يعتزم المغرب إطلاق حملة إعلامية خلال الأيام المقبلة بهدف تشجيع المواطنين على التبرع بأعضائهم، بسبب النقص الحاد في عدد المتبرعين، سواء أحياء، أو بعد الوفاة، وذلك نتيجة التحفظ الديني إزاء هذا الموضوع.
وأقر الحسين الوردي، وزير الصحة المغربي أمس، خلال لقاء نظمته وزارته في الرباط، بدعوة من أطباء متخصصين وعلماء دين، بأنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت من طرف الوزارة للنهوض بمجال زرع الأعضاء والأنسجة، فإن النتائج تظل ضعيفة مقارنة مع الدول المجاورة والدول المتقدمة، مشيرا إلى أنه ما بين عامي 2012 و2014، جرت 125 عملية زرع للكلى، و5 عمليات زرع للكبد، في حين تقدر الأرقام المسجلة في فرنسا بـ9105 عمليات زرع للكلى، ونحو 3181 عملية زرع كبد، أما بخصوص نسبة المتبرعين من بين المانحين الأموات فقد وصلت فقط إلى 0.4 لكل مليون شخص في المغرب، مقابل 24.8 في فرنسا.
وأوضح الوردي أن السبيل لتجاوز النقص الحاد في مجال زرع الأعضاء والأنسجة يتمثل في إنجاز أكثر من ألف عملية زرع قرنية، و250 عملية زرع للكلى، و300 عملية زرع نخاع العظام سنويا، داعيا المؤسسات الدينية إلى المساهمة في إقناع المغاربة بالتبرع بأعضائهم والتخلص من تحفظهم في هذا الشأن.
واستجاب أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذه الدعوة، حيث تعهد بتوزيع خطبة الجمعة على الأئمة تتناول هذا الموضوع تحديدا، بالإضافة إلى تأهيل الأئمة واطلاعهم من قبل مختصين من وزارة الصحة على الجوانب العلمية والطبية لعمليات الزرع، مشيرا إلى أن المغرب حسم في الجدل حول شرعية مسألة التبرع بالأعضاء من الناحية الدينية، وذلك بصدور ظهير (قانون) ينظم هذا المجال، وقال إن الأمر يتطلب شجاعة كبرى للتخلص من التردد.
ويتوفر المغرب على قانون يسمح بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها، صدر عام 1999، ويتميز بصرامته بحيث يمنع بشكل مطلق الاتجار بالأعضاء.
بدوره، عد محمد يسف، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، التبرع بالأعضاء بمثابة «جهاد بالنفس»، و«صدقة جارية»، وهو الرأي نفسه الذي عبر عنه مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الذي سبق له أن أعلن عن تسجيل اسمه ضمن لائحة المتبرعين بأعضائهم بعد الوفاة. وقال الرميد بهذا الخصوص إن «المرضى الذين يحتاجون لهذه الأعضاء أولى بها من الديدان»، مضيفا أن «الحصيلة الهزيلة للمتبرعين، والتي لم تتجاوز 28 حالة خلال 10 سنوات كانت صاعقة ومؤلمة ولا تصدق»، وعد الأمر بمثابة «المنكر الذي ينبغي تغييره». كما دعا الرميد المغاربة إلى التخلص من الخوف والتردد والشك لأن التبرع بالأعضاء نوع من الإحسان والجهاد، وقال في هذا الشأن «إذا كان الغرب يتفوق علينا من الناحية التكنولوجية، فلا ينبغي أن نسمح بأن يتفوق علينا في القيم والأخلاق».
وكشف وزير الصحة أن المغرب كان سباقا على المستوى المغاربي في مجال زرع الأعضاء والأنسجة، حيث أجريت أول عملية زرع كلى على المستوى المغاربي سنة 1985 في الدار البيضاء، وعملية زرع القلب سنة 1995 بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، لكنها ظلت العملية الوحيدة، كما أجريت أول عملية لزرع النخاع العظمي بالمركز الاستشفائي ابن رشد سنة 2004. أما زراعة القرنية فلم يبتدئ العمل بها إلا سنة 2009 رغم سهولتها التقنية، وذلك بسبب عدم توفر المغرب آنذاك على بنك للأنسجة، مما اضطره إلى استيراد القرنيات من بنك الأنسجة الأميركي لفائدة المراكز الاستشفائية الجامعيةً.
كما عرف المغرب انطلاقا من سنة 2010 إنجاز أول عملية زرع الأعضاء من مانحين في حالة موت دماغي بموافقة عائلاتهم، وذلك بالمستشفى الجامعي بالدار البيضاء، قبل أن تعمم بالمستشفيات الجامعية الأخرى. كما أنجز المستشفى الجامعي محمد السادس في مراكش سنة 2014 أول عمليتين لزرع الكبد، تلتها 3 عمليات أخرى في كل من الدار البيضاء والرباط. كما أجريت في المركز الجامعي الحسن الثاني بفاس عمليات معقدة لزرع الأطراف، عدت الأولى من نوعها سنة 2014.
المغرب يطلق حملة لإقناع المغاربة بالتبرع بأعضائهم
بسبب التحفظ الديني والنقص الحاد في عدد المانحين
المغرب يطلق حملة لإقناع المغاربة بالتبرع بأعضائهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة