وزير الكهرباء السوري يطالب بـ«عدالة قطع الكهرباء».. والسوريون يردون بالنكات

خسائر القطاع الكهربائي في سوريا خلال السنوات الأربع الماضية بلغت 400 مليار ليرة

وزير الكهرباء السوري يطالب بـ«عدالة قطع الكهرباء».. والسوريون يردون بالنكات
TT

وزير الكهرباء السوري يطالب بـ«عدالة قطع الكهرباء».. والسوريون يردون بالنكات

وزير الكهرباء السوري يطالب بـ«عدالة قطع الكهرباء».. والسوريون يردون بالنكات

عادت أزمة الكهرباء وزيادة ساعات التقنين لتتفاقم خلال الأسبوع الأخير، تزامنا مع تعرض البلاد لمنخفض جوي عاصف وهبوط درجات الحرارة، والاضطرار لاستخدام الكهرباء في التدفئة، ودأبت الحكومة السورية على مواجهة زيادة الاستهلاك بزيادة ساعات التقنين، متذرعة بـ«هجوم الإرهابيين على محطات الكهرباء والتسبب بأزمة الكهرباء»، حتى غدت الأخبار المتكررة عن تعرض خطوط تزويد الكهرباء لهجوم إرهابي مع كل زيادة في التقنين، إحدى أكثر النكات شيوعا بين السوريين الذين تتعمق معاناتهم المعيشية يوما بعد آخر.
وفي مفارقة مستهجنة، طالب وزير الكهرباء السوري عماد خميس مؤسسات الكهرباء بالتوزيع «العادل» لساعات التقنين بين المناطق «بشكل كامل». والمفارقة أن وزير الكهرباء عماد خميس الذي بات أيضا أحد أكثر الشخصيات في حكومة النظام السوري التي تتناولها النكات الساخرة والساخطة، باعتباره المسؤول عن انقطاع الكهرباء، يطالب بتوزيع عادل للتقنين! ومن النكات الأكثر شيوعا أن «أم وشقيقة وزير الكهرباء، هما الشخصيتان النسائيتان الأبرز والأشهر والأكثر حضورا على ألسنة السوريين»، ونكتة أخرى مفادها أن موظف قطع التيار الكهرباء وقبل أن يغلق مفتاح الكهرباء يتمتم: «والقايل»، أي أنه يرد الشتائم التي تنهال من عموم السوريين عليه قبل أن تبدأ.
وجاء التصريح الأخير لوزير الكهرباء حول مطالبته بتوزيع عادل للتقنين، ورغم مصداقيته ليضاف إلى سلسلة النكات الخاصة بالكهرباء، فتتساءل حياة ن. (50 عاما) التي تسكن في حي عين الكرش بمنطقة ساروجة وسط دمشق: «إذا كان حضرة جناب الوزير يطالب بتوزيع عادل للتقنين فنحن بماذا نطالب نحن!! لم يتركوا لنا شيئا». وتضيف حياة: «بعد أن تراجع عدد ساعات التقنين إلى أربع ساعات، عاد ليرتفع الأسبوع الماضي إلى ست أو سبع ساعات مع موجة البرد، علما بأنه في أحياء أخرى لا تنقطع أبدا لأن سكانها محظوظون بجيران من المسؤولين الكبار».
وبينما يشكو معظم سكان أحياء العاصمة من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، ينعى الكهرباء سكان مناطق أخرى في ريف دمشق من تلك الواقعة تحت سيطرة النظام، إذ لا يرونها أكثر من نصف ساعة كل 24 ساعة ظلام. ويقول أحمد ف. من سكان صحنايا: «خلال ثلاثة أيام نسينا اختراع اسمه الكهرباء، ولكن المؤسسة مشكورة كانت تغدق علينا النور مدة نصف ساعة كي لا ننسى».
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) الرسمية يوم (الخميس) عن وزير الكهرباء عماد خميس قوله خلال اجتماع له مع شركة كهرباء حمص، تشديده على «أهمية التزام العاملين على محطات التحويل ببرامج التقنين، لكي يكون التوزيع عادلاً ومنصفًا بين كل المناطق بشكل كامل، والتقيد بالتعليمات التي تصدر من مركز التنسيق الرئيسي لجهة التوزيع».
ويشتكي سكان المناطق التي تسيطر عليها السلطات من عدم العدالة في التقنين، فأحياء بوسط دمشق على سبيل المثال لا يشملها التقنين، كما أن المنازل المجاورة لأفرع أمنية تكون خارج خارطة التقنين، فيما المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تقطع عنها الكهرباء تلقائيًا، بينما تقول الوزارة إنها تعمل على المساواة بين الجميع بساعات التقنين وتلافي الخروقات.
وأكد خميس «عدم وجود أي استثناءات من التقنين، ماعدا المنشآت الصناعية التي توفر لها آلية تغذية مستقلة (8 ساعات) لتحقيق إنتاج مستمر كي يستطيع الصناعيون متابعة العمل دون انقطاع».
يُشار إلى أن خسائر القطاع الكهربائي في سوريا خلال السنوات الأربع الماضية بلغت 400 مليار ليرة، إضافة إلى مقتل 170 عاملاً أثناء عملهم، حسب أرقام وزارة الكهرباء التي تشير أيضا إلى توقف 34 مجموعة توليد من أصل 54 مجموعة عن العمل، مما أدى إلى انخفاض كميات الطاقة الكهربائية المولدة بشكل كبير، حيث وصلت إلى حدود 2000 ميغاواط، علمًا بأن حاجة سوريا من الطاقة تبلغ حاليًا نحو 6 آلاف ميغاواط. مما دفع وزارة الكهرباء إلى تطبيق برنامج تقنين كهربائي في جميع المحافظات، تجنبا لانهيار الشبكة الكهربائية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».