عادت أزمة الكهرباء وزيادة ساعات التقنين لتتفاقم خلال الأسبوع الأخير، تزامنا مع تعرض البلاد لمنخفض جوي عاصف وهبوط درجات الحرارة، والاضطرار لاستخدام الكهرباء في التدفئة، ودأبت الحكومة السورية على مواجهة زيادة الاستهلاك بزيادة ساعات التقنين، متذرعة بـ«هجوم الإرهابيين على محطات الكهرباء والتسبب بأزمة الكهرباء»، حتى غدت الأخبار المتكررة عن تعرض خطوط تزويد الكهرباء لهجوم إرهابي مع كل زيادة في التقنين، إحدى أكثر النكات شيوعا بين السوريين الذين تتعمق معاناتهم المعيشية يوما بعد آخر.
وفي مفارقة مستهجنة، طالب وزير الكهرباء السوري عماد خميس مؤسسات الكهرباء بالتوزيع «العادل» لساعات التقنين بين المناطق «بشكل كامل». والمفارقة أن وزير الكهرباء عماد خميس الذي بات أيضا أحد أكثر الشخصيات في حكومة النظام السوري التي تتناولها النكات الساخرة والساخطة، باعتباره المسؤول عن انقطاع الكهرباء، يطالب بتوزيع عادل للتقنين! ومن النكات الأكثر شيوعا أن «أم وشقيقة وزير الكهرباء، هما الشخصيتان النسائيتان الأبرز والأشهر والأكثر حضورا على ألسنة السوريين»، ونكتة أخرى مفادها أن موظف قطع التيار الكهرباء وقبل أن يغلق مفتاح الكهرباء يتمتم: «والقايل»، أي أنه يرد الشتائم التي تنهال من عموم السوريين عليه قبل أن تبدأ.
وجاء التصريح الأخير لوزير الكهرباء حول مطالبته بتوزيع عادل للتقنين، ورغم مصداقيته ليضاف إلى سلسلة النكات الخاصة بالكهرباء، فتتساءل حياة ن. (50 عاما) التي تسكن في حي عين الكرش بمنطقة ساروجة وسط دمشق: «إذا كان حضرة جناب الوزير يطالب بتوزيع عادل للتقنين فنحن بماذا نطالب نحن!! لم يتركوا لنا شيئا». وتضيف حياة: «بعد أن تراجع عدد ساعات التقنين إلى أربع ساعات، عاد ليرتفع الأسبوع الماضي إلى ست أو سبع ساعات مع موجة البرد، علما بأنه في أحياء أخرى لا تنقطع أبدا لأن سكانها محظوظون بجيران من المسؤولين الكبار».
وبينما يشكو معظم سكان أحياء العاصمة من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، ينعى الكهرباء سكان مناطق أخرى في ريف دمشق من تلك الواقعة تحت سيطرة النظام، إذ لا يرونها أكثر من نصف ساعة كل 24 ساعة ظلام. ويقول أحمد ف. من سكان صحنايا: «خلال ثلاثة أيام نسينا اختراع اسمه الكهرباء، ولكن المؤسسة مشكورة كانت تغدق علينا النور مدة نصف ساعة كي لا ننسى».
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) الرسمية يوم (الخميس) عن وزير الكهرباء عماد خميس قوله خلال اجتماع له مع شركة كهرباء حمص، تشديده على «أهمية التزام العاملين على محطات التحويل ببرامج التقنين، لكي يكون التوزيع عادلاً ومنصفًا بين كل المناطق بشكل كامل، والتقيد بالتعليمات التي تصدر من مركز التنسيق الرئيسي لجهة التوزيع».
ويشتكي سكان المناطق التي تسيطر عليها السلطات من عدم العدالة في التقنين، فأحياء بوسط دمشق على سبيل المثال لا يشملها التقنين، كما أن المنازل المجاورة لأفرع أمنية تكون خارج خارطة التقنين، فيما المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تقطع عنها الكهرباء تلقائيًا، بينما تقول الوزارة إنها تعمل على المساواة بين الجميع بساعات التقنين وتلافي الخروقات.
وأكد خميس «عدم وجود أي استثناءات من التقنين، ماعدا المنشآت الصناعية التي توفر لها آلية تغذية مستقلة (8 ساعات) لتحقيق إنتاج مستمر كي يستطيع الصناعيون متابعة العمل دون انقطاع».
يُشار إلى أن خسائر القطاع الكهربائي في سوريا خلال السنوات الأربع الماضية بلغت 400 مليار ليرة، إضافة إلى مقتل 170 عاملاً أثناء عملهم، حسب أرقام وزارة الكهرباء التي تشير أيضا إلى توقف 34 مجموعة توليد من أصل 54 مجموعة عن العمل، مما أدى إلى انخفاض كميات الطاقة الكهربائية المولدة بشكل كبير، حيث وصلت إلى حدود 2000 ميغاواط، علمًا بأن حاجة سوريا من الطاقة تبلغ حاليًا نحو 6 آلاف ميغاواط. مما دفع وزارة الكهرباء إلى تطبيق برنامج تقنين كهربائي في جميع المحافظات، تجنبا لانهيار الشبكة الكهربائية.
وزير الكهرباء السوري يطالب بـ«عدالة قطع الكهرباء».. والسوريون يردون بالنكات
خسائر القطاع الكهربائي في سوريا خلال السنوات الأربع الماضية بلغت 400 مليار ليرة
وزير الكهرباء السوري يطالب بـ«عدالة قطع الكهرباء».. والسوريون يردون بالنكات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة