي)، والغلاف الجوي السميك للأرض الذي يمتصه.

مقاومة مخاطر الإشعاع الكوني

ويعتقد بعض علماء الوراثة، مثل جورج تشرش، أن الجينات يمكن تعديلها لجعل البشر أكثر مقاومة للتأين. وربما يتمثل خيار آخر في دمج الحمض النووي لأنواع أخرى مقاومة للإشعاع، مثل «بطيئات المشي المجهرية» microscopic tardigrades. (تعد هذه الكائنات الحية أيضاً أقوى وأغرب الحيوانات في العالم وأول نوع من الحيوان في العالم يستطيع العيش في الفضاء الخارجي - ويكيبيديا - المحرر).

وبطبيعة الحال، فإن أحد البدائل التقليدية أن يعيش المستعمرون الجدد للكوكب داخل مستوطنات تحت السطح.

وبدلاً من الدروع المكلفة والثقيلة، يمكن لرواد الفضاء الذين يسافرون عبر الفضاء بين النجوم، أن يتنفسوا مزيجاً من الغازات العلاجية، للحماية من التعرض للإشعاع. وهنا على الأرض يتنفس بعض الغواصين المحترفين مخاليط الغاز، لتجنب مرض الضغط أو تخدير النيتروجين. وربما يستخدم رواد الفضاء في المستقبل «التنفس السائل»، كما ورد في فيلم «الهاوية» (The Abyss).

أي مجموعة سكانية في المريخ ستتخلص من جيناتها المعوقة لضمان بقائها

جدير بالذكر أن قوة المجال الجاذبي على سطح المريخ تعادل 38 في المائة من قوة المجال الجاذبي على الأرض، ما قد يؤدي إلى ضمور العضلات وفقدان كثافة العظام (هشاشة العظام). كما أن التكيف مع القلب والأوعية الدموية سيكون مطلوباً كذلك.

وفي حين أن التعديل الجيني أحد الخيارات، فإن الحلول الفنية متاحة كذلك، مثل توليد الجاذبية الاصطناعية عبر دوران المركبات الفضائية، كما صورتها مركبة إندورانس الفضائية في فيلم «إنترستيلار». ويمكن وضع هذه الأسطوانات الدوارة، إما في مدار حول المريخ، وإما وضعها على مسارات على السطح في شكل مخاريط دوارة، مع مراعاة قوة الجاذبية التي يتمتع بها الكوكب.

روبوتات المريخ

قد يكون أفضل «إنسان» مناسب للمريخ هو «داليك» (Dalek)، الروبوت الشهير في مسلسل «دكتور هو» الإنجليزي. وإذا كان لنا أن نعيش بالكامل داخل نظام لدعم الحياة، فإننا نحتاج إلى التكيف مع ذلك. لذلك، يجري اختيار رواد الفضاء بأجسام أصغر ووزن أخف، كي يتناسبوا بشكل أفضل مع المركبات الفضائية. كما أن معدل الأيض (التمثيل الغذائي) لديهم أقل، وبالتالي فإن المؤن تستمر لفترة أطول.

وسيحتاج هؤلاء «الداليك» إلى هيكل خارجي آلي مُعاد تصميمه، لأن الغطاسات التقليدية الموجودة على أذرعهم لا تمنحهم مهارة جيدة، وإلا سيحتاجون إلى الاستعانة ببعض البشر العاديين لإنجاز مهام معقدة.

*مجلة «نيو ساينتست»، خدمات «تريبيون ميديا».